علّق الصالح على ساعة الصفر في إصدار قرارات تخفيض الدعوم بأنه لن يصدر أي قرار إلا بعد التوافق مع أعضاء مجلس الأمة، مؤكداً أن إجراءات الحكومة ستكون متأنية وليست بطيئة، ولابد من اتخاذ الإجراءات، والمسألة لم تعد اختيارية.

Ad

عقد مكتب المجلس، برئاسة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، أمس، اجتماعا موسعا مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح، وعدد من أركان وزارته، ومسؤولين في وزارة الكهرباء والماء والمؤسسة العامة للرعاية السكنية.

وبحث الاجتماع، الذي حضره 16 نائبا، الموضوعات المتعلقة بالوضع الاقتصادي، وسبل معالجة العجز في الميزانية العامة للدولة، في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط عالميا.

واستمع الحضور إلى شرح مفصَّل من الوزير الصالح وأركان وزارته والمسؤولين في وزارة الكهرباء ومؤسسة الرعاية السكنية حول مرئيات الحكومة إزاء تلك الملفات.

وعرض وزير المالية على النواب مرئيات وزارته الخاصة بإصلاح الدعوم، واستهلها بلمحة عن إطار الدعوم الحالي المقدم للمواطنين، وفق ما أبلغت مصادر "الجريدة". في وقت سجل عدد من النواب الحضور اعتراضهم الشديد على ما ذكره الصالح.

وقالت مصادر لـ "الجريدة" إن الوزير الصالح قدم السعر الأعلى بالنسبة لمرئيات الحكومة، تحسبا لإدخال أي تعديلات على الأسعار المقترحة بالنسبة للبنزين والكهرباء والماء.

وعن مسببات إصلاح الدعوم، قال وزير المالية للأعضاء، وفق المصادر النيابية، "إن الدعومات تعد عبئا ماليا على الميزانية وتثبيطا للنمو"، لافتا إلى وجود نمو مطرد للدعم بمعدل سنوي وصل إلى 16 في المئة، مقارنة بـ 14 في المئة لإجمالي المصروفات، و7 في المئة للإيرادات النفطية بين 2009/ 2010 و2014/ 2015.

وأضاف: "يشكل إجمالي الدعوم نحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، و24 في المئة من إجمالي المصروفات عام 2014/ 2015، مقارنة بالرعاية الصحية 2 في المئة، وخدمات التعليم 4 في المئة، والمشاريع التنموية 4 في المئة".

وأشار الصالح إلى أن نظام الدعم الحكومي الحالي يقوم على دعم السلع، وليس دعم المستهلك، "حيث إنه في مجمله يدعم السعر من دون أخذ حجم الاستهلاك وأهلية المستهلك بعين الاعتبار".

وبيَّن الصالح أن "مصروفات الدعم في الكويت تعد الأولى خليجيا، من حيث نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، وتشكل المصروفات الرأسمالية الأدنى بعد البحرين"، لافتا إلى أن الدعوم في الكويت شهدت نموا، وفقا لمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى نحو 19.5 في المئة تقريبا من 2004 حتى الآن".

وأوضح أن الطاقة تشكل 70 في المئة تقريبا من إجمالي مصروفات الدعم، يليها العلاج في الخارج (6 في المئة)، بالرعاية الاجتماعية (6 في المئة)، ثم بدل الإيجار (4 في المئة)، فالتعليم (4 في المئة)، فخفض تكاليف المعيشة (4 في المئة)، وأخرى (6 في المئة).

وتوقع الصالح، وفق النظام الحالي، أن تنمو فاتورة الدعم إلى 16.9 مليار دينار للسنوات الأربع المقبلة، بمعدل 8 في المئة، وأن تنمو فاتورة دعم الطاقة 8.8 مليارات دينار، بمعدل 7 في المئة، "كما من المتوقع أن يبلغ العجز التراكمي، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يقارب 102 في المئة عام 2019/ 2020".

ولفت إلى أن إجمالي الدعومات يشكل 19 في المئة من نسبة المصروفات، ونحو 50 في المئة من نسبة العجز المتوقع، مبينا أنه سيشكل نحو 67 في المئة كنسبة عجز في ميزانية 2015/ 2016، المقدر المصروفات بها بنحو 18 مليارا و833 مليونا، فيما سيشكل 49.8 في المئة بميزانية العام المقبل، المقدر المصروفات بها بنحو 20 مليارا ونصف مليون.

وعن إطار إصلاح دعوم البنزين، قال الصالح: "يتوقع أن يصل استهلاك البنزين إلى حوالي 4.900 ملايين لتر بحلول 2018-2019، مدفوعات بشكل أساسي بالبنزين من نوع خصوصي 95، لافتاً إلى أن أسعار البنزين في الكويت تعد الأقل عالمياً بعد ليبيا وفنزويلا.

وتابع الصالح أنه رغم تدني اسعار النفط حالياً، فإن كل التوقعات تشير إلى أن أسعار النفط سوف تتعافى نسبياً خلال عام 2016، وفي المدى المتوسط، وتم تحديد سيناريوهات الإصلاح بناء على تنبؤات أسعار النفط العالمية، التي تتوقع أن يكون سعر برميل النفط في العام الحالي نحو 51 دولاراً للبرميل، و54 عام 2017، و57 عام 2018.

وقال إن الأسعار المقترحة لليتر البنزين الممتاز هي 85 فلساً للتر، و 105 فلوس للخصوصي، و165 للألترا، مبيناً أن الدعم لأسعار لتر البنزين الخصوصي يبلغ 32 فلساً مع مراعاة مراجعة السعر والدعم بشكل دوري باتجاه ترشيده تدريجياً خلال الثلاث سنوات القادمة، والحفاظ على فجوة في الأسعار بين الممتاز والخصوصي بهدف دفع الاستهلاك نحو الممتاز بشكل أكبر.

وذكر أنه بناء على الأسعار المقترحة فمن المتوقع أن يزيد الصرف بحوالي 11 ديناراً كويتياً شهرياً للمركبة الواحدة في المتوسط عام 2016، كما أنها ستساهم في توفير 190 مليون دينار في ميزانية 2016-2017، وانخفاض استهلاك البنزين بمعدل 463 مليون لتر خلال العام نفسه.

وفيما يتعلق بإطار إصلاح دعوم الكهرباء والمياه، قال الصالح: "تمتلك الكويت ثاني أعلى معدل استهلاك كهرباء للفرد في دول مجلس التعاون، ورابع أعلى معدل في العالم، ويتوقع أن يصل استهلاك الكهرباء إلى حوالي 55 مليون كيلو وات في الساعة بحلول عام 2018-2019.

وبين أن القطاع السكني يستهلك الغالبية العظمى من الكهرباء المنتجة بنسبة 60 في المئة، مع أكبر شريحة استهلاك تتراوح بين 5 و10 آلاف كيلو واط شهرياً، ويتوقع أن يصل استهلاك المياه إلى حوالي 164 مليون غالون إمبراطوري بحلول عام 2018-2019، علماً أن استهلاك الفرد من المياه في الكويت يعد من أعلى المعدلات خليجياً بل والعالم.

وعن الأسعار المقترحة للسكن الخاص بالنسبة للكهرباء 5 فلوس لمن يستهلك حتى 3 آلاف كليوواط شهرياً، وتبلغ تسعيرة الكهرباء للشريحة الثانية 3001 حتى 6 آلاف 8 فلوس، أما الشريحة الثالثة فتبدأ من 6001 حتى 9 آلاف وتحاسب بـ 10 فلوس، فيما حدد للشريحة الرابعة 9001 وما فوق 12 فلساً لسعر استهلاك الكيلوواط، أما السكن الاستثماري فتبدأ شريحته من 8 فلوس لمن يكون استهلاكه من 1001 حتى ألفين، و10 فلوس من 2001 حتى 3 آلاف، و13 فلساً لمن فوق ذلك.

وبالنسبة لشرائح الماء، فتبدأ في السكن الخاص من فلس وفق شرائح حتى 4 فلوس، بينما تعرفة موحدة في السكن الاستثماري هي 4 فلوس.

وأوضح الصالح أن إصلاح تعرفة الكهرباء والماء سيساهم في توفير نحو 690 مليون دينار في

2016-2017، كما سيؤي إلى انخفاض الاستهلاك التراكمي للكهرباء بنسب 4 ملايين كيلوواط، وانخفاض استهلاك الماء بنسبة 30 مليون غالون إمبراطوري.

الإصلاح الاقتصادي

وفي تصريحه عقب اجتماعه مع النواب، أكد الصالح أن الحكومة الحالية هي أكثر حكومة اتخذت إجراءات للإصلاح الاقتصادي، لوجود سلطة تشريعية متعاونة معها، مشدداً على أنه لا يمكن الاستمرار بالنمط الاستهلاكي الحالي، وترشيد الدعوم يرمي إلى ترشيد نمط الإسراف الاستهلاكي.

وقال الصالح في تصريح صحافي أمس "كان هناك موعد ما بين لجنة إعادة دراسة مختلف أنواع الدعوم الممثلة من جميع الجهات المعنية بهذا الأمر وأعضاء مجلس الأمة وتم اللقاء اليوم، وقدمت اللجنة تقرير المستشار المكلف بإعادة دراسة الدعوم، وهي دراسة عميقة تتناول كل البيانات، وانعكاس ترشيد الدعوم على الأسرة والفرد والمجتمع، لذلك امتد الاجتماع وقتا طويلا".

 سعي حثيث

وتابع "البعض يعتقد أن السعي الحثيث لترشيد الدعوم يرمي فقط إلى ترشيدها، وهذا غير صحيح، فالهدف الأساسي هو ترشيد نمط الإسراف الاستهلاكي، خصوصا أن الكل يعلم أن لدينا خطة إسكانية طموحة تحتاج إلى إنشاء محطات كهرباء ضخمة تواكب النمو الإسكاني، الذي يسجل للمجلس الحالي والحكومة توفر الأراضي اللازمة له".

وأوضح الصالح انه لا يمكن الاستمرار بالنمط الاستهلاكي، و"نحن بحاجة إلى بنية تحتية وقدرات خدماتية وطاقات كهربائية مواكبة للنمو الإسكاني، مبيناً أن الحكومة تفمهت ما طرحه الإخوان حول ضرورة اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي، خصوصا ان رفع الدعوم ليس الإصلاح الاقتصادي انما هو جزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي الواضحة معالمه لدينا، وهو إحدى قنواتها، والأخرى تتمثل بالتنمية الاقتصادية والخصخصة وتفعيل دور الفعاليات الاقتصادية والشراكة وغيرها من القنوات.

وشدد الصالح على أن ما ذكره من قنوات لم يكن حديثا على ورق انما تم خلال الاجتماع تحديد تواريخ مشاريع طرحت بعد اقرار قوانين الشراكة، ومنها خمسة هذا العام، بينما منذ عام ٢٠٠٨ حتى هذا التاريخ لم يطرح سوى مشروع واحد.

 وأشار إلى أن من أمثلة هذه المشاريع محطة الكهرباء بالخيران، ومحطة النفايات الصلبة، وأم الهيمان للنفايات السائلة، ومحطة العبدلي للطاقة الشمسية بقيمة ٣ مليارات دينار، وستكون نسبة المساهمة فيها ٥٠ في المئة‏ للمواطن الكويتي، وعوائدها تقدر بـ١٠ في المئة.

وتابع الصالح "النواب تحدثوا عن ترشيد الإنفاق الحكومي، ونحن نشاركهم هذا الأمر، ونعمل بجهد لترشيده فهو يبدأ من اعلى الهرم ويتمثل بتوجيه صاحب السمو إلى تخفيض ميزانية ديوان سموه، وهي سابقة لم نسمع عنها في الكويت أو المنطقة كلها من قبل".

وشدد الصالح على أن هذه البادرة من صاحب السمو اعطت رسالة لجميع جهات الدولة بأنه لا أحد بمعزل عن الترشيد وإيقاف الهدر، و"نحن اليوم في الميزانية في وضع لا نحسد عليه، فالإيرادات تراجعت، وحجم العجز المقدر ١٢ مليار، لذلك لابد من إجراءات متدرجة، والا نستهلك كل احتياطياتنا في مواجهة العجز، وهو إجراء غير حصيف، ولن تكون عواقبه محمودة".

وجدد الصالح تأكيده على ضرورة اتخاذ إجراءات مدروسة دون المساس بأصحاب الدخول المتوسطة وما دون وتنوع موارد الدخل، مشيراً الى انه في جلسة عرض الميزانية العامة للدولة سيتم طرح برامج زمنية محددة تؤكد أن الحكومة لا تشير للعجز وتقف، انما تسير بمعية اعضاء مجلس الامة الى الحلول.

