باسكال مشعلاني: الجمهور لم يخذلني وقوّتي من إيماني وتصالحي مع نفسي

نشر في 18-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 18-01-2016 | 00:01
رسمت خلال 23 سنة في الفن هوية فنيّة خاصّة بها لم يستطع أحد منافستها فيها، وأقامت علاقة وطيدة مع جمهور بقي وفياً لها حتى في فترات الغياب. تؤمن باسكال مشعلاني بأن أحداً لا يستطيع أن يأخذ مكان أحد وتعتبر أن المثابرة والاجتهاد ومواكبة التطور، عناصر مهمة لاستمرارية ناجحة.
حول مشاريعها التي تحضّر لها وأمنياتها للسنة الجديدة ونظرتها إلى الواقع الفنّي، كانت الدردشة التالية معها.
ما أمنياتك للسنة الجديدة؟

تكثر الأمنيات مطلع كل عام ويتبادل الجميع التهاني بالأعياد، جميلة هذه المظاهر وتُعلّق آمال كثيرة على العام الجديد، عله يحمل كل خير.

من جهتي، وفي ظل الأوضاع السياسة والأمنية المتوترة عربياً، وما نشهد من حروب وقتل وتفجيرات، أدعو الله أن يكون 2016 عام استقرار وهدوء وعودة الناس إلى بيوتهم وأراضيهم بعد حالات التهجير التي نشهدها يومياً.

 أما على الصعيد الشخصي، فأمنيتي الأولى والأخيرة الصحّة للمحيطين بي، وأن يحفظ لي الله ابني وزوجي وأمي وعائلتي والمحبين والأصدقاء. مهنياً، سأجتهد للحفاظ على استمرارية ناجحة لمسيرتي الفنية وأعد الناس بمفاجآت.

حققت إطلالتك في سهرة رأس السنة التي أحييتها في المغرب أصداء إيجابية وناجحة.

صحيح. المغرب بلد جميل وفي كل مرة أزوره أشعر بمدى الأمان الاستقرار والازدهار في ربوعه. الطبيعة جميلة هناك والناس طيبون إلى أبعد الحدود. أما الحفلة فكانت رائعة، حضرها أكثر من ألف شخص وقدمت فيها أغاني قديمة وجديدة رددها الجمهور معي، فضلا عن أغنيتي {يا مدقدق} و{حبيبي اشبيك} اللذين لهما وقعهما بين الجمهور المغربي.

هذا التفاعل الكبير من الجمهور مع أعمالك، بماذا يشعرك؟

بفرح وسعادة لا يوصفان، فكما استقبلني الجمهور مع بداية 2016 بهذا الحب، لم يخذلني السنة الماضية، إذ حقق ألبومي الخليجي {باسكال مشعلاني 2015} نجاحاً وأحييت مهرجانات وحفلات كان لها وقعها، كذلك إطلالاتي التلفزيونية. ما أريد قوله إن حب الجمهور ووفاءه هما الهدية الكبرى لأي فنان والهدف الذي يعمل لأجله.

من أين تستمدين هذه القوة وهذا التفاؤل؟

أصلي قبل أن أنام وحين أستيقظ. يمنحني الإيمان القوة والأمل بالحاضر الذي أعيشه وبالمستقبل. أذكر أنني قدمت خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو 2006 أغنية {وينك يا إنسان}، وزرت المهجرين والبيوت المهدمة، فانتابني شعور بأن لبنان سيقوم مجدداً وستعود الحياة إلى ربوعه، وبقيت أحلم بمشاريع فنية جديدة. لا شك في أن تصالحي مع نفسي ووجود أصدقاء ومحبين أوفياء حولي، كل ذلك يعطيني مزيداً من الصلابة والإصرار.

أخبرينا عن أغنية {راجعة تإبقى معك} التي انتهيت من تسجيلها.  

اخترتها من بين 10 أغانٍ تقريباً وسأطرحها خلال أسبوعين. أنا {مغرمة} بهذه الأغنية، وكل من استمع إليها توقع أن يكون لها وقعها بين الناس، نظراً إلى كلماتها الواقعية والجميلة التي كتبها منير بو عساف، وتميز زوجي ملحم أبو شديد بتلحينها وتوزيعها، يقول مطلعها: {راجعة تإبقى معك، ضايعة مدري شو بني، تاري لي بودعك كأنو مودّع دني}.

