بدأت معضلة وقف التقدم الكاسح للمرشح الجمهوري الشعبوي دونالد ترامب تهيمن أكثر فأكثر على مجرى الانتخابات التمهيدية للحزبين، خصوصاً بعد أن خبا نجم المرشح المثير للجدل -إنما بقدر أقل من ترامب- السيناتور الاشتراكي الديمقراطي بيرني ساندرز.

Ad

اقترع آلاف الأميركيين في خمس ولايات أمس لاختيار مرشحيهم الجمهوريين والديمقراطيين للانتخابات الرئاسية، وسط انقسامات شديدة يثيرها المرشح الجمهوري دونالد ترامب داخل صفوف حزبه، فيما يسعى الديمقراطي بيرني ساندرز إلى تقليص الفارق الذي يفصله عن هيلاري كلينتون.

وجرت الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في أربع ولايات هي لويزيانا وكنتاكي وكنساس وماين، وانتخابات تمهيدية للديمقراطيين في ثلاث ولايات هي لويزيانا وكنساس ونبراسكا.

ولم يعرف بعد ما إذا كانت الحملة التي شنها المرشح السابق الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2012 ميت رومني الخميس الماضي على ترامب ستكفي لكبح تقدم الملياردير الذي يتصدر حتى الآن السباق بين الجمهوريين.

وأبرز الولايات التي نظمت انتخابات تمهيدية من حيث عدد المندوبين هي لويزيانا، الولاية الجنوبية، حيث تشير استطلاعات الرأي الى فوز ترامب وكلينتون، بعدما كانا الفائزين الأكبرين في "الثلاثاء الكبير" في الاول من مارس، بانتصار كل منهما في سبع ولايات.

غير أن نُخب الحزب الجمهوري ومؤيديه لا تزال تحت وقع الصدمة، إثر تدني مستوى خطاب رجل الأعمال الثري في المناظرة الحادية عشرة بين المرشحين الجمهوريين التي جرت الخميس الماضي.

وعلى الرغم من فوزه حتى الآن في الانتخابات التمهيدية، فإن نبرة ترامب اللاذعة والبذيئة، حيث افتتح المناظرة بتلميح إلى حجم عضوه، تبعث الشكوك في أهليته لنيل الترشيح الجمهوري، بما في ذلك بين أقرب مؤيديه، وباتت تنتشر فكرة قيام اقطاب الحزب بحملة مساع مكثفة لإفشال حملته.

وتنصب الأنظار الآن إلى يوم انتخابي حاسم في 15 مارس حيث ستختار خمس ولايات كبرى مندوبيها.

وما زاد من ذعر المحافظين إلغاء الملياردير مشاركته أمس في "مؤتمر العمل السياسي المحافظ"، الملتقى السنوي للمحافظين الأميركيين قرب واشنطن.

وبرر فريق حملته هذا القرار بأنه سيعقد مهرجانا انتخابيا في ويتشيتا بولاية كنساس (وسط) قبل المجالس الناخبة في المساء نفسه، وبعدها يتوجه إلى فلوريدا التي تصوت في 15 مارس.

وأعرب منظمو المؤتمر عن "خيبة أملهم الكبيرة" معتبرين أن "خياره يوجه رسالة واضحة الى المحافظين".

وناشدت جيني بيث مارتن وهي من مؤسسي حركة حزب الشاي المحافظة المتشددة التي أوصلت العديد من المحافظين وبينهم تيد كروز الى الكونغرس في 2010 و2012، جميع المشاركين في المؤتمر أن يدعموا حملة كروز، المرشح لتمثيل الحزب في الانتخابات الرئاسية.

وقالت مارتن إن ترامب له "خطاب جذاب" بتأكيده عزمه على ترميم عظمة اميركا، لكنه "يحب نفسه في بداية المطاف وفي نهايته وما بينهما".

وإن كان ترامب ينتقد من جملة ما ينتقد عليه لتقلب مواقفه التي تغيرت حول العديد من المواضيع، فهو عزز هذه المآخذ إذ تراجع امس الأول عن دعوته إلى تعذيب الارهابيين وقتل عائلاتهم، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال.

وازداد الهلع لدى الجمهوريين بعد مناظرة الخميس التي وصل فيها ترامب الى مستويات غير مسبوقة من البذاءة.

وكتب المحافظ ماثيو كونتينيتي على موقع "واشنطن فري بيكون" ان "هذا المشهد بعث في الاشمئزاز. كنت اشاهد على شاشتي عقودا من عمل المؤسسات المحافظة والناشطين والمندوبين تذهب أدراج الرياح".

ويخشى بعض مسؤولي الحزب في حال فوز ترامب بالترشيح الجمهوري أن يساهم في وصول كلينتون بسهولة إلى البيت الأبيض.

وقال رومني الخميس الماضي إن دونالد ترامب "محتال ودجال"، داعيا الناخبين إلى منح أصواتهم لاحد المرشحين الآخرين المتبقين.

وعلى الرغم من تصاعد حدة المواجهات الكلامية بينهم، أكد كل من خصوم ترامب الثلاثة أنه سيسانده في حال فوزه بترشيح الحزب.

في هذا السياق، قاطع محتجون ترامب أكثر من مرة أثناء إلقاء كلمة أمام حشد انتخابي في نيو أورليانز أمس الأول، مرددين هتافات مناهضة لجماعة "لو كلوكس كلان" العنصرية، ودافع البعض الآخر عن السود. وأخرجت الشرطة المحتجين بالقوة من حظيرة طائرات في مطار ليكفرونت، حيث ألقى ترامب كلمته.

ويأمل ترامب في الحصول على أصوات الذين كانوا حتى الآن يؤيدون بن كارسون، بعدما أعلن جراح الأعصاب المتقاعد امس الأول انسحابه.

وقال تيد كروز ان "الرهان اهم" من ان يسمح بترشيح ترامب، محذرا من ان كلينتون ستلحق به هزيمة مدوية في نوفمبر، وقال كروز الذي فاز حتى الآن بأربع ولايات "إن تعيين دونالد سيكون كارثة".

اما ماركو روبيو المرشح الذي يعتبره العديدون بديلا منطقيا لترامب، فلم ينتصر حتى الآن سوى في ولاية واحدة، في حين لم يحصل حاكم اوهايو جون كاسيك على أي ولاية.

ومن الجانب الديمقراطي، تكمن العقبة في اقناع الناخبين بالذهاب الى مراكز الاقتراع في ظل تعبئة اضعف مما كانت عليه عام 2008. وتأمل كلينتون في الإبقاء على زخم الانتصارات التي حققتها يوم "الثلاثاء الكبير"، فيما يراهن ساندرز على المرحلة التالية حين تنظم الانتخابات في ولايات شمال البلاد، حيث يلقى المزيد من التأييد.

وتتجه انظار الناخبين الأميركيين إلى الخطوة التالية التي سيتخذها ساندرز فيما رجحت أكبر وكالات الأنباء الاميركية تضاؤل فرصه.

واستطاع ساندرز خلال حملته الانتخابية جمع مبالغ ضخمة من الاموال دون الاستعانة بلجان العمل السياسي التي تساهم في جمع تبرعات غير محدودة من الشركات.

وسيواجه المرشحون الديمقراطيون بعضهم بعضا في المناظرة التي ستعقد بمدينة فلينت في ولاية ميشيغان اليوم.