وداعاً يا أحمد
بقلب مؤمن بقضاء الله، تلقيت النبأ الحزين بوفاة الأخ العزيز أحمد عيسى بشارة، رحمه الله رحمة واسعة وأحسن مثواه.كان د. أحمد من أعز الأصدقاء لي ومن أقربهم إلى القلب، فقد عرفته منذ 60 عاماً عندما كنا في الفصل الدراسي الأول المتوسط في المدرسة المباركية، فكان من التلاميذ الأذكياء والمتفوقين، إلا أنه تعثر في "الثاني المتوسط"، لغيابه عن المدرسة عدة أشهر، بسبب حادث حريق تعرض له، ما أدى إلى انقطاعه عن الحضور إلى المدرسة وملازمة الفراش، فافترقنا مدة طويلة، إلى أن عاد اللقاء بيننا في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، واستمرت صداقتنا وعلاقتنا كإخوة حتى وافاه الأجل يوم أمس الأول، رحمة الله.
كان د. أحمد صديقاً صدوقاً قولاً وعملاً، ولا يخشى في قول الحق لومة لائم، سواء اتفقت معه أو اختلفت، كما كان جريئاً في تصرفاته وأفعاله، ومثال ذلك أنه كان خارج الكويت في يوم الغزو العراقي الغاشم، وأصر على العودة إلى البلاد، ودخل الكويت في اليوم الخامس من أيام الغزو المريرة، واستمر بها حتى تحررت البلاد، كما كانت تحركاته كثيرة في تلك الأيام، والتواصل المستمر مع الموجودين في البلاد أثناء الغزو، مع تعرضه للأخطار في حينها.ويعتبر د. أحمد من العلماء المرموقين في مجال الكيمياء والطاقة والطبيعة، وإن كان بطبيعته لا يحب أن يبرز هذا الأمر، وذلك لثقته المطلقة بنفسه وبعلمه، فسخر جل وقته للعلم والبحث والتفكير، وفي معظم حياته العملية كأستاذ في جامعة الكويت ونائب لمدير معهد الأبحاث العلمية، ثم انتقل أخيراً من جامعة الكويت التي كان مرشحاً ليكون مديراً لها إلى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي نائباً للمدير العام د. عدنان شهاب الدين، فكان إضافة علمية بارزة يؤمل منه العطاء الوفير، إلا أن قدر الله ومشيئته قد حلت، وانتقل إلى رحمته تعالى، لينهي حياة مليئة بالجد والجهد والمثابرة على العمل.وفقدت الكويت برحيل د. أحمد بشارة قامة علمية بارزة، وفقدتُ صديقاً عزيزاً... رحمك الله يا أبا فهد وأحسن مثواك، وألهم أهلك وذويك الصبر وحسن العزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.