قبل ساعات من اجتماع مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية مع الوفد الحكومي بعد توقف في نهاية الأسبوع، وجّه الجيش الروسي انتقادات لاذعة إلى الجيش الأميركي بسبب موقفه غير المقبول من متابعة انتهاكات وقف إطلاق النار المطبق منذ 27 فبراير، وهدد بنسفه والتحرك بشكل أحادي في مواجهة "الجماعات المسلحة التي تخترق الهدنة".

Ad

بعد أيام على إعلانها الانسحاب الجزئي من سورية، صعّدت موسكو الموقف العسكري بإعلان استعدادها وبشكل منفرد لضرب "الجماعات المسلحة التي تخترق الهدنة"، اعتباراً من اليوم، في حال لم يردها رد على مقترحات قدمتها إلى الجانب الأميركي لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال رئيس إدارة العمليات التابعة لهيئة الأركان العامة الروسية، سيرغي رودسكوي، إن "موسكو أعدت وأرسلت إلى واشنطن في 5 مارس مشروع اتفاق مبني على حل وسط للرقابة على وقف القتال، وكذلك اقترح إجراء مشاورات بين الخبراء في أقرب وقت للتوصل إلى اتفاق بشأن صياغة نص الاتفاق".

ولفت رودسكوي إلى أن  المشاورات الروسية- الأميركية، التي جرت في عمان في 18 لجاري، أظهرت عدم استعداد واشنطن لمناقشة تفاصيل الهدنة، مؤكداً أن المماطلة في تطبيق القواعد المتفق عليها للتعامل مع الانتهكات أمر غير مقبول.

وعلى الفور، رفضت واشنطن دعوة موسكو لإجراء محادثات عاجلة بشأن الهدنة، بحسب مسؤول أميركي، أفاد "رويترز" بأن محادثات مراقبة الهدنة مستمرة بشكل بناء.

بوتين والشيخ تميم

وفي اتصال هاتفي، بحث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأزمة السورية. وأفاد الكرملين بأن أمير قطر أشاد في حديثه مع بوتين بالجهود التي تتخذها روسيا لتسوية الوضع في سورية وخصوصاً قرار الانسحاب، التي غادرت في سياقه أمس سفينة مكافحة الغواصات "الأميرال كولاكوف" سواحل سورية برفقة سفينة القطر الخاصة "إس بي-406" والصهريج البحري "دوبنا"

في السياق، وصف مجلس الوزراء السعودي الانسحاب الروسي بأنه "خطوة إيجابية"، معرباً عن أمله "أن يجبر الانسحاب نظام الأسد على تقديم التنازلات لتحقيق الانتقال السياسي للسلطة وفق إعلان جنيف1".

وقال وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي، عقب الجلسة الأسبوعية التي عقدها مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، إن "المجلس جدد إدانة السعودية استمرار الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام السوري وأعوانه وتأخيره إجازة تصاريح المساعدات للمناطق المحاصرة".

معركة تدمر

ورغم الغارات الروسية المستمرة، خسرت قوات النظام السوري صباح أمس 26 عنصراً على الأقل في هجوم فاشل شنته على معاقل تنظيم "داعش" غرب مدينة تدمر الأثرية في محافظة حمص.

ووفق المرصد السوري لحقوق الانسان، فإن قوات النظام كانت تحاول التقدم على بعد 4 كم غرب مدينة تدمر، موضحاً أن "فوج مغاوير البحر الذي شنّ الهجوم عبارة عن قوات رديفة لقوات النظام السوري، ولعبت دوراً أساسياً في معارك ريف اللاذقية الشمالي (غرب)". وتعد هذه العملية، بحسب المرصد، "معركة حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق أمامها لاستعادة منطقة البادية وصولاً الى الحدود السورية العراقية شرقاً".

في درعا، أفاد المرصد أمس بمقتل القائد العسكري لجبهة "النصرة" في الجنوب خلال اشتباكات مع لواء "شهداء اليرموك" المبايع لتنظيم "داعش" بريف المحافظة الغربي، موضحاً أن هذا اللواء تمكن من السيطرة على بلدة تسيل إثر هجوم شنه صباح أمس، وقتل فيه أيضاً ثلاثة مقاتلين من الفصائل الإسلامية، بالإضافة إلى أحد عناصره.

النظام الفدرالي

سياسياً، انضمت الجامعة العربية أمس إلى النظام والمعارضة في رفض إعلان الأكراد نظاماً فدرالياً في شمال سورية، مشددة على أن "وحدة الأراضي السورية" ركن مهم للاستقرار في المنطقة.

