ربع قرن مضى... فهل يعلمنا شيئاً؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
كانت الخطى توحي بأننا في طريقنا لتعلُّم الدرس، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن؛ فتمت الدعوة إلى المجلس الوطني، أحد أبرز معالم ومؤسسات الانفراد بالسلطة قبل الغزو. وما إن بدأ مجلس الأمة جلساته، وكان جله من "معارضة ديوانيات الاثنين"، حتى قفزت الحكومة إلى الأمام واختارت أكبر عدد من الوزراء من بين النواب المنتخبين. وفي المقابل خاضت الحكومة معركة شعواء ضد تشكيل لجنة تحقيق في الغزو، ونجحت في تحويل اللجنة إلى "تقصي حقائق". ومع أن اللجنة قامت بعملها على أحسن وجه، إلا أن المأساة أن التقرير الذي يشرح للناس ما جرى، وكيف حدث الغزو، مازال سرياً، وأعني هنا أنه لا توجد صيغة رسمية معلنة لتقرير تقصي الحقائق، باستثناء أجزاء هنا أو هناك تجدها على النت. وعبثاً حاولت مع نواب ووزراء نشر التقرير، بما في ذلك المجلس المبطل الأول، ولكن دون جدوى.وهكذا خسرنا معركة الشفافية، وهي محور ارتكاز للدول المستقرة الآمنة. وربما جاءت مؤخراً عكس التيار الخطوة المتقدمة التي قام بها ديوان المحاسبة بنشره تقريره السنوي على موقعه الإلكتروني ليكون متاحاً لكل الناس، ولا يتم تركه لانتقاءات الصحف أو النواب أو الوزراء. وعسى أن يكون تصرف ديوان المحاسبة مثلاً يحتذى لبقية أجهزة الدولة بقطاعاتها المختلفة، وهو اتجاه نرجو أن يستمر وأن يتعزز من كل الأجهزة الرسمية التي تخفي معلومات لا يحق لها أن تخفيها، فحق الحصول على المعلومة العامة جزء أصيل في بناء المجتمع الديمقراطي. الخطوة متأخرة ولكنها محمودة فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً.