النحو وخطاب لبنان السياسي!

نشر في 27-02-2016
آخر تحديث 27-02-2016 | 00:01
 يوسف عوض العازمي دراسة النحو وقواعده، أو كما تسمى في جامعة الكويت بـ"مهارات الاتصال اللغوية" لغير المختصين، دراسة متعبة ذهنياً، لمن لا يحب رؤية المضاف والمضاف إليه، والاسم المنقوص، والنكرة، والمعرفة، وجمع المذكر سالم، والمؤنث السالم، إلى آخره من مصطلحات النحو العربي.

ومحدثكم يبعد عنه فهم النحو كثيراً، ولكنّ علينا أحياناً أن نتوافق مع المنقوص والمقصور، إلى أن تتجمع الجملة الفعلية مع الاسمية، مصطحبتين معهما مضافاً ومضافاً إليه يبلغان سلامنا الحار إلى جمع المؤنث سالم!

وبناء على ما ظهر من أحداث في الأسبوع الماضي تذكرت حكاية النحو وقواعده، عندما اجتمع مجلس الوزراء اللبناني لمناقشة الإجراء السعودي بوقف المساعدات المالية، فعندما قرأت البيان تذكرت فوراً قواعد النحو وكل أبجدياته، وتذكرت حروف الجر، ولم يغب عني الضمير الغائب.

والحقيقة توقعت أن يكون كاتب البيان أستاذاً في مادة النحو في إحدى جامعات لبنان! حيث كان بياناً يصلح ليكون مادة تدرس في الجامعات، عن كيفية التلاعب بالألفاظ، وتغيير المفردة، فكان "الضمير المستتر" حاضرا بأناقة في إحدى ردهات البيان "النحوي"، إلى أن انتهى البيان ليكون قابلاً لعدة تفسيرات، أي أن المفردات والألفاظ تحمل صيغاً عديدة، تستطيع تكييفها مع أي وضع يتطلبه الموقف السياسي!

الخوف، وما أدراك ما الخوف! وحكم القوة، وتعيين المعين بترسيم المراسيم على هوى وفكر صاحب القرار الحقيقي، الذي هو معروف للجميع في لبنان المنكوب من بعض أهله، وغيرهم من المتابعين لما يدور في هذا البلد الربيعي، ذي الأجواء الرائعة التي غطت روائح نفاياته على ما تبقى من روعة أجوائه!

صدقني لا الاسم المقصور، ولا جمع المذكر السالم، ولا النكرة، ولا حتى اجتماع الجملتين الاسمية والفعلية، ولا حتى همزة الوصل ولا صديقتها القطع ستنفع ما دامت أحوال لبنان بهذا الوضع المؤسف؛ لذلك أعتقد لو أن كاتب البيان تعمق قليلاً في استخدم بقية مواهبه النحوية لتقديم الياء المكسورة على النون الساكنة، ثم أتى بالمعطوف، وجمعه في طبق واحد مع جمع المذكر السالم، لربما خرج بدرس لغوي مفيد!

الأفعال الثلاثية لا تزال في حالة الماضي، والبلد بحاجة إلى "ضمير المتكلم" مصحوباً بهمزة القطع، مع الضمة وقد يحتاج لبنان إلى أن يكون في جملة فعلية نرى فيها الفاعل مرفوعاً بالألف بدلاً من فتحة البناء!

وحفظك الله يا معلم النحو، وسامح الله كاتب البيان اللبناني، الذي نقل قاعات الدراسة إلى مجلس الوزراء اللبناني!

back to top