لا بد من النظر بجدية إلى نوع الاستثمارات التي تديرها الدولة لإبعادها عن المغامرات وضمان جودتها وتعظيم دخلها، أما زيادة الدخل العام خارج النفط فإنه يتطلب فكراً مبدعاً، وإن تأخر كثيرا إلا أنها فرصة لشحذ الهمم وصياغة أفكار مبدعة تكون قابلة للتنفيذ، فالوطن بحاجة لأهله لمواجهة مشكلة قد تطول.
سنوات "الفسفسة" كما سماها أخونا علي الموسى وزير التخطيط السابق، وكما حذر منها كل المخلصين لهذا البلد لا بد أن تنتهي، وأن تعاد صياغة مسيرنا الاقتصادي لحماية مستقبل البلاد وأجيالنا القادمة. حتى لو عادت أسعار للصعود مرة أخرى فإن ما يحدث الآن قد يتكرر وربما للأسوأ، ومن الواجب أن نكون مستعدين له، فنحن بالإضافة إلى الإجراءات المالية بحاجة لأفكار مبتكرة تستفيد مما تبقى للدولة ودخلها في القادم من الأيام والسنين.لا بد أولاً من لمّ الأيدي المفتوحة وشد الأحزمة وخلق أوعية لمساهمة الجميع في تكوين دخل يكفي للعيش الكريم، ومن العدل والإنصاف أن تكون مساهمة من أخذ أكثر في مرحلة الوفرة المالية كبيرة تتناسب مع حصل عليه منها، ولدينا أفراد وعائلات كان لهم الرصيد الأعطم من دخل البلاد، ولو حسبنا ثروة هؤلاء لوجدناها تزيد عما يملكه الشعب كله، وقد تمتعوا بتسهيلات وعطاءات ومناقصات وحيازات عقارية لم تتوافر لأبناء الشعب الكويتي، وأعتقد أنه حان الوقت ليردوا لوطنهم ما أخذوه فوق حاجتهم.ولعل أيضا من العدل ومن شحذ الهمم لانطلاق مبادرات الإصلاح أن يكون علية القوم في مقدمة المتنازلين عن فوائض أملاكهم للدولة، فليس من الإنصاف فرض ضرائب أو تقليص الدعم والناس ترى الكبار ينعمون بخيرات حصل عليها البعض بتفضيل على الآخرين.على الدولة أن تعيد النظر في دعومات خاصة قدمت للبعض في مناطق كاملة قصد بها في بداية التأسيس تشجيع الصناعة والتجارة، فأحيلت هذه المناطق إلى محال للتأجير تدر دخلا متصلا ومتزايدا للمحظوظين لا يعود للدولة منها إلا أقل القليل، ولعل من العدل أن تعود إيجارات هذه المناطق الحكومية أصلا إلى ميزانية الدولة.قد تكون الأزمة فرصة لتعديل قرارات الهدر التي ضاعفت الرواتب دون أي مبرر، وأن نجدها فرصة لزيادة إنجاز الكويتي وإنتاجه وتخفيف الزائد من العمالة الهامشية، فالبطالة المقنعة لا بد أن تزول بإقدام الكويتي على العمل وتطوير الأداء وتقديم خدمات أفضل، ومن الطبيعي، بل من الواجب، أن يتوقف هدرنا للماء والكهرباء والصرف على المظاهر الكذابة.ولا بد أيضا أن يساهم التجار بتخفيض الأسعار على البضائع والخدمات، فكل الزيادات في الرواتب قابلتها زيادات في الأسعار، وإذا كان المواطن لم يهتم كثيرا بتلك الزيادات فإنه بالتأكيد سيغتم لو أكلت الضرائب من راتبه مع بقاء الأسعار على حالها.ولا بد من النظر بجدية إلى نوع الاستثمارات التي تديرها الدولة لإبعادها عن المغامرات وضمان جودتها وتعظيم دخلها، أما زيادة الدخل العام خارج النفط فإنه يتطلب فكراً مبدعاً، وإن تأخر كثيرا إلا أنها فرصة لشحذ الهمم وصياغة أفكار مبدعة تكون قابلة للتنفيذ، فالوطن بحاجة لأهله لمواجهة مشكلة قد تطول، والاستعداد لمثيل لها في المستقبل.
مقالات
لا بد مما لا بد منه
24-01-2016