ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي الثامن، افتتح العرض السوري "مدينة في ثلاثة فصول" عروض مسابقة جائزة سمو الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي، أمس الأول، على خشبة مسرح عبدالحسين عبدالرضا.

Ad

"مدينة في ثلاثة فصول" لفرقة المسرح القومي التابع لمديرية المسارح والموسيقا بوزارة الثقافة السورية، من إخراج عروة العربي، وبطولة يوسف المقبل وكفاح الخوص، واقتباس كفاح الخوص عن نص أحد رموز المسرح السوري المعاصر الكاتب الراحل مصطفى الحلاج، وهو بعنوان "احتفال ليلي خاص في دريسدن" (1970)، وأخرجها لفرقة المسرح القومي السوري مواطنه علي عقلة عرسان عام 1973، عن تدمير ملجأ في عام 1945، حيث اجتمع فيه ممثلون من مختلف الطبقات الألمانية، وقد فهموا بشكل متأخر طبيعة الحرب العدوانية المجرمة التي شاركوا فيها، وقد دفع ثمنها سكان مدينة "دريسدن" التي أبادتها طائرات التحالف أثناء الحرب العالمية انتقاماً من النازية، كتبها الحلاج كإسقاط على عنصرية الكيان الإسرائيلي النازي المعاصر.

بدأ عرض "مدينة في ثلاثة فصول" في تهيئة المتلقين، للأجواء العامة من خلال المؤثرات السمعية، لأصوات دوي الانفجارات، ليكتشفوا ملامح العرض الذي يشكل إسقاطاً على ما يحدث في الوقت الراهن، وهو الحرب في سورية لكن من دون الإشارة إلى المكان، في قالب كوميديا سوداء حيث تجتمع مجموعة تمثل شرائح المجتمع في قبو الحانة بسبب الحرب والقصف والدمار، ومن بين هذه الشخصيات المومس وصاحب الحانة ومغتصب متنكر بزي ضابط في الجيش والجنرال المتقاعد (فرانس) والعشيقان وعازفة آلة التشيللو والفتاة المغتصبة، ويتناول الصعوبات التي يعيشها الناس من نقص الخدمات وانقطاع الكهرباء ونفاد الطعام.

وتتعرى كل شخصية مختبئة في القبو من أقنعتها المزيفة أثناء التفكير في طريقة للنجاة من القصف والبحث عن منفذ إلى العالم الخارجي، كاشفة عبر قصصها الخاصة ما يحدث في المدينة، وتبدأ عملية التصفية بين المحاصرين في القبو، أما حقيقة الحرب فهي ليست دائرة كما يعتقد بين الشعب وعناصر خارجية، بل هي كما وردت في الحوار المسرحي: "الحرب بيننا ونحن، وليست بيننا وبين إسرائيل، نحن يقتلنا" مختصرة ما يدور راهناً، لينتهي العرض ببقاء ثلاثة ناجين من جيل الشباب بفضل الحب الذي جمعهم، دلالة على الأمل في بناء حياة جديدة.

كان ديكور العرض عبارة عن سلم في الجهة اليسرى من الخشبة يقود إلى القبو الممتد حتى الجانب الأيمن متصلاً بالكراسي الأولى من يمين الصالة، لإدخال الجمهور إلى اللعبة المسرحية.

وفّق المخرج عروة العربي في إيقاع العرض، الذي جاء مطابقاً للحالة المسرحية، حيث تطلبت حالات الحزن والرقاد والرومانسية إيقاعاً بطيئاً، فمن خلال تماسك الإيقاعين الداخلي (الانفعالات والأحاسيس الداخلية) والخارجي (الأفعال الجسدية كالسير والجري وغيرها) وتطابقهما - حسب مدرسة المخرج الروسي كونستانتين ستانسلافسكي- ينبثق الإيقاع العام للعرض المسرحي.

أما الأداء التمثيلي، رغم جهود الممثلين، فقد أصابه بعض الخلل في إيصال الصوت إلى الجمهور، وخصوصاً عندما يكون الممثل أو الممثلة خلف الكواليس، وكذلك تحركه إلى أقصى يمين مقدمة المسرح.