قال مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عبدالخالق فاروق إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يسير على خطى الرئيس الأسبق حسني مبارك، فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، مضيفا أن حجم فاتورة الفساد في مصر سنويا تصل إلى 15 مليار دولار.

Ad

واعتبر فاروق، في حوار مع «الجريدة»، أن إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة تبعث بـ«إشارة حماية» للفاسدين، مشيرا إلى أن مصر لن تسترد الأموال المهربة في الخارج مطلقا، وفيما يلي نص الحوار:

• كيف رأيت إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات؟

- إقالة هشام جنينة، من وجهة نظري، إشارة للفاسدين في أجهزة الدولة بأنهم محميون من الملاحقة، كما أنها رسالة لكل من يتولى رئاسة الجهاز أو أي جهاز رقابي آخر، بألا يتجاوز الخطوط الحمراء، أما فاتورة الفساد فتتجاوز 150 مليار جنيه (نحو 15 مليار دولار) سنويا على الأقل.

• كيف ترى المصالحة بين رجال الأعمال والنظام؟

- اعتبرها بابا لتقنين عملية الفساد، وإشارة طمأنة لكل الفاسدين السابقين واللاحقين، بأن المصالحة ستتم حال اكتشافهم، وهي مضرة على المستوى السياسي والنفسي والاقتصادي، ولم يشهد التاريخ الإنساني نظيرا لها، فضلا عن أن المصالحة تتم على هوامش ما جرى اكتشافه، وهو جزء وليس كل الثروات الحقيقية للفاسدين.

• هل الحديث عن إمكانية استرداد الأموال المهربة قائم؟

- لن يتم استرداد الأموال المهربة مطلقا، فهؤلاء اللصوص لم يكونوا أشخاصا عاديين، فقد كان يعمل لديهم كبار العقول في مجال الاستثمار الدولي والبنوك وتهريب الأموال وإنشاء الشركات وتصفيتها، وبالتالي توفرت لديهم خبرات ومهارات قانونية ومصرفية قادرة على النفاذ والهروب والاختفاء في أوعية استثمارية جديدة عصية على التتبع والملاحقة، وبالتالي تحركاتهم المالية لم تكن عشوائية، بل منظمة ومنسقة تحميها الدولة في أحيان كثيرة بتشريعات.

• ما قراءتك للموازنة العامة للدولة؟

- موازنة نمطية مثل الموازنات السابقة، من حيث توجهاتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، لا تحمل جديدا، بنيت على بعض التقديرات غير الواقعية، مثل سعر صرف الجنيه وسعر برميل البترول، واستمرار نفس السياسات القديمة القائمة على سد العجز، من خلال الدين الداخلي والخارجي وتحميل الفقراء ومحدودي الدخل والطبقة الوسطى بأعباء اقتصادية إضافية، من خلال ما يسمى بـ«ترشيد الدعم»، وبها انخفاض ملحوظ في بند الأجور والرواتب في إطار إعادة هيكلة الأجور، من خلال ما يسمى بالدخل الوظيفي، في ضوء قانون الخدمة المدنية الذي يهدر بعض الحقوق المكتسبة للموظفين والعاملين بالدولة.

• هل هناك بدائل لما ورد في الموازنة؟

- بكل تأكيد، من خلال إعادة النظر في الفلسفة الاقتصادية للحكومة، القائمة على اقتصاد السوق المطلق وآليات العرض والطلب وفوضى السوق، باتباع اقتصاد السوق المخطط الذي تلعب فيه الدولة دورا مهما، سواء في مجال الإنتاج أو التوزيع، والاعتماد على الموارد الذاتية للدولة التي مازالت تدار بطريقة غير كفؤة، بسبب جماعات الفساد ونهب المال العام، عبر إعادة هيكلة قطاع البترول والثروة المعدنية والحسابات والصناديق الخاصة، وإقرار نظام ضريبي عادل يسمح بالحصول على معدل ضريبي معقول ومناسب لصالح تمويل الخزانة العامة.

• كيف ترى الأداء الاقتصادي للرئيس السيسي؟

- الرئيس لم يظهر بركاته بعد، وهو امتداد لمبارك سواء في الاقتصاد أو السياسات الإقليمية وخياراته لم تختلف، حيث ظل الاعتماد في سد عجز الموازنة العامة على الديون الداخلية والخارجية، والتحيز لرجال المال والأعمال، بدليل خفض الواقع الضريبي من 25 إلى 22.5 في المئة.

• هل تتوقع القيام بثورة ثالثة؟

- لا أتمنى ذلك، بل أتمنى أن يكون التغيير سلميا، فالسيسي جاء بانتخابات بصرف النظر عن ملابساتها، ونحن نطمح في تغييره عبر انتخابات نزيهة، إذا استمرت سياساته هذه في الفترة المتبقية من مدته الرئاسية.