يبدو أن أزمة اتفاقية "ترسيم الحدود البحرية"، التي وقعتها مصر والسعودية، يوم الجمعة الماضي، في طريقها لأن تتحول إلى أزمة إقليمية كبرى، وسط غضب شعبي مصري متصاعد ضدها، وتصميم رئاسي مصري على المضي قدما فيها، وتساؤلات إقليمية بشأن الجزيرتين، اللتين تتيح السيطرة عليهما إمكان التحكم في "خليج العقبة"، على البحر الأحمر.

Ad

فقد دخلت إسرائيل وأميركا على خط الأزمة، حيث كشف مصدر مصري رفيع المستوى لـ "الجريدة"، أن إسرائيل طلبت من مصر، عقد لقاء مع ممثلين عن جهاز سيادي، خلال أيام، للاستفسار بشأن "جسر الملك سلمان" البري، المفترض إقامته بين مصر والسعودية، وجزيرتي صنافير وتيران، وتأثير الاتفاقية الحدودية بين القاهرة والرياض، على حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، لافتا إلى أن الرد المصري على الجانب الإسرائيلي سيتضمن أن مصر ملتزمة ببنود اتفاقية "كامب ديفيد" من دون تعديل".

وأكد المصدر أن مصر أبلغت الجانب الإسرائيلي بأن قرار تسليم الجزيرتين للسعودية، نهائي ولا تراجع عنه، على أن تظل تحت الحماية المصرية حتى إشعار آخر، مؤكدا أن الجانب الأميركي استفسر أيضا عن تأثيرات تسليم الجزيرتين للسعودية.

وبينما تلح إسرائيل على ضرورة ضمان استمرار حركة الملاحة من دون مشكلات أمنية، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبدالله السناوي، أن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية مأزق كبير، مشيرا إلى أنه وفقا للبند العسكري في اتفاقية كامب ديفيد، فإن ذلك يؤدي إلى عرضها على الكنيست ثم مجلس الأمن، الذي سيفصل في ذلك لتعديل السيادة على الجزيرتين وموافقة إسرائيل عليها. وأضاف السناوي: "ذلك يعني أولا اعترافا من المملكة السعودية بدولة إسرائيل، ولذا أطالب بتجميد اتفاقية الجزيرتين، وتأجليها لفترة مناسبة وعدم عرضها على مجلس الشيوخ السعودي أو البرلمان المصري حتى يتم تماسك العرب، لوضع القضية الفلسطينية على أولوية الأجندة الدولية مع إسرائيل، لأن ذلك تعاون مخابراتي سعودي - إسرائيلي قد ينتهي بالتطبيع، وبعد نقل ولاية الجزيرتين للسعودية سيتم استبدال القوات المصرية بنظيرتها السعودية، إلى جانب قوات حفظ السلام الدولية".

بدوره، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، أن الاتفاقية بين القاهرة والرياض لن تكون نهائية، إلا بعد تصديق البرلمان والاستفتاء عليها وفقا للدستور المصري، وأضاف نافعة لـ"الجريدة": "سريان الاتفاقية ستكون له آثار على العلاقات "الإسرائيلية – السعودية"، وتل أبيب لن تدعه يمر مرور الكرام، وبالتالي السعودية ستكون مضطرة للتواصل مع إسرائيل، التي أتوقع أن تثير مشكلات في هذه الجزر بسبب تحكمها في باب المندب".

يذكر أنه عقب انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973 وقع الجانبان المصري والإسرائيلي معاهدة "كامب ديفيد"، التي خضعت بموجبها الجزيرتان، تيران وصنافير، لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام، والمتعلقة بفتح خليج تيران، ووفق البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد، فقد وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة (ج) المدنية، التي لا يحق لمصر وجود عسكري فيها مطلقا.