تطلّ الممثلة اللبنانية القديرة رولا حمادة في شخصية زعيمة المافيا {ناديا كييف} أو «نادوشكا»، في مسلسل {سوا} (كتابة رينيه فرنكوديس، إخراج شارل شلالا، وإنتاج Chelae production) عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال. كذلك تستعدّ في المرحلة المقبلة للتحضير لمسرحيتها الأولى من كتابتها {حبيبي مش قاسمين}.

Ad

عن دورها اللافت في {سوا} ومسرحيتها الجديدة تحدثت إلى الجريدة:

بمقدار ما تحوي شخصيتك «نادوشكا» في {سوا} شراً لكننا تعاطفنا معها، أخبرينا عن ميزتها؟

يؤثّر ماضي «ناديا كييف» أو «نادوشكا» المحفور داخلها فيها ويوّلد لديها ردود فعل، وهذا ما يكشفه {الفلاش باك} في خلال الحلقات. أبعدت ولديها عنها بهدف حمايتهما، وعندما سنحت لها الفرصة برهنت حبّها لهما وأنها في النهاية أمّ قبل أي شيء آخر. على كلٍ، لا يصبح المرء شريراً بشكل مجّاني، فلكل منّا جانبان، واحد خيّر وآخر شرير، يظهران وفق معاملة الآخرين لنا ومواقف نتعرّض لها.

لم نعتد على زعامة المرأة المافيات في المسلسلات أو الواقع، فهل من جانب حقيقي في هذه الشخصية؟

إذا نظرنا حولنا في الواقع، وجدنا نساء «مافياويات» لكننا نتعامل مع هذه الحقيقة وفق وضعنا الاجتماعي. أي أن ثمة نساء يقمن بأعمال مشبوهة في المجتمع، لكننا لا نرى حقيقتهن في العين المجرّدة لأنهن قادرات على التلطي وراء أمور كثيرة أخرى لإخفاء ذلك.

ما دمت تستخرجين شخصياتك من داخلك، ألم تخشي اكتشاف جانبك السلطوي الشرّير؟

أبداً، لأننا عندما نواجه الأمور نحلّها. من الطبيعي أن يحمل الإنسان في داخله جانباً شريراً، إنما من الجيّد استخدامه في التمثيل لا مع المحيطين به.

هل تعاطفت مع الشخصية عندما قرأتها أم شعرت بالاستفزاز؟

حفّزني شرّها على خوض هذا الدور والاندفاع في أداء شخصية لا تشبه أياً من شخصيات قدّمتها سابقاً. ما أعجبني صراحة كيفية تبرير شرّها، والتأكيد أن الإنسان ليس خيّراً أو شريراً في المطلق، والدليل الجانب الشرير المتقصّد الذي ظهر لدى غالبية شخصيات المسلسل التي تعمّدت الإيذاء عن تصميم ووعي.

في ظلّ ما تتعرّض له المرأة العربية، ألا ترين ضرورة أن تكون قاسية على غرار ناديا كييف؟

يجب ألا تكون شريرة أو قاسية أو مجرمة، إنما إرادية ومصممّة بهدف قلب واقعها وتحصيل حقوقها، لأن أحداً لن يمنحها هذه الحقوق ما لم تنتزعها بنفسها.

انطلق {سوا} من نجاح فريق عمل «وأشرقت الشمس»، فهل كان الرهان على تجانس الفريق في محلّه؟

أعتقد أن ردود فعل الناس والتعليقات الإيجابية ونجاح «سوا» يبرهن ذلك الأمر طبعاً، لأن الفريق يعمل بتأنٍ وفنٍ ويحبّ عمله ولا يستسهل في أي شأن، كذلك لا يقلل من احترام عين المشاهد وذوقه الفنّي. إلى ذلك يتميّز ممثلو المسلسل بالاحتراف فضلاً عن أن كلاً منهم جاء في الموقع المناسب.

هل من دور للخبرة في تقديم شخصية متقلّبة ومزدوجة الأحاسيس على غرار {ناديا كييف}؟

الخبرة ضرورية في أي مهنة، فكيف بالحري في التمثيل. هي عملية تراكم تحصل عبر السنوات وتظهر بوضوح لدى الشخص الناجح في مهنته والمتملّك للمعرفة، وهكذا بالنسبة إلى الممثل الذي لا يملك في مهنته أدوات سوى أحاسيسه ومدى قدرته على إقناع المشاهد، وذلك يتطلّب تطويراً ذاتياً إلى جانب الخبرة.

أديّت سابقاً شخصيات مثالية في الحياة، فهل تحضير هذه الشخصية يوازي تلك صعوبة وجهداً؟

أبداً، لأن الشخصية المثالية تشبه نفسها في مكان ما إلى حين حصول تقلّبات معيّنة في السيناريو، أما هذه الشخصية فمتقلّبة من مشهد إلى آخر.

هل هي العنصر المحرّك لشخصيات المسلسل؟

لكل شخصية في المسلسل قصتها التي من خلالها يحصل فعل وردّ فعل، بالتالي لا ثنائية بطولية محددة يدور الجميع في فلكها، بل على العكس، كل شخصية بطلة بحدّ ذاتها.