وذكر "اليوم هناك مشاريع كنا نسمع عنها في السبعينيات تنفذ والعمل فيها كخلايا نحل، ففي القطاع النفطي وحده مشاريع لم تعهد ولم نسمع بها في السابق تم رصد مبلغ ٣٠ مليار دينار، وتم توقيع مشاريع فيه بقيمة ١٥ مليار دينار حتى الآن".

الهدف من الترشيد تغيير ثقافة الاستهلاك

أكد وزير المالية أنس الصالح أن الهدف الأساسي من ترشيد الدعوم هو اعادة ثقافة المستهلك في الاستهلاك، مؤكدا "أن ما تقدمه وزارة المالية من دراسات مبني على الشفافية، وأنا على ثقة ان نواب مجلس الأمة والشعب الكويتي سيكونون متفهمين لهذه الإصلاحات، خصوصا ان الجميع يساهم ويعمل لتحقيق هدف واحد، قائلا "الموس على كل الروس".

وبسؤاله حول خطوات الحكومة بشأن تعظيم الإيرادات غير النفطية، أجاب الصالح "هذا الامر من المحاور الرئيسية للإصلاح الاقتصادي عبر تفعيل تأسيس الشركات لمشاريع الشراكة، وهي لن تعود بالمنفعة على الدولة فقط بل ستشمل المواطنين من خلال اكتتابهم في هذه الشركات، وكذلك الدفع بمشاريع الخصخصة، وستستثمر في المشاريع الصغيرة".

ولفت الصالح إلى انتقاد أداء صندوق المشاريع الصغيرة، والى الان لم يقم بدوره، مؤكداً أن هذا الأمر محل اهتمام زميلي وزير التجارة لإزالة أي عراقيل لرفع كفاءة أداء الصندوق.

وقال الصالح إن "البنك الصناعي خلال عام ٢٠١٤ مول ١٧٤ مشروعا، وإجمالي استثماراته ٢٣ مليون دينار، وفي عام ٢٠١٥ مول ٢٣٢ مشروعا إجماليا استثماراته ٣٠ مليون دينار، وبهذا يكون نسبة النمو ٣٣ في المئة، وهي ارقام تدل على دعم الدولة للمشاريع الصغيرة من خلال قنوات اخرى غير الصندوق، لأنه الآن هو في مرحلة تأسيسية".

وبسؤاله عن حجم الزيادة، وكيفية تقييم شرائح استهلاك الكهرباء رد الصالح بأن هناك عدة تفاصيل وشرائح تتوقف على معدلات الاستهلاك متعددة الشرائح.

وحول ساعة الصفر في إصدار قرارات تخفيض الدعوم علّق الصالح بأنه لن يصدر أي قرار الا بعد التوافق مع أعضاء مجلس الأمة.

وأكد أن إجراءات الحكومة ستكون متأنية وليست بطيئة، "فلابد من اتخاذ الإجراءات، والمسألة لم تعد اختيارية، فالإصلاحات التي تضمن استدامة قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين والتي تضمن للأجيال القادمة لتوفير جزء من الروافد المالية للمستقبل".

وبين أن "الدولة تستهلك ٩٠ في المئة من الإيرادات النفطية، و١٠ في المئة يتم توفيرها لأبنائنا وأحفادنا في المستقبل، لهذا يجب علينا إجراءات الإصلاحات اللازمة لدعم الاقتصاد الوطني".

وذكر الصالح أن "مسطرة الدعوم على الجميع طبقاً للعدالة، بحيث يصل الدعم إلى مستحقيه، وكل مستحق حسب ما يستحق من هذا الدعم، لذلك علينا إيقاف الهدر على حساب المال العام".

وأوضح أن "قيمة الدعم انخفضت الى مليارين و٩٠٠ مليون دينار"، مشيرا إلى أن هناك فرقا ما بين الإرباك والإصلاح، "فالأول بقاء الحال كما هو عليه بالنسبة لاستنزاف الاحتياطي العام للدولة، وأما الإصلاح فيتمثل في ترشيد الإنفاق".

الحضور من الحكومة

نائب رئيس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح ووكيل وزارة المالية خليفة حمادة والوكيل المساعد لشؤون الميزانية العامة صالح الصرعاوي والوكيل المساعد لشؤون المحاسبة العامة عبدالغفار العوضي والوكيل المساعد لقطاع التخطيط والتدريب بوزارة الكهرباء والماء مشعان العتيبي.