زمن الطيبين!
الصورة الحقيقية لبداية الانتعاش السياسي لا تكتمل إلا بنفض الغبار عن شخصيات من التيارات الدينية التي صارت أسيرة الطرح الطائفي، وكذلك الشخصيات الوطنية من أبناء القبائل للخروج من وهم التهميش، بالإضافة إلى الشخصيات الشيعية التي تعيش عقدة الاستقصاد السياسي وذلك لطرح القضايا الوطنية الكلية.
الظهور الإعلامي الجديد لبعض الشخصيات السياسية التي لها كلمتها واحترامها في الشارع الكويتي بادرة مهمة ولعلها في الوقت المناسب لأكثر من سبب، فالحالة السياسية العامة وأداء السلطتين أصابا الكثير من المواطنين بالإحباط والغضب، وتبين بوضوح أن استفراد السلطة بالقرار السياسي وتحت تأثير سطوة الغلبة وغياب الندية المتمثلة بمجلس أمة مهاب وقادر على العطاء لم يأخذ البلد في الاتجاه الصحيح، وأن الأحلام الوردية التي باعتها الحكومة لم تكن سوى أضحوكة انطلت على مجاميع وتيارات وشخصيات يفترض أنها تملك درجة من الوعي والحصافة السياسية، وبات التخبط والعشوائية سيديّ الموقف، ولم يتوقف قطار الفساد إنما كثرت عرباته وزادت سرعته، والآن تحاول الحكومة تغطية عجزها وتضليلها للناس على حساب الشعب ومد اليد إلى مصدر رزقه المباشر من خلال كذبة التقشف ومسرحية ترشيد الإنفاق، الذي لم يشمل الهبات والمنح ولا مزايا علية القوم ولا المناقصات السخية. الطبقة السياسية الجديدة التي ظهرت من رحم السياسة الحكومية ومن بطن الصوت الواحد لم تقدم بديلاً ذا مصداقية أو نموذجاً لبروز جيل آخر من النخبة السياسية، وسرعان ما ذابت هذه الطبقة في وحل الاستدراج الحكومي، فتحولت إما إلى تابع سليب الإرادة وإما إلى الحضن القبلي أو الطائفي، فهشّمت الجبهة الوطنية على وقع السباب وافتعال التمثيليات والبطولات الوهمية بلغة الطائفية والفئوية المجانية التي لا تكسب سوى بعض الأصوات الانتخابية!الوضع الإقليمي والأوضاع الاقتصادية تزيد الطين بلة، حيث السياسة الخارجية للحكومة باتت خارج نطاق الرقابة والمتابعة، وسيف الملاحقة الأمنية أصبح مصلتاً على النقد والتحليل السياسي تمهيداً لضرب جدار من الاتفاقيات الأمنية على البلاد والعباد تحت شعار محاربة الإرهاب والتطرف بمباركة مجلس منتخب!لهذا نجد أن بعض المقابلات التلفزيونية لشخصيات مثل عبدالله الرومي أو محمد الصقر أو ترقب مقالات لأحمد الخطيب أو تغريدات عبيد الوسمي أو حتى إعادة نشر مقاطع أو معلومات لشخصيات سابقة عبر الواتساب، باتت تمثل العودة إلى ضرورة طرح القضايا الوطنية العامة، وكشف الفضائح المالية والسياسية، وطرق أبواب المستقبل والاستعداد لمستجداته، الأمر الذي يجد فيها الكثير من الكويتيين ضالتهم.هذا المسار الجديد القديم بالتأكيد في غاية الأهمية، ولكن الصورة الحقيقية لبداية الانتعاش السياسي لا تكتمل إلا بنفض الغبار عن شخصيات أخرى من التيارات الدينية التي صارت أسيرة الطرح الطائفي، وكذلك الشخصيات الوطنية من أبناء القبائل للخروج من وهم التهميش، بالإضافة إلى الشخصيات الشيعية التي تعيش عقدة الاستقصاد السياسي لطرح القضايا الوطنية الكلية، فمثل هذا المشروع لا يساهم في استعادة الخطاب الوطني المختطف منذ عدة سنوات بل يضع الحكومة وأتباعها أمام مسؤولياتها الحقيقية بدلاً من استمرارها بالرقص على أنغام الاستقطابات الداخلية وتحويل المجتمع الكويتي إلى "فخار يكسر بعضه"!