الأوقات الطيبة انتهت قبل أن تبدأ حقاً، إذ لفترة من الوقت في السنة الماضية بدت البنوك الأميركية أمام إمكانية استعادة عوائد ثنائية الرقم غابت عنها الى حد كبير منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، وقد طرحت الأسواق القوية للاستيلاء وعروض الاكتتاب الأولي درجة كبيرة من الرسوم.

Ad

 كما أن جودة الائتمان التي انهارت إبان تلك الأزمة كانت "قديمة " بحسب جامي ديمون، وهو رئيس بنك جي بي مورغان تشيس الذي يعتبر أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول، وهو شيء سمح للبنوك بخفض الشروط التي وضعتها من أجل تغطية القروض المتعثرة.

وقد تبددت الغرامات التي أثرت على الأرباح الى حد كبير (على الرغم من موافقة بنك غولدمان ساكس مؤخرا على دفع 5 مليارات دولار بغية تسوية تهم تتعلق بالتلاعب عن قصد في أسهم مدعومة برهن عقاري). ثم جاء قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع معدلات الفائدة في ديسمبر الماضي، لأول مرة خلال حوالي عقد من الزمن، وهو ما طرح امكانية الهامش المتصاعد بين المعدلات التي تدفعها البنوك الى المودعين، وبين تلك التي تفرضها على المقترضين.

ولا يزال بالامكان رؤية تلك البارقة المشرقة في النتائج السنوية لدى البنوك الأميركية الكبيرة، وقد أبلغ بنك جي بي مورغان تشيس عن أرباح سنوية قياسية بلغت 24 مليار دولار في الرابع عشر من شهر يناير الجاري، وأعلن بنك اوف أميركا و سيتي غروب أعلى نسبة أرباح منذ 2006 (على الرغم من أن العوائد على الأسهم لدى البنكين تشكل جزءاً فقط مما كانت عليه في الماضي)، ولكن أسعار الأسهم في قطاع المصارف هبطت بأكثر من 20 في المئة منذ يوليو الماضي، مع حدوث نصف ذلك الهبوط خلال الأسابيع الأولى من هذه السنة.

ويرجع هذا الأداء الضعيف في أسهم البنوك بشكل جزئي إلى التراجع الأوسع في الأسواق العالمية، ولكن المستثمرين لاحظوا أيضاً أن النمو في أرباح البنوك يأتي بقدر أكبر من هبوط التكلفة وليس من ارتفاع العوائد، ولعل ما هو أسوأ من ذلك أن الاتجاه نحو ارتفاع الأرباح في سنة 2015 اتخذ مساراً عكسياً، كما أن المحللين عكسوا توقعاتهم المتعلقة بالارباح في السنة المقبلة.

تردي الاقتصاد العالمي

وقد جعل تردي وضع الاقتصاد العالمي الأسواق أكثر تشككاً إزاء امكانية اقدام مجلس الاحتياطي الفدرالي على الاستمرار في رفع معدلات الفائدة، وبينما توقع أعضاء لجنة تحديد معدلات الفائدة في الاحتياط الفدرالي في ديسمبر الماضي أن ترتفع تلك المعدلات بنسبة نقطة مئوية كاملة في هذه السنة، فإن الأسواق تتوقع الآن زيادة بنسبة ربع نقطة فقط.

وبكلمات اخرى فإن احتمال تحقيق هامش اقراض أعلى قد تبخر، وعلى الرغم من ذلك فإن الزيادة التي حدثت في ديسمبر قد حجمت الأعمال المربحة جداً في اعادة تمويل الرهونات العقارية.

وفي غضون ذلك فإن التقلبات في الأسواق تفضي الى ضمور عمليات الاستيلاء واصدار الأسهم والديون. ويفترض وجود جانب مشرق في هذا الاضطراب نظراً لأن التقلبات تحسن بشكل نموذجي عوائد التداول، ولكن العديد من بنوك الاستثمار قلصت عمليات التداول بضغط من اجراءات التنظيم. وقد تركها ذلك في وضع سيئ بالنسبة الى التعويل والبناء على الاضطراب.

وكانت البنوك تعزز أذرع إدارة الثروة حتى مع تحجيمها للتداول