الحديث عن تزوير وثائق الحصول على الجنسية يعني أن هناك تطوراً نوعياً في الجراءة وعدم الخوف من قانون أو نظام، ويولد ذلك انتكاسة لدى المواطنين مفادها ألا شيء محصن من الفساد.

Ad

أول العمود: لا مفاجآت في فضيحة أوراق بنما، هي تؤكد من نشك في عدم نزاهتهم.

***

لا يمكن الاستمرار في نهج العبث في مفاصل الدولة وأركان سيادتها إلى ما لا نهاية، الأحداث بدأت تتكرر بشكل مخيف ومن دون رادع، فلا يمر شهر إلا وتنشر قصص تزوير للحصول على أهم وثيقة مواطنة وهي الجنسية، أو ضلوع موظفين في تزوير إقامات للأجانب، وانكشاف فضيحة الشهادات العلمية المزورة، وتواتر توريد أغذية فاسدة، وتضخم مبالغ المشاريع الإنشائية وتأخيرها المتعمد.

هنا نحن لا نتحدث عن عدو خارجي، بل عن مواطنين! من الوزراء الذين حدث في عهدهم تزوير الحصول على الجنسية؟ ومن المسؤولون عن إدارة الجنسية ووثائق السفر أثناء حدوث هذه الاختراقات الأمنية؟ ومن سهّل وسكت عن تزوير الإقامات والشهادات العلمية؟ وكيف غاب الوزراء المعنيون عن دخول الغذاء الفاسد للبلاد؟ وإلى متى يتبجح قياديون في وسائل الإعلام بإنجازاتهم الزائفة في جسر أو شارع تمضي عليه ضعف مدته المقررة، وهم يظهرون بابتسامة باردة في صدر الصحف؟

ما يحدث في البلد مأساوي، الحكومة تتهاون في هدر المال العام، ولا تتحرك إلا مدفوعة كما حدث مع جهود د. فهد الراشد بعد سحق ملايين المتقاعدين من مؤسسة التأمينات! مواطنون يسرقون البلد ويقبضون رواتبهم من وراء لقب أكاديمي مسلوب بالرشا، والبلد يتقطع فينهب بدون عدوان خارجي.  

هل هذا ما نريده للكويت بعد تحريرها من الغزو العراقي الذي نهبها وحرقها وحول نهارها إلى ليل بسبب دخان النفط؟

نشر مثل هذا الغسيل القذر لسلوكنا في وسائل الإعلام دون عقاب لأحد يولّد شعوراً بالغبن لدى الرأي العام، وهو سبب شيوع اللامبالاة لدى موظفي الدولة، الصغار منهم والكبار، إذ إن غالبية المخالفات التي يتم السكوت عنها تصيب أموال الدولة إما مباشرة عبر استسهال السرقة بالتزوير والاستيلاء، أو ممارسة الاحتيال للحصول على وثيقة (جنسية، أو شهادة علمية) تضمن خدمات ورواتب! نحن شعب في خطر، ليس بسبب انهيارات أسعار النفط، بل بسبب التردي العام في السلوك، والذي يتسبب فيه السياسيون بدرجة كبيرة عبر العبث في التعيينات والسماح بالمخالفات كفضيحة البيوت المعطوبة. السياسيون لم يتركوا هامشا يتحرك فيه المواطن بشكل طبيعي، فالجمعيات الأهلية والتعاونيات الاستهلاكية باتت في قبضة أشبه بالبوليسية، فالساسة يريدون كتم أنفاس الأولى عبر القوانين المكبلة، ولوبي الجشع يتنمر لتخصيص الثانية ضاربا بقانون الجمعيات التعاونية عرض الحائط.  الكويت لم تعد كما بدأت… الكويت في خطر!