تؤكد الأديبة اللبنانية صونيا عامر أننا نعيش زمناً لا زمن فيه، كلنا يشكو ضيق الوقت، وأن الأدب والفن يشهدان تطوراً سريعاً ولافتاً يطوي المسافات الزمنية بوتيرة متسارعة. وكما نعيش زمن الرواية، تقول، فإننا نعيش زمن القصة القصيرة. وتضيف في حوارها مع {الجريدة} أن القصة القصيرة جداً كالشعر المنثور المكثف المحلي، من متطلبات العصر. فيما يلي تفاصيل الحوار.

Ad

أخبرينا عن أعمالك الشعرية.

يحكي ديوان {تيه} عن حقبة زمنية لا تقل عن 20 سنة، كنت فيها أكتب القصائد وأخبئها. هو ديوان بسيط، بريء يحكي قصة بنت بريئة. كذلك يحتوي على 42 لوحة إلكترونية من رسمي على عدد قصائده، ليصبح كالغاليري المطبوع. أما {عصفور الجنة} فجاء ثمرة لما قدمه {تيه}، فيه من الفلسفة والعمق ما يشعرني بالرضا، لا سيما أنه يصف حالات معينة بطريقة مختصرة ومكثفة.

ماذا عن روايتك {بطن الحوت}؟ ولماذا كان التوجه إلى الرواية متأخراً؟

تحكي {بطن الحوت} عن خرافة، تحدث داخل المحيط في بطن حوت، عن أناس رغبوا بالخلد. وحاولت فيها توصيف الجنة من مفهوم إنساني مبسط طارحةً نهاية سعيت إلى أن تكون واقعية، مما استفز القراء بعض الشيء فاعترض بعضهم إذ أرادوها تتلاءم مع مفهومهم للسعادة.

يجد القارئ أن لغة نصوصك تمتاز بثنائية القص والشعر، كيف ذلك؟

الشعر هو الشعر أينما وجد، إنما إقحامه في النصوص كما في {إن وأخواتها} التي ناقشت فكرة زواج متعددي الأديان والمثليين، فورد لتدعيم فكرة معينة، وقد يرى البعض في نصوصي تكثيفاً أحياناً، أعتقد لأن معظم النصوص ساخر، سخرية غالباً ما تكون مرة.

«الأفكار ملقاة على قارعة الطريق} يقول الجاحظ، هل تؤمنين بهذه المقولة فيما يخصّ عملية الخلق الأدبي؟

الأفكار ملقاة على قارعة الطريق القريبة البعيدة. لا نص من دون إبداع. يخلق الكاتب فكرة، يناقشها، يدعمها بشواهد وينهيها بمبدأ يؤمن هو به، والصدق مفتاح الكتابة.

كيف تقرئين قصيدة النثر؟ هل تظنين أن الإشكالية في مصادمتها مجرد إشكالية مصطلح أم أنها أعمق من ذلك؟ وهل ثمة {صراع وجود} بينها وبين القصيدة العمودية؟

لا، هي تكملة للعمودية، الموزونة، إنما تحاكي العصر. ستبقى القصائد العربية الموزونة الأساس، وستستمر القصائد الحديثة بالتوجّه نحو النثر. أحياناً، {كلمة واحدة تكفي}، المهم المعنى، والهدف وكيفية الاستفادة من المعلومة.

ما رأيك بالقصة القصيرة جداً التي تشهد رواجاً عربياً كبيراً؟ وهل أصبحت الومضة القصصية نوعاً أدبيّاً جديداً؟ وهل تحدد بعدد معين من الكلمات؟ ومتى نطلق الومضة على نص أدبي؟

القصة القصيرة جداً كالشعر المنثور المكثف المحلي، من متطلبات العصر. نحن في زمن لا زمن فيه، كلنا يشكو ضيق الوقت. القصة القصيرة جداً حادث ما تبدأ بالحديث عنه في الوقت الحالي لتعود بالزمن إلى الوراء، ثم ترجع إلى الحالي بغمضة عين. أما الومضة، فتختلف بالشكل الأدبي، مثلاً: حين نحتاج إلى الوقت لا نجده، لكنه وبكل ثقة يتربع على عرش الملل.

ما الأقرب إليك: الرواية أم الشعر أم القصة أم الفن التشكيلي؟

إنه زمن الرواية من وجهة نظري لما نشهده من تطور لافت على مستوى السينما والتلفزيون في بلداننا العربية، رغماً عن أنف العنف.

مشروع أدبي

كيف تنظرين إلى مشروعك الشعري والروائي والقصصي وتجربتك الخاصة بعد سنين الكتابة المستمرة؟ كيف تقرئين فيها تحولاتك الذاتية وانعكاسات الأزمنة والأمكنة؟

أرى نفسي هاوية، وسأبقى كذلك. الأدب عموماً هواية وليس وظيفة، وحين يصبح كذلك يصير مملاً ولا إبداع فيه، خصوصاً أن الطباعة والنشر والتوزيع عبء مادي لا يستهان به على كاهل الكتاب.

ثمة من يرى أن ثورات الربيع العربي كشفت فشل النخبة المثقفة وتراجعها عن أداء دورها، ما رأيك؟

إن لم يكن الكاتب ثورياً فهو مجرد قارئ.

بمن تأثرتِ في كتاباتك عربياً وعالمياً؟

بكل من قرأت لهم، من مشهورين ومغمورين، وعرب وأجانب.

ما رأيك بالجوائز الأدبية؟ هل تشكل دليلاً على إبداعية المنتج الأدبي؟

اللقاءات الأدبية هي الأهم، أما الجوائز فترضية.

باعتقادك ما الذي تفتقده المبدعة وينقصها في مجتمعاتنا؟ وكيف تستطيعين الاختباء وراء الرمزية وهل تفكرين في المحاذير أثناء كتابتك؟

الكتابة فعل تعر فاضح، وجرأة، والخوف لا يصنع كاتباً.

كيف تتجلى صورة الرجل في إبداع صونيا عامر؟

كشريك جوهري، وأساسي في كتاباتي.

ما الذي ينقصك كروائية وشاعرة وقاصة؟

ينقصني الانتماء. لم أجد حتى الآن جهة تحتويني ككاتبة، كرابطة أدباء لبنان أو ما شابه مما أرجو. عليّ أن أفعل كل شيء بنفسي، لا مرجعية حكومية لي تساعدني ولا تحميني.

صونيا عامر في سطور

شاعرة وكاتبة من لبنان، تعيش مع عائلتها في دولة الكويت منذ عام 1989. صدر لها ديوان شعر بعنوان {تيه} عن دار الوطن- الكويت 2012، وديوان بعنوان {عصفور الجنة} عن وكالة سفنكس- القاهرة 2013. ولها كتاب بعنوان {وقصص أخرى} عن دار الرحاب- بيروت 2012، وكتاب {بالناصع القاني} يحتوي على بعض القصص القصيرة. وفيما يخص الروايات، صدرت لها {بطن الحوت} و«إن وأخواتها وحروف النصب} و«قاب قوسين».