ينشغل متابعو الشأن العراقي بمشهد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وهو يدير احتجاجاً متنوع الأساليب، بلغ ذروته حين دخل مساء أمس الأول إلى المنطقة الخضراء، حيث مقار الحكومة والبرلمان والسفارات الرئيسة، لكن قليلين انتبهوا إلى مقال افتتاحي نشره وزير النفط المستقيل عادل عبدالمهدي، في جريدة تابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، كشف فيه أن أحد أطراف السلطة العليا يريد حل البرلمان، حتى لو تطلب ذلك تجميد الدستور.
وتعيش البلاد خلافاً حاداً حول تعديل وزاري قد يعني هيمنة حزب «الدعوة» على السلطة، وتهميش شركائه في الائتلاف الحكومي، كما قد يعني خطوة تطيح رئيس الحكومة حيدر العبادي، وتنهي 12 عاماً من احتكار هذا الحزب للمنصب التنفيذي الأعلى.ولم يكن الوزير عبدالمهدي بحاجة إلى أن يصرح باسم الطرف الذي يفكر في حل البرلمان، لأن الوحيد القادر على المجازفة بهذه الخطوة هو حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه العبادي، كما أن هذا النوع من الخيارات المتطرفة يحمل بصمة الأمين العام للحزب نوري المالكي، الذي يريد أن يثأر من خصومه بأي ثمن، بعد أن خلعوه من منصبه مرتين منذ 2014.وكشف عبدالمهدي أنه استقال من الحكومة احتجاجاً على هذا النوع من السيناريوهات، التي تعني أن «الدعوة» يريد إجراء تعديل وزاري يطيح خلاله وزراء منافسيه، خصوصاً الشيعة، ولكي يتمكن من تحقيق هذه الخطوة عليه أن يتخلص من البرلمان، لكن ما يحصل الآن هو العكس.فالخطوة ستواجه معارضة كبيرة، خصوصاً من «النجف»، ولذلك سيبقى البرلمان على الأرجح يعمل في ظروف صعبة، ليواجه المراقبون السؤال التالي: من سيسيطر على البرلمان؟وخلال جلسة الخميس، بدا أن العبادي لايزال يمتلك حلفاء وأصدقاء بين الكتل النيابية، فبينما يصر مقتدى الصدر على منح العبادي مهلة قصيرة جداً لإجراء تعديل وزاري يستقطب التكنوقراط والخبراء، صوت البرلمان على منحه مهلة أسبوعين، وهي فترة تبعث على استرخاء حزب «الدعوة»، ما دفع كتلة الصدر إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجاً على ذلك، حيث تطالب بمهلة لا تتجاوز اليومين!ولا تشكل كتلة الصدر سوى أقل من 40 نائباً من أصل 325، لكن آلاف المعتصمين على مسافة 1000 متر ربما من البرلمان، ووجود الصدر نفسه داخل المنطقة الحكومية، جعلا البرلمان يعيد النظر ويصوت مرة أخرى بوساطة من تيار عمار الحكيم، على منح العبادي مهلة 3 أيام فقط تنتهي بعد غد الخميس، وإذا لم يمتثل لهذا التوقيت المحرج فسيتعرض لاستجواب قد ينتهي بسحب الثقة منه.ويندر أن يخضع البرلمان العراقي لمثل هذا الضغط في قضية كهذه. وتعني هذه الخطوة عملياً أن الصدر بدأ يهيمن على أخطر قرارات البرلمان، وأن اعتصامه بدأ يتحول إلى أداة حقيقية لإعادة صياغة الأوزان السياسية، بينما يبدو «الدعوة» فاقداً زمام المبادرة، مكتفياً ببيانات شديدة اللهجة كان آخرها يقول: «إن اعتصام الصدر مؤامرة إقليمية ضد حزب الدعوة»، وهي صياغة تثير سخرية على نطاق واسع في البلاد منذ يومين.
دوليات
الصدر يتقدم على العبادي في الصراع على «الغالبية»
29-03-2016