هل نجحت قيادات الحزب الجمهوري في تطويق حالة «الفوضى» التي عصفت به في أعقاب يوم سياسي طويل، شهد أقسى المواجهات بين أقطابه؟
يقول البعض إن «تسوية» ما، لم تعرف تفاصيلها بعد، أنهت الأجواء المشحونة التي عاشها الحزب الجمهوري أمس الأول، وانتهت بالمناظرة التي نظمتها شبكة فوكس نيوز، عندما تعهد تيد كروز وماركو روبيو وجون كاسيش بدعم دونالد ترامب في السباق الرئاسي إذا نال ترشيح الحزب، وتعهد ترامب في المقابل بأنه لن يتابع السباق كمرشح مستقل إذا فشل في نيل هذا الترشيح. لكن قبل إعلان المتنافسين الأربعة تعهداتهم، عكست المناظرة حجم التوتر الذي يخيم على الحزب الجمهوري، في ظل إحساس عام لدى المؤسسة الحزبية وقسم كبير من جمهوره بأن ترامب قد لا يكون المرشح الأنسب لتمثيله في السباق الرئاسي.وكان متوقعاً أن يُحدِث الخطاب الذي ألقاه ميت رومني، قبل ساعات من بدء المناظرة، صدمة كبرى. لكن استطلاعات الرأي التي نظمت سريعاً لمعرفة ردود الفعل على هجوم رومني والمؤسسة الحزبية على ترامب، أظهرت نتائج معاكسة، حيث احتفظ الأخير بتقدم لافت على كل منافسيه، ومنحته قوة دفع جديدة على تصعيد هجماته السياسية والشخصية على منتقديه.ولم تفلح جهود منافسيه في كشف مواقفه وأوراقه السياسية في ثنيه أو التأثير على إجاباته، والأدهى من كل ذلك حجم التصفيق الذي ناله من الجمهور الذي حضر المناظرة.وحين رد ترامب على رومني، متهماً إياه بالفاشل والجاحد، ارتفعت حرارة التصفيق دعماً لأقواله، في استفتاء مباشر على أن كلام رومني قد لا يُحدث فرقاً كبيراً.لم يطرح المتنافسون أفكاراً جديدة، سواء في قضايا السياسة الخارجية، ومن هو القائد المؤهل لقيادة أميركا في مواجهة تحديات تلك السياسة ومواجهة «داعش»، أو في الشؤون الاقتصادية، وخفض الضرائب، ورفع الأجور، وجلب الاستثمارات، إضافة إلى السياسة الصحية وقضية الإجهاض.وفي حين ركز روبيو وكروز هجماتهما على ترامب في محاولة لهزمه كمنافس محتمل، حافظ كاسيش على توازنه ومصداقيته، مبتعداً تماماً عن أسلوب التهجم، سواء على ترامب أو على الآخرين، الأمر الذي لاقى ترحيباً من الجمهور.لكن حين تبادل ترامب وروبيو الهجمات حول حجم يديهما أو غيرهما من أعضاء جسمهما، ارتفعت التعليقات الشاجبة، وكذلك الانتقادات التي تعرض لها ترامب بسببها. رومني كان حاضراً منذ البداية في أسئلة مديري المناظرة، وعلى رأسهم ميغن كيلي التي عادت والتقت ترامب وجهاً لوجه بعد الهجمات التي تبادلتها معه خلال المناظرة الأولى وبعدها قبل نحو سبعة أشهر.سعت محطة فوكس نيوز إلى تقديم أدلة عن كلام المتنافسين الذي أدلوا به، سواء مع محطات أخرى أو عبر الهاتف أو للصحافة المكتوبة، ونال ترامب حصة الأسد منها لإظهار تناقضه وتراجعه عن العديد من المواقف التي كان يدلي بها في هذه المناظرة أو تلك المقابلة.وسعى ترامب إلى إظهار محوريته في رفع أعداد الناخبين الذين يشاركون في الانتخابات هذا العام، الأمر الذي رد عليه المتنافسون وقيادة الحزب، بأن شعور الإحباط من سياسات الديمقراطيين، وخصوصاً من إدارة الرئيس باراك أوباما، هي المسؤولة عن حالة الاستقطاب التي يشهدها الحزب الجمهوري.في المقابل، هناك من يقول، إن ما يجري قد يكون سلاحاً ذا حدين، إذا لم يجرِ تطويق ترامب.وتذهب بعض التقديرات إلى أن الحزب قد يكون أمام مفترق قد يفرض عليه اتخاذ خيار من اثنين: إما التضحية بوحدة الحزب عبر رفض منح ترامب صفة تمثيل الحزب في الانتخابات العامة والتكتل وراء مرشح آخر، الأمر الذي سيؤدي عملياً إلى خسارته السباق، أو الحفاظ على وحدة الحزب وعدم الدفع بمرشح آخر ضد ترامب، وترك القاعدة الحزبية الغاضبة والمربكة تختار من تشاء في الانتخابات العامة، ما قد يؤدي عملياً إلى التضحية بالرئاسة الأميركية أيضاً.ولعل تعهد المتنافسين بتأييد ترامب، إذا نال ترشيح مؤتمر الحزب في يوليو المقبل، يعكس الخيار الثاني، الذي دعمته آراء شريحة مختارة من الجمهور الذي حضر المناظرة واستطلعت آراءهم محطة فوكس نيوز مباشرة بعد انتهائها، عبر فيها هؤلاء عن غضبهم مما جرى بين المرشحين، متوقعين خسارة السباق أمام المرشح الديمقراطي.
دوليات
الجمهوريون أمام خسارة وحدة الحزب أو البيت الأبيض
05-03-2016