الكاتب والمحرر الأدبي
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
المحرر الأدبي وفي أي دار نشر غربية يتعالق مع النص الإبداعي، قصة كان أو رواية، في ثلاث مرات؛ الأولى هي قراءة يصحح فيها القواعد النحوية وعلامات الترقيم. فالقارئ الغربي لا يتقبل ولا يحترم كتاباً مليئاً بالأخطاء الإملائية أو النحوية، أو كاتباً لا يحسن استخدام الفاصلة والفاصلة المنقوطة وعلامة التعجب والنقطة والنقطتين، وهكذا ينبري المحرر في القراءة الأولى لتصحيح الشكل الخارجي للنص الأدبي. القراءة الثانية له تنصب على فحص علاقة السرد بالحوار وسلاسة تواصلهما، وترتيب الحوار الثنائي المسموع؛ الدايالوج، أو الحوار النفسي؛ المنالوج. وأخيراً تكون القراءة الثالثة للمحرر للوقوف على الرؤية الكلية للنص، أو بعبارة أخرى؛ مقولة القصة أو الرواية النهائية. إذا كانت نتائج القراءة الأولى والثانية تخص النص كتصحيحات تمسّ شكل الكتابة، فإن مناقشة رؤية أو مقولة العمل النهائية تخص الكاتب، وبالتالي قد تكون محل نقاش وحوار بين الكاتب من جهة والمحرر الأدبي والناشر من جهة ثانية.المحرر الأدبي بالمفهوم الغربي هو شريك الناشر النصوح مثلما هو صديق الكاتب المخلص. ولذا تنشأ صداقة احترام بين المحرر والكاتب المبدع، وهناك كتّاب يتعاملون مع محرر واحد لقربه من قناعاتهم الحياتية ورؤاهم الفنية.إن سوقاً رائجة للسرد العربي تتطلب بالضرورة الاستعانة بالمحرر الأدبي المختص، وتتطلب بالضرورة أيضاً استشعار الناشر للمسؤولية التاريخية التي تتربص به واقتناعه بأهمية ودور المحرر الأدبي، وأخيراً فإن الكتابة الإبداعية توجب على الكاتب العربي المبدع التصالح مع النفس وتفهم الدور المهم للمحرر الأدبي، وبناء جسور من الصداقة والاحترام معه حين يوجد.الإبداع العربي السردي لا يقلّ بأي شكل من الأشكال عن الإبداع العالمي، ولذا فهو يستحق العناية ويستحق المهنية العالية لإخراجه بأبهى وأفضل صورة للقارئ العربي والعالمي. وإذا كانت المنافسة واضحة في معارض الكتب العربية، فإن على القارئ العربي أن يرفع صوته مطالباً ببضاعة إبداعية تستحق ما يدفعه مقابلها من نقود وما يتوسمه بها من مادة تحاكي الفكر والروح.