ماذا عن الألبوم الجديد؟

لم يمرّ زمن طويل على طرح ألبومي الخليجي، وبما أنني سأطرح أغنية جديدة قريبا، فأرى من الأفضل التروي قليلا في طرح الألبوم الجديد الذي اخترت معظم أغانيه، ولكن التعديل وارد طبعاً، وسيكون على ما أعتقد في الأسواق في مايو، من إنتاج شركة {روتانا}.

تربطك علاقة جيدة مع شركة {روتانا} في وقت انتهت علاقة نجوم كثر بها!

على الفنان أن يعلم بأن شركة الإنتاج لا تحقق الأحلام بل الفنان نفسه هو الذي يصنع حلمه بيديه وبإصراره واجتهاده. في النهاية أسلم ألبومي إلى الشركة التي تعمل على توزيعه وتحضير الإعلانات اللازمة، إضافة إلى الكليبات وغيرها من أمور. لكن أساس العمل ومضمونه قائمان على الفنان نفسه. ثم لا يمكن أن تتجاهل الشركة الفنان المجتهد والمميز الذي يحقق نجاحاً في حفلاته وإطلالاته، أو تقف في دربه. من هنا أصف علاقتي بـ {روتانا} بالجيدة ونكمّل بعضنا البعض.

استمرارية

بعد مسيرتك الفنية الطويلة، ما أسباب نجاح هذه الاستمرارية؟

الفنان الذي يعمل للفن لأجل الفن وليس من منطلق تجاري أو لأي أسباب أخرى ويكون وفيّاً مع الجمهور، لا بد لهذا الجمهور أن يبادله الوفاء حتى ولو غاب عنه، أو قصّر معه في فترة من الفترات ولأسباب طارئة، المهم أن تكون ثمة عودة، دائماً، بأعمال لا تقل مستوى وأهمية عن الأعمال التي قدمها في مسيرته الفنية وأحبّه من خلالها الجمهور.

ابتعدت عن الساحة الفنية لفترة لكنك عدت بالنجاح نفسه!

صحيح. ابتعدت عن الفن بعد زواجي وحملي وولادة ابني. نصحني البعض بالعودة سريعاً كي لا ينساني الناس، خصوصاً أن نجوماً كثراً يولدون بين ليلة وضحاها، إلا أنني ترويت، وحين شعرت برغبتي في العودة عدت، وكان وفاء الجمهور هو نفسه، بل الشوق كبر وكم فرحت بذلك.

 قدمت أغنيتي {نبغيك} و{أحلام البنات} اللتين حققتا نجاحاً اسثنائياً، ثم أطلقت ألبومي الخليجي الذي حرصت على ألا يكون تقليدياً لنواحي المضمون والإطلالة وصور غلافه والكليب الذي قدمته وحقق نجاحاً في مختلف الدول العربية. ولا أنسى الحفلات والمهرجانات والأعراس التي أحييتها العام الماضي من قطر إلى مصر والمغرب ولبنان وغيرها، وتكللت بالنجاح وغمرني الناس فيها بمحبتهم.

ماذا عن الجمهور السوري الذي يعيش الحرب والتهجير؟

أملك قاعدة جماهرية في سورية، وقلبي يعتصر ألماً في كل مرة أتابع فيها مشاهد القتل والدمار والتهجير. وفي هذا السياق أريد الحديث عما حصل معي ويصبّ أيضاً في خانة وفاء الجمهور الذي كنا نتحدث عنه. خمسة من المعجبين بي في سورية شاء القدر أن يرحلوا عن أرضهم إلى الأردن ومن الأردن انقسموا بين ألمانيا والدنمارك وتركيا، وقد فوجئت مع حلول العام الجديد باتصالهم بي رغم الأزمة التي يعيشونها ليتمنوا لي الخير والنجاح في 2016. أفرحني هذا الأمر وأبكاني في آن. أصلي لهؤلاء يومياً ليسهل الله دربهم في حياتهم الجديدة.

