أظهرت الأطراف السورية المتقاتلة حذراً تجاه ما تسرب عن اتفاق أميركي ـ روسي يدفع مفاوضات التوصل إلى حل إلى الأمام وفق جدول زمني محدد، في وقت تتواصل المعارك بين قوات النظام ومقاتلي "داعش" في تدمر، حيث تحاول دمشق تحقيق أول انتصار معتبر ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة من البلاد.

Ad

سادت حالة من الحذر الأوساط السورية الموالية والمعارضة، بعد ما سرب من الاتفاق الروسي ـ الأميركي الذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى موسكو. وكانت التقارير أفادت بتوصل واشنطن وموسكو إلى برنامج مرن، ينص على إجراء جولة جديدة من المفاوضات في ١٠ أبريل، يتبعها جولة أخرى في مايو، على أن تشكل حكومة أو هيئة انتقالية في يونيو، يتبعها إعلان دستوري في أغسطس وإجراء انتخابات بعد سنة واحدة.

ومن المبادئ التي تم الاتفاق عليها، ضرورة الوصول الى انتقال سياسي على أساس "المشاركة" وليس تغيير النظام، وفق مقولة "السوريون يقررون مصيرهم"، على ألا يطرح مصير الرئيس السوري بشار الأسد على مائدة المفاوضات. وجرى الاتفاق على أن تضغط واشنطن لـ "توسيع وفد المعارضة" ليضم أطرافا مقربة من موسكو والأكراد، على أن تقوم ورسيا بالضغط على النظام السوري لقبول الانتقال.

وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أعلن أمس الأول أن الولايات المتحدة تفهمت موقف موسكو بأنه ينبغي عدم مناقشة مستقبل الأسد في الوقت الراهن.

تفهم أميركي

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن ريابكوف قوله تعليقا على نتائج زيارة كيري لروسيا: "إلى حد بعيد... العملية السياسية الحالية أصبحت ممكنة، لأن موسكو وجدت تفهما في واشنطن على المدى البعيد لموقفنا الأساسي بأنه ينبغي ألا تطرح قضية مستقبل الرئيس السوري على جدول الأعمال بالمفاوضات في المرحلة الحالية".

في المقابل، شدد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية، منذر ماخوس، على أن هناك غموضاً يحيط بطبيعة الاتفاق الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن في ما يخص العملية السياسية السورية.

وأكد ماخوس تمسك المعارضة "بعدم وجود أي دور لبشار الأسد ضمن العملية السياسية الانتقالية، مشيرا إلى أنه فور تشكيل الهيئة الانتقالية على الأسد التخلي عن صلاحياته".

تدمر

في غضون ذلك، قالت وسائل الإعلام الرسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات الحكومة السورية تحارب مقاتلي تنظيم "داعش" حول تدمر أمس، في الوقت الذي تمضي فيه قدما في هجومها لاستعادة المدينة الصحراوية من متشددي التنظيم.

وقال التلفزيون السوري إن الجيش سيطر تماما على حي العامرية الشمالي. وكان الجيش طرد مقاتلي "داعش" من القلعة الأثرية والإستراتيجية المطلة على غرب المدينة أمس الأول.

لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن القتال مستمر في هذه المنطقة، مضيفا أن متشددي "داعش" شنوا هجمات مضادة بما في ذلك تفجيرات بسيارات ملغومة ضد قوات الحكومة التي تتقدم في المدينة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، أمس، إن الجنود السوريين والفصائل المتحالفة معهم سيطروا على نحو ثلث المدينة من ناحية الغرب والشمال أساسا، بما في ذلك أجزاء من مناطق أثرية من العصر الروماني. وأضاف أن الجنود يقاتلون أيضا على جبهة جنوبية. وذكر التلفزيون السوري الرسمي أيضا أن الجيش يتقدم داخل تدمر، وسيطر على عدة أحياء.

وسوف تمثل استعادة تدمر التي سيطر عليها الإسلاميون المتشددون في مايو عام 2015 أكبر تراجع لـ "داعش" في سورية منذ التدخل الروسي الذي حول دفة الصراع المستمر منذ خمس سنوات لمصلحة الأسد. ويقاتل الجيش السوري ومقاتلون متحالفون معه بدعم من ضربات جوية روسية وسورية على أطراف المدينة منذ أيام. وتحدث المرصد ومقره بريطانيا عن قتال أثناء ليل الجمعة ـ السبت داخل تدمر في حي المتقاعدين وحي الجمعيات.

تغطية تلفزيونية

وأوضحت تغطية تلفزيونية من القلعة، أمس، جنديا يلوح بعلم سورية فوق جدران القلعة، بينما تصاعد الدخان في حي بوسط المدينة. ووفقا لتعداد سكاني أجري في المدينة قبل أكثر من 10 سنوات يبلغ عدد سكان تدمر 50 ألفا. وزاد هذا العدد بشكل كبير جراء تدفق النازحين بسبب الصراع السوري الذي اندلع في عام 2011، ولكن معظمهم فر عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة.

وستفتح استعادة المدينة شرق سورية أمام الجيش، حيث يسيطر تنظيم "داعش"على معظم محافظتي دير الزور والرقة.

وقال جندي للتلفزيون السوري من عند القلعة المطلة على آثار في المدينة تعود للعصر الروماني "تواصل قواتنا الباسلة التقدم من أجل تحرير كل شبر من أرض الوطن الطاهر".

وكان مقاتلو "داعش" سيطروا في أغسطس على مبنيين أثريين، هما معبدا بل وبعل شمين اللذان وصفت الأمم المتحدة تدميرهما بأنه جريمة حرب.

وأوضحت تغطية تلفزيونية بثت خلال الـ24 ساعة الماضية من على أطراف تدمر بعض الهياكل والأعمدة الشهيرة التي مازالت قائمة، غير أنه يستحيل تقييم حجم أي ضرر.

الفدرالية

في سياق آخر، شنت صفحات موالية لنظام الأسد هجوما عنيفاً على ما يعرف بـ"الإدارة الذاتية للأكراد" السوريين، بعدما تبين أن هذه الإدارة بدأت بإصدار وثائقها الخاصة والممهورة بخاتم رسمي

يحمل شعارها ككيان سياسي ومدني مستقل.

وكانت "الإدارة الذاتية للأكراد"، التي قالت الإدارة الأميركية إنها لن تعترف بها، قد أصدرت إيصالات مالية رسمية تحمل اسمها، هي عبارة عن إيصال قبض جمركي يتعلق بتحصيل مالي على المشتقات النفطية.