صعّدت «جبهة النصرة» الفرع السوري لتنظيم القاعدة اعتداءاتها وسيطرت على مقرات فرقة عسكرية تابعة لـ«الجيش الحر» وغنمت أسلحة أميركية، في وقت تتجه الأنظار إلى جنيف اليوم، حيث ستجرى مفاوضات صعبة بين النظام والمعارضة.

Ad

اتخذت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما موقف المتفرج حيال الهجوم الواسع الذي تعرضت له «الفرقة 13»، وهي فرقة عسكرية تابعة لـ«الجيش الحر» تتلقى دعماً أميركياً، من قبل «جبهة النصرة» فرع تنظيم «القاعدة» في سورية.

وسيطرت «النصرة» وعناصر من تنظيم «جند الأقصى» الموالي لها، على مقار «الفرقة 13» في مدينة معرة النعمان، ومدينة خان شيخون، وبلدة الغدقة في ريف إدلب الجنوبي، وصادرت الأسلحة الموجودة في مخازنها بما فيها صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدروع، كما اعتقل مقاتلو «النصرة» أكثر من 40 عنصرا من «الفرقة»، ولايزال مصير العشرات مجهولاً.

وليست هذه المرة الأولى التي تهاجم فيها «النصرة» فصائل مدعومة اميركيا، إذ خطفت في صيف 2015 عددا من عناصر «الفرقة 30» التي تلقت تدريبات على يد مستشارين اميركيين.

وكانت «النصرة» قمعت الأسبوعين المنصرمين تظاهرات خرجت بعد صلاة الجمعة ضد نظام الرئيس بشار الأسد مع عودة التظاهرات السلمية بفضل الهدنة.

وبحسب تقارير، فقد انسحبت «الفرقة 13» من مدينة مارع على خط التماس مع «داعش» في ريف حلب الشمالي، وسلمت مواقعها لمجموعات أخرى تابعة لـ«الجيش الحر» إثر سقوط مقراتها في ريف ادلب بيد جبهة «النصرة».

وتعتبر مارع أحد أبرز المدن في ريف حلب الشمالي التي يحاول من وقت الى آخر تنظيم «داعش» السيطرة عليها من جهة الشرق، وأخيراً وصلت «الوحدات الكردية» الى مشارف المدينة من الغرب قبل توقف العمليات القتالية.

اجتماع باريس

إلى ذلك، اجتمع وزراء خارجية فرنسا والمانيا وبريطانيا وايطاليا والولايات المتحدة أمس في باريس لبحث التطورات على الملف السوري، عشية استئناف مفاوضات «جنيف 3». وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ضرورة احترام الهدنة في سورية ونقل المساعدات الإنسانية من اجل ضمان مصداقية المفاوضات بين السوريين.

وقال ايرولت «لضمان مصداقية المفاوضات يجب احترام الهدنة ونقل المساعدات الإنسانية دون قيود او عقبات»، معتبرا أن مفاوضات جنيف ستكون «صعبة» لكنها ستتطرق الى «عملية سياسية حقيقية» في سورية، واصفاً تصريح وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، الذي اكد ان مصير الرئيس السوري بشار الاسد «خط أحمر» بأنها «استفزازية ولا تتماشى مع الهدنة».

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس تصريح المعلم معرقلا للمفاوضات. وقال في ختام مباحثات مع الحلفاء الأوروبيين في باريس ان تصريحات المعلم «تحاول بوضوح عرقلة عملية المفاوضات (...) من الواضح انه كان يحاول ان يبعث رسالة رادعة للاخرين».

وأضاف «لكن الحقيقة هي ان اقوى رعاة الأسد وهما روسيا وايران تبنيا (...) مقاربة تقضي بوجوب وجود عملية انتقال سياسي واجراء انتخابات رئاسية في الوقت ذاته».

موسكو

في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات أمس، إن لدى موسكو أدلة على وجود قوات تركية على الأراضي السورية. ووصف لافروف تصرفات تركيا على حدودها مع سورية بأنها «توسع زاحف»، مشيرا إلى أن موسكو ستصر على أن تدعو الأمم المتحدة الأكراد لمحادثات السلام السورية رغم معارضة تركيا.

وأضاف أن روسيا مستعدة للتنسيق مع الولايات المتحدة في سورية من أجل استعادة السيطرة على مدينة الرقة، مؤكدا أن دمشق تؤيد أي «تنسيق يتم بمشاركة روسيا لثقتها بأنه لن ينتهك السيادة السورية».

الوفد الحكومي

في غضون ذلك، وصل الوفد الحكومي السوري المفاوض برئاسة سفير دمشق لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أمس إلى جنيف، عشية بدء مفاوضات السلام المرتقبة مع المعارضة برعاية الأمم المتحدة.

وامتنع الجعفري وأعضاء الوفد الحكومي الذين وصلوا تباعا إلى الفندق نفسه، عن الإدلاء بأي تصريح. وطرأ تغيير على تشكيلة الوفد الحكومي بحيث تم استبدال عمار عرسان ورفاه بريدي، بالأكاديمي عبدالقادر عزوز والباحث أسامة دنورة.

«جنيف 3»

وتبحث الحكومة والمعارضة السوريتان اليوم مستقبل بلدهما في مفاوضات غير مباشرة تستمر أسبوعين، وتترافق للمرة الاولى مع هدنة لاتزال صامدة في ظل ضغوط دولية للتوصل الى حل سياسي ينهي النزاع الذي يدخل بعد يومين عامه السادس.

أمس الأول صعدت المعارضة موقفها لدى وصول وفدها إلى جنيف، مطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد حيا أو ميتا، على ان تكون هذه بداية المرحلة الانتقالية في سورية، وذلك بالتزامن من إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن الكلام عن الأسد «خط احمر».

وكان الموفد الأممي الخاص إلى سورية ستيفان ديميستورا كشف أن المفاوضات ستتركز على ثلاث مسائل هي تشكيل حكومة جامعة، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الامم المتحدة في غضون 18 شهرا تبدأ مع انطلاق المفاوضات، معتبرا أن الانتخابات التشريعية التي سيجريها النظام في ابريل «من دون اي قيمة».

وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية، ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم اطيافا من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بدون ان يكون للاسد اي دور فيها، أما النظام فيتحدث عن «الانتقال من دستور قائم الى دستور جديد، ومن حكومة قائمة الى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الاخر».

وأما نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة فهي الرفض الكامل لمشروع الفدرالية، الذي يفضله الأكراد الذين عانوا سنوات طويلة التهميش في سورية.