جدَّد سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، دعوة الكويت إلى الوصول لحل سياسي للأزمة السورية، وحث على اعتماد فلسفة جديدة لدعم آلاف اللاجئين الفارين من الحرب، متعهداً بتقديم الكويت 300 مليون دولار لمساعدة السوريين.

Ad

 

شهدت لندن، أمس، أعمال مؤتمر المانحين الرابع لدعم الوضع الإنساني في سورية والمنطقة، برئاسة كل من بريطانيا والكويت والنرويج وألمانيا، وبمشاركة زعماء ورؤساء دول ورؤساء حكومات وممثلي أكثر من 70 دولة.

وبحث المؤتمر، الذي حمل عنوان "دعم سورية والمنطقة"، سبل مضاعفة المساعدات المالية الموجهة لدعم الشعب السوري في الداخل واللاجئين في دول الجوار، ويهدف كذلك إلى إيجاد حل لمشكلة تعليم الأطفال، وإتاحة فرص العمل للاجئين، ولاسيما في الأردن ولبنان وتركيا.

كما بحث المؤتمر آليات مساعدة دول الجوار السوري على مواجهة تبعات تدفق مئات الآلاف من اللاجئين عليها، وما نجم عن ذلك من ضغوط على المجتمعات المستضيفة، وخاصة في المجال الاقتصادي والخدمات الاجتماعية الأساسية، كالصحة والتعليم.

سمو الأمير

وفي كلمته أمام المؤتمر، أكد سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، أن "المأساة الإنسانية في سورية لن تنتهي إلا بحل سياسي يحقن الدماء ويعيد الاستقرار لعالمنا"، معلناً "مساهمة الكويت على المستويين الرسمي والأهلي بمبلغ 300 مليون دولار على مدى 3 سنوات لدعم سورية".

مؤتمرات الكويت

وأشار سموه إلى أن المؤتمر الرابع للمانحين لمساعدة سورية والمنطقة يأتي "استكمالا لثلاثة مؤتمرات استضافتها بلادي الكويت على مدى السنوات الثلاث الماضية استطاعت خلالها جمع تعهدات تجاوزت 7 مليارات و300 مليون دولار سددت الكويت منها مليارا و300 مليون دولار ساهمت في تأمين الاحتياجات المطلوبة للتخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق الذي يواجه أكبر كارثة إنسانية في عالمنا المعاصر".

ولفت إلى أن "آثار هذه الكارثة المدمرة لم تقتصر على إقليمنا الذي يعاني حالياً تبعاتها، بل تجاوزت لتصل إلى قارات أخرى، ومنها أوروبا، التي وفد إليها اللاجئون بأعداد كبيرة، طلباً للأمن والعيش الكريم، كما انتقلت إليها المنظمات الإرهابية، التي انطلقت من بؤر التوتر، لتمارس أعمالها الإجرامية الدنيئة في بعض الدول الأوروبية".

حل سياسي

وعن التحركات لإيجاد حل للأزمة السورية ومؤتمر "جنيف 3"، قال سمو الأمير: "نؤكد هنا ما سبق أن ذكرناه، بأن هذه المأساة الإنسانية لن تنتهي إلا بحل سياسي يحقن الدماء ويعيد الاستقرار لعالمنا". وأضاف سموه: "نأمل أن نصل بهذا الصراع إلى حل سياسي ينهي معاناة شعب بأكمله، ويخلص العالم من تبعاته المدمرة، وفي هذا الصدد، فإننا نتطلع إلى أن تحقق اجتماعات جنيف برعاية الأمم المتحدة، ممثلة بمبعوث الأمين العام ستيفان ديميستورا النتائج المنشودة".

فلسفة جديدة

ودعا سموه إلى "التفكير في فلسفة جديدة لتقديم الدعم والمساعدة للنازحين واللاجئين عبر اعتماد برامج وخطط توفر لهم فرصا لتعليم، وتحفظ الأطفال من ضياع حقهم فيه، وترتقي بمستوى تعليمهم، بما يمكنهم من مواجهة أعباء الحياة يعينهم على رسم مستقبلهم ويجنبهم الأمية والجهل، ويحصن عقولهم من أي أفكار هدامة. وفي القطاع الصحي، لابد لنا من اعتماد برامج تعنى بالصحة، تؤمن لهم الخدمات الصحية الملائمة، وتحصنهم من الأمراض والأوبئة، وتوفر لمرضاهم العلاج اللازم".

كما حث سمو الأمير على ضرورة "توفير برامج خاصة تؤمن لهم فرص العمل، وتحفظهم من تبعات البطالة وخطر الانجراف في أعمال تهدد مستقبلهم، ولا بد لنا هنا من التأكيد أن هذه البرامج يجب أن تنفذ وفق فترات زمنية محددة، لضمان استمرارها، وتحقيق الأهداف المرجوة منها".

بان كي مون

وفي كلمته أمام المؤتمر، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بجهود الكويت، حكومة وشعبا، في حشد الدعم الدولي لمساعدة الشعب السوري، وتوجه بالشكر الخاص لسمو أمير البلاد، لرعايته مؤتمرات المانحين الثلاثة السابقة، التي نجحت في جمع تمويلات سخية لدعم الشعب السوري واللاجئين في دول الجوار.

