كل الأنظار مشدودة اليوم الى "الثلاثاء الكبير 2"، حيث ستقترع خمس ولايات أميركية هي أوهايو وفلوريدا ونورث كارولينا وميسوري وإيلنوي، ما قد يؤدي الى حسم المعركة بين المتنافسين، خصوصا عند الجمهوريين.

Ad

وفضلا عن حجم تلك الولايات وعدد مندوبيها وتحديدا فلوريدا وأوهايو، فإن الفائز فيها سيحظى بأصوات المندوبين الى المؤتمر الانتخابي العام بمجرد حصوله على اكثرية اصوات الناخبين في الانتخابات التمهيدية.

ومع ارتفاع سخونة السجال السياسي والتوتر الشعبي الذي عبر عن نفسه بالمواجهات التي اندلعت، خصوصا في مدينة شيكاغو بين انصار المرشح دونالد ترامب ومعارضيه، والهجوم الذي تعرض له خلال القاء خطاب له في اوهايو السبت الماضي، اضطر ترامب الى الغاء بعض مهرجاناته الانتخابية، واندلاع سجال حاد حول مسؤوليته عن إطلاق "مارد" الانقسام والكراهية بين الأميركيين.

في الجانب الجمهوري، توحد منافسو ترامب الثلاثة تيد كروز وماركو روبيو وجون كايسك على تحميله مسؤولية تسميم أجواء الحملة الانتخابية، وعمدوا الى رسم مسافة واضحة عنه، وصلت عند روبيو الى حد التشكيك بالتزامه بدعم ترامب في حال فاز بترشيح الحزب في يوليو المقبل.

روبيو دعا ايضا بشكل مباشر انصاره الى التصويت في ولاية أوهايو لمصلحة جون كايسك الذي يشغل منصب حاكمها أيضا، في محاولة مستميتة لقطع الطريق على ترامب من الحصول على الاصوات الكافية التي قد تؤهله لحسم معركة ترشيح الحزب، في حين تبادل كايسك معه دعمه في فلوريدا ولو بشكل غير علني.

كروز يتحدى

كروز في المقابل زايد على ترامب يمينا وتحداه لكشف مضمون مقابلته مع صحيفة "نيويورك تايمز"، مشككا في تصريحاته والتزامه بوعوده الانتخابية، خصوصا في قضية المهاجرين.  

لكن اللافت ان قيادات الحزب الجمهوري باتت اكثر علانية في ابداء تحفظها وتخوفها من انعكاسات الخطاب التقسيمي الذي يلهج به ترامب، سواء على وحدة الحزب او على المجتمع الاميركي عموما. ووصف بعضهم خطابه بأنه الاكثر هبوطا في تاريخ الانتخابات الرئاسية الاميركية، ما قد يهدد بإحجام الكثير من الجمهوريين عن المشاركة في الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل اذا كان ترامب هو مرشح الحزب. واحتلت الاشتباكات التي شهدتها شيكاغو صدارة اللقاء المفتوح الذي نظمته بشكل مشترك محطة "سي ان ان" و"تي في وان" في مدينة كولومبس في ولاية أوهايو مع المرشحين الديمقراطيين هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز امس الأول، حيث شنا هجوما شديدا على ترامب محملين إياه مسؤولية ما جرى.

أحد الحاضرين، وهو طبيب من اصل هندي، سأل الاثنين عما يمكن ان يفعلانه لوقف ترامب ومنعه من ان يصل الى الرئاسة في ظل حالة الخوف الذي بدأت تسكن الاقليات العرقية والدينية من خطابه التحريضي.

وبينما أكد ساندرز أنه الاقدر على هزيمة ترامب بالاستناد الى استطلاعات رأي قال انها تمنحه تفوقا عليه، قالت كلينتون إن 25 عاما من هجمات الجمهوريين عليها اكسبتها مناعة وخبرة في كيفية التصدي لظاهرة ترامب، كاشفة انها تلقت العديد من الاتصالات من زعماء دول غربية كبرى أبدوا رغبتهم في إعلان تأييدهم لها، بينهم رئيس الوزراء الايطالي.

صلبة وبراغماتية

ووفق المعلقين بدت إجابات كلينتون على اسئلة الجمهور أكثر صلابة وبراغماتية في ظل احساس شريحة واسعة بأن "التطرف" الذي يمثله ترامب من اليمين وساندرز من اليسار، يشكل خطرا على النسيج السياسي الاميركي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الولايات المتحدة.

واضاف هؤلاء أن الجواب على الأزمة التي تعانيها الاقتصادات الغربية الكبرى وتداعياتها السياسية التي ضربت استقرار الطبقة الوسطى فيها، لا يمكن التصدي لها بخطابات تمعن في تقسيم المجتمع ايديولوجيا وفكريا وعرقيا، في الوقت الذي لا يمتلك فيه أحد الجواب الشافي عن كيفية الخروج من هذه الازمة البنيوية الفريدة التي تعيشها الرأسمالية، والارتداد الى سياسات الحمائية والانعزال بعد عقود من العولمة الاقتصادية.

يبقى ان احتمالات التصويت لاتزال حتى الساعة تعطي ترامب تقدما ملحوظا على منافسيه في الولايات الخمسة، في حين تحتفظ كلينتون بتقدمها في ولاية أوهايو المهمة مسجلة 65 في المئة مقابل 35 في المئة لساندرز وفي ولايتي فلوريدا وميسوري ونورث كارولينا.

وبانتظار نتائج التصويت اليوم، تبقى الانظار مشدودة الى ما ستسفر عنه السجالات الحادة التي انخرط بها الجميع بمن فيهم الرئيس باراك أوباما، الذي تهكم من الجمهوريين المصدومين مما يجري، قائلا انه النتيجة الطبيعية لسنوات من حملات التحريض وسياسات التعطيل التي مارسها الجمهوريون، ووصلت الى حد التشكيك في مكان ولادته وفي شرعيته.