وأشار نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي، في تصريحات للصحافيين، إلى ان جزءا من الأكراد أنفسهم رفضوا مثل هذه الدعوات قائلاً إن "مبدأ الجامعة العربية يقوم على أن وحدة سورية وسلامتها الإقليمية أحد ثوابت الجامعة العربية"، التي أكد أنها ترى أن "الدعوات الخاصة سواء من أطراف سورية أو غير سورية بخصوص وحدة سورية وسلامتها الإقليمية أمر مرفوض".

في المقابل، اعتبر رئيس ممثلية أكراد سورية في موسكو رضا عثمان أمس أن قرار إقامة نظام حكم ذاتي شمال سورية يعتمد على أمرين أساسيين هما الإرادة الشعبية وثقافة العيش المشترك.

وقال عثمان، في مؤتمر صحافي عقده تحت عنوان "أول أيام الفدرالية الكردية في سورية: الواقع والآفاق"، إن "إقامة نظام الفدرالية في سورية يحمل بذور حل الأزمة"، معتبرا أن "الحكومة المركزية لا تستطيع تحقيق ذلك، وإن المفاوضين في جنيف يسعون إلى السلطة فقط ولا يحملون شيئا يفضي إلى حل الأزمة".

محادثات «جنيف 3»

وفي جنيف، التي وصلها أمس المنسق العام لهيئة المعارضة رياض حجاب، استؤنف أمس الأسبوع الثاني من المفاوضات برعاية الموفد الدولي ستيفان ديميستورا، بعد استراحة يومين، بلقاء هو الأول مع الوفد الحكومي بقيادة بشار الجعفري بعد مطالبة المبعوث الأممي الجمعة بـ"تقديم ورقة حول الانتقال السياسي"، على غرار "ورقة المعارضة"، التي وصفها بأنها "جيدة وعميقة".

ويلتقي ديميستورا اليوم وفد الهيئة العليا للمفاوضات، الذي سيسلمه ردوده على نحو 30 سؤالاً وجهها إليها حول الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي، في اجتماع كان مقرراً عصر أمس قبل أن يتم تأجيله إلى اليوم.

وانتقد نائب المنسق العام للهيئة يحيى قضماني "عدم جدية" الوفد الحكومي ومحاولته التهرب من مسؤوليته بطلبه تأجيل المفاوضات المقبلة "لمدة أسبوعين"، لإجراء الانتخابات التشريعية المقررة في 14 أبريل المقبل، داعياً "روسيا لاستخدام نفوذها للضغط على نظام الأسد كي يدخل في مفاوضات جادة".

لكن مصدراً قريباً من الوفد الحكومي أوضح أمس أن الوفد "أبلغ ديميستورا بأنه في حال كان سيؤجل موعد الجولة المقبلة المقررة مبدئياً في 4 أبريل، فإنه (الوفد) يفضل أن تستأنف في الرابع عشر من الشهر ذاته حتى يتسنى له التواجد في دمشق في 13 أبريل، خصوصاً أن خمسة من أعضاء الوفد من المرشحين لخوض هذه الانتخابات"، وهم "أحمد كزبري وعمر أوسي ومحمد خير العكام وإلياس شاهين وحسن بحري".

الأسد وزوجته يتاجران بعيد الأم

في متاجرة بمعاناة الامهات السوريات، وفي خطوة تظهر أن الرئيس بشار الأسد وعقيلته أسماء لديهما الوقت لأنشطة العلاقات العامة، لتحسين صورتهما الخارجية، فيما معظم الشعب السوري بشقيه الموالي والمعارض يرزح تحت وطأة الحرب والدمار والتشرد والقلق على المصير، استقبل الرئيس السوري وزوجته أمس عدداً من الامهات الجرحى في الجيش، بمناسبة عيد الأم.

وقال الأسد، في كلمة، إن "الشيء الوحيد الذي يعادل التضحيات التي قدمتموها سواء بالروح أو بالصحة أو بالجسد هي فقط سلامة الوطن. وعندما يعود الوطن سليماً أعتقد أن كل واحد فيكم سيقول أحس أن يدي عادت كما كانت ورجلي وعيني وصحتي، وإذا كنت قد فقدت شيئاً منها فأنا اليوم قد عدت سليماً. وأعتقد هو نفس الشي بالنسبة لكل عائلة شهيد التي ستشعر إذا عاد الوطن آمناً كما لو أن ابنها عاد لها من جديد".