واتهم كي مون النظام السوري وروسيا بإفشال مؤتمر "جنيف 3"، الذي أعلن أمس الأول عن تعليقه حتى 25 الجاري، وقال في هذا السياق: "من المؤسف حقا أن يتم تقويض أولى خطوات المحادثات، باستمرار منع وصول المساعدات، وبالارتفاع المفاجئ في عمليات القصف الجوي والتحركات العسكرية داخل سورية"، في إشارة إلى الهجوم الذي تقوم به القوات السورية على ريف حلب الشمالي بغطاء جوي روسي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى "استغلال الأيام المقبلة في محاولة العودة إلى طاولة التفاوض، وليس تحقيق مزيد من المكاسب بساحة المعركة في سورية".

كيري

من ناحيته، تعهد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتقديم واشنطن 600 مليون دولار للاجئين السوريين، ودعا روسيا وسورية إلى السماح بمرور المساعدات الانسانية إلى المناطق المحاصرة.

وقال كيري إن نظيره الروسي سيرغي لافروف وافق خلال محادثة هاتفية بينهما أمس على ضرورة مناقشة سبل تنفيذ وقف لإطلاق النار في سورية، وعلى ضرورة إيجاد سبيل لإيصال المساعدات الإنسانية للطرفين.

ميركل

بدورها، قالت المستشارة الالمانية إنجيلا ميركل إن "الاتحاد الأوروبي سيوفر 3 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين في تركيا"، متعهدة بأن المانيا ستمنح 2.3 مليار يورو (2.57 مليار دولار) في صورة مساعدات لسورية بحلول عام 2018، بينها 1.1 مليار يورو هذا العام.

وشكرت ميركل "لبنان والأردن وتركيا على استقبال اللاجئين السوريين، لكن هذه البلدان بحاجة إلى مساعدتنا، ونريد تخصيص 570 مليون يورو، في إطار برنامج الغذاء العالمي".

ورأت أن "كل الأطراف المعنية عليها مسؤولية الاتفاق على وقف إطلاق النار في سورية، لكن نظام الرئيس السوري بشار الأسد هو المسؤول الأول عن ذلك".

كاميرون

وكان رئيس الحكومة البريطاني المضيف تعهد بتقديم مساعدات إنسانية إضافية للمتضررين من النزاع السوري داخل سورية وفي الدول المجاورة، تصل قيمتها إلى 1.2 مليار جنيه استرليني (1.74 مليار دولار) بحلول عام 2020.

وأوضح كاميرون، أن هذه المساعدة ستخصص لتمويل التعليم، واستحداث وظائف، وللمساعدات الإنسانية في سورية والأردن ولبنان وتركيا.

النرويج

وفيما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، أنها ستقدم 137 مليون دولار، أملت رئيسة وزراء النرويج ارنا سولبرغ، أن تكون المحادثات في جنيف بشأن الوضع السوري مثمرة، لافتة إلى أن بلادها ستقدم 10 مليارات دولار في السنوات المقبلة لمساعدة اللاجئين السوريين وأغلبيته سيخصص للأطفال.

وتمنت سولبرغ "الاستجابة للحاجات الانسانية داخل سورية، فعلينا بناء المدارس والمستشفيات وإزالة الألغام، لجعل المدن أكثر أمنا"، موضحة أن "بعض اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون أوضاعاً صعبة"، مؤكدة أن "الدول المضيفة بحاجة إلى دعم كبير، لمواجهة التحديات والأعباء".

كلمات «دول الجوار»

في كلمة أمام مؤتمر المانحين، أكد وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، إن "تركيا هي أكبر دولة مضيفة في العالم للاجئين السوريين، وهي تتحمل عبء الأزمة السورية على كاهلها"، مشيراً إلى "أننا نؤمن التعليم لعدد كبير من النازحين"، وأن السلطات التركية خصصت 10 مليارات دولار للموجودين في المخيمات.

وسياسياً، تساءل أوغلو: "متى سنضع حدا لجرائم حرب النظام السوري؟".

سلام

أما رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، فأشار إلى أن "لبنان سيكون عاجزا عن منع انطلاق موجة جديدة من النازحين إلى شواطئ جديدة"، مشيرا إلى أن بلاده غير قادرة على تمويل "عبء اللاجئين"، وأن هناك نقصا دائما.

ودعا إلى تطبيق "حزمة من الالتزامات المتبادلة بين الحكومة اللبنانية والشركاء الدوليين"، وشدد على ضرورة أن يكون "الحضور السوري في لبنان مؤقتاً"، لافتا إلى "ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع النمو، فضلا عن مشاكل أخرى" بسبب اللاجئين.

عبدالله الثاني

وأشار الملك الأردني عبدالله الثاني إلى أن" الأردن يقترح مبادرة جديدة باستطاعتها مواجهة أزمة النازحين تهدف إلى تأمين الدعم والنمو أيضا".

واقترح "تأمين الاكتفاء الذاتي للنازحين"، داعيا إلى بناء نموذج جديد لتحرك فعال ومستدام. وأكد أن "الأردن وصل إلى حدود طاقته القصوى بالنسبة لمساعدة النازحين". وطالب المجتمع الدولي بتقديم العون إليه، لتحمل مسؤولياته.