هل تتخلين عن الشخصية التي تؤدين عندما تغادرين موقع التصوير أم أنها ترافقك في يومياتك؟

إنه أمر متعلّق بالخبرة أيضاً، أي معرفة كيفية الانفصال عن الشخصية التي نؤديها لنعيش بطريقة طبيعية، خصوصاً عندما لا تكون الشخصية عادية، بل مخيفة ومجرمة مثل «ناديا». ولكن من جهة أخرى، يتعب الناس حولنا في أثناء التحضير لشخصية مماثلة واستخراجها من داخلنا والإعداد لها في يومياتنا لأجل استحضارها.

ضمّ المسلسل الممثلين السوريين شكران مرتجى وأحمد العميري، ما رأيك بالخلطة العربية الدرامية؟

أدعمها لأنها تُغني الدراما العربية عموماً، لا سيما أننا نملك الخلفيات والمبادئ نفسها وثقافتنا التربوية والاجتماعية شبه مشتركة، فيما نختلف على صعيد اللهجة فحسب. برأيي، يشكّل الممثل اللبناني إضافة إلى العمل السوري والمصري، والعكس صحيح.

مسرح

ما تفاصيل مسرحية «حبيبي مش قاسمين»؟

ستتولى المخرجة لينا خوري تنفيذها على أن تُعرض في سبتمبر المقبل. ترتكز القصة على امرأة أؤدي دورها ورجلين لم نقرّر هويتهما بعد. تبدأ المسرحية بجوّ كوميدي على أن تتصاعد الأحداث تدريجاً لندخل بعدها إلى عمق العلاقة الزوجية وخفاياها التي لا تُحكى عادة بين الشريكين.

هل ستشكّل انطلاقتك في الكتابة المسرحية؟

يعود ذلك إلى مدى توافر الأفكار الجديدة، وهو أمر صعب. تعبت كثيراً قبل الاقتناع بالفكرة، وأعدت كتابة نصّ المسرحية مراراً قبل الاقتناع بالمضمون، ذلك لأنني صعبة أساساً ولم أرد تقديم مسرحيتي الأولى من دون قناعة تامّة بها.

هل الكتابة هي المرحلة اللاحقة لمسيرة الممثل بعد سنيّ الخبرة؟

يطمح معظم ممثلو العالم إلى الإخراج، فيما قلّة انتقلت من التمثيل إلى الكتابة الدرامية، وفي هذا الإطار لا أذكر سوى «سام شيبرد» والممثلتين اللبنانيتين منى طايع وكلوديا مرشليان.

هل ستختارين مواضيع تطمحين إلى معالجتها درامياً ولم يُكتب عنها سابقاً؟

عولج موضوع العلاقة الزوجية سابقاً إنما تتميّز هذه المسرحية بإدخال عنصر ثالث وهو حضور اللاجئ السوري في لبنان والذي سيشكّل محرّك الأحداث.

كيف تنظرين إلى الحركة المسرحية راهناً؟

فرحة جداً بها وهي حركة بركة أتابعها دائماً. أردت تقديم مسرحيتي قبل سبتمبر لكنني لم أجد مسرحاً شاغراً.

هل ترين خشبة المسرح كعملية تجدد للفنان؟

طبعاً، يردّنا المسرح إلى الأساس والفعل المجرّد الذي يحتاج إلى عمل وتعب لتقديم عروض قليلة لكننا حينها ننفض ذاتنا ونتجدد للانطلاق مجدداً بعد أخذ نفس عميق.

هل تشعرين بالانتماء إلى أجواء المسرح أكثر من أجواء الدراما التلفزيونية؟

أبداً، صحيح أن ثمة حميمية أكثر بين الممثل وفريق العمل المسرحي، وبين الممثل والخشبة، ومع الجمهور الحاضر في الغرفة المغلقة، إنما يجب ألا يقلل الممثل من شأن الحميمية التي تنشأ بين ممثلي الدراما وفريق العمل، وهو أمر ميّز فريق {وأشرقت الشمس} الذي تعاون مجدداً في {سوا}. برأيي، السر في نجاح المسلسلين هي المحبة الحقيقية التي تجمع فريق العمل وتجعله متكاتفاً، ما ينعكس إيجاباً على الكاميرا.

تنازلات واستمرار

يضطر الممثل في بداية الطريق إلى تقديم تنازلات والتضحية أحياناً، هل ينطبق ذلك بعد سنيّ الخبرة والعمل؟

من الضروري تقديم تنازلات إذا تعلّق الأمر بمساندة الشباب الصاعدين الذين يسعون إلى تقديم عمل جميل، لأن ذلك يصبّ في إطار استمرار رسالتي الفنيّة. أمّا بالنسبة إلى التضحية، فأقوم بها لأجل دور مميّز.

ما زال الفنّ رسالة بالنسبة إليك فيما هو عملية تجارية رابحة لدى بعض القيميّن على القطاع.

صحيح، لهذا السبب يهمني دعم الدم الجديد لربما استطعنا يوماً ما الارتقاء كمجموعة كاملة نحو الأفضل.

هل تتطلّب الاستمرارية مسايرة ما أو الاندماج في كليكات معيّنة؟

لا أعلم، أنا بعيدة جداً عن هذه الأمور ولا علاقة لي بها، لذا لا أحب الحديث عنها.

على رغم تضحياتك، نشعر أنك لم تحققي ما تطمحين إليه بعد؟

أعتبر أن مسيرتي الفنية كانت مبتورة كوننا في بلد، لا يزال كل شيء مبتوراً فيه، حيث يعيش اللبنانيون مظاهر الفرح للتمويه عن أنفسهم، فيما نحن في الحقيقة شعب حزين.