لم يتغيّر وفاء الجمهور، ما الذي تغيّر في الفن بين الأمس واليوم؟

أثّر التقدّم التكنولوجي في الفن، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي التي قلبت المقاييس وجعلت التفاعل بين الفنان والجمهور مباشراً، ولا شك في أن أي فنان لا يواكب التطور الحاصل، لن يحقق الاستمرارية المطلوبة. كانت نصيحة  توجه إلى الفنان في الماضي بألا يظهر كثيراً أمام الناس، أما اليوم فيشارك الفنان الجمهور تفاصيل حياته اليومية من خلال صور وتغريدات، ولم يعد الأخير بحاجة إلى شراء مجلّة لمعرفة جديد النجم الذي يحب. كذلك تغيرت البرامج الفنية التلفزيونية والدليل وفرة برامج المواهب والضخامة من ناحية الإنتاج. حتى إن المغنين أصبحوا يمثلون ويقدمون برامج، وهي ظاهرة جديدة.

يقول البعض إن التقدم التكنولوجي جعل الجيل الجديد من النجوم يأخذ مكان الجيل القديم!

أؤمن بأن أحداً لا يستطيع أخذ مكان أحد ما دام الفنان مجتهداً ويقدّم أعمالا جميلة ويملك أرشيفاً مميزاً. مثلاً، ما زلت من عشّاق خوليو وأحضر حفلاته، كذلك من يراقب الساحة الفنية يجد أن أسماء كثيرة لمعت في فترة معينة، ولم نعد نسمع بها، بينما الأسماء التي بنت نفسها ورسمت هويتها، ما زال لديها وقعها وأهميتها وجمهورها. يصعب على من عرف الشهرة الابتعاد عنها والاعتزال! الشهرة سيف ذو حدين ومن يريد خوض غمارها عليه معرفة كيف يتعامل معها. أؤمن بالمثل القائل: «لو دامت لغيري لما آلت إليّ».

أمومة وزواج

بالانتقال إلى حياتك العائلية، هل تحتل  الأمومة  المرتبة الأولى لديك؟

ابني إيلي الذي بلغ الرابعة من عمره هو النجمة المضيئة في حياتي، والأمومة التي عشتها من خلاله أهم ما قمت به في الحياة.

ما سر حفاظك على استمرارية زواج ناجح؟

نتبادل زوجي الملحن ملحم أبو شديد وأنا الثقة والصراحة والاحترام. وما دامت هذه العناصر الثلاثة موجودة فلا يمكن للزواج إلا أن يستمر، والحب يكبر، بل يأخذ أشكالاً مختلفة. اختبرت تفاصيل الحياة ودخلت مجال الفن وحققت نجاحاً وبنيت قاعدة جماهيرية وجلت العالم وصقلت شخصيتي... وكنت دائما أُسأل عن الزواج إلى أن وجدت الشخص المناسب، وتزوجت عن وعي وإدراك وحب وأنجبت ابني إيلي الذي هو ثمرة هذا الحب.

ديو المشاهير... والصحافة

أطللت أخيراً في برنامج «ديو المشاهير»، كيف تقيّمين هذه التجربة؟

جميلة وموفقة وحققت  وجماهيرية. يتمتع المشاهير المشاركون بروح عفوية وجميلة، والتعرف إليهم عن قرب شكل فرحاً بالنسبة إلي. شخصياً، أحب هذا البرنامج كونه قائماً على هدف إنساني، وأحيي النجوم الذين يشاركون فيه لأجل مساعدة المحتاجين في زمن غلبت فيه المصلحة على العلاقات الإنسانية. كذلك سعدت بما كتبته الصحافة عن هذه الإطلالة وأشكرهم جميعاً.

في مناسبة حديثك عن الصحافة، من يراقب مسيرتك الفنية يلاحظ أن ثمة علاقة طيبة تجمعك مع الصحافة العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، ولا خلافات تذكر على عكس كثر من زملائك!

الصحافة دعم لأي فنان. منذ دخولي عالم الفن أتجنب «القيل والقال» وأركّز على عملي وتقديم أغانٍ جميلة وناجحة تقدرها الصحافة، وفي حال وجهت إلي ملاحظات آخذها برحابة صدر، خصوصاً البنّاءة منها، لأن من يريد التقدّم عليه الاستماع إلى الغير أيضاً، وفي حال أزعجني نقد معين ألتزم الصمت ولا أدع أحداً يستفزني وأرفض الدخول في الردود المضادة. قوّت هذه العوامل علاقتي مع الصحافيين، وأشكرهم على وقوفهم إلى جانبي طيلة مسيرتي الفنية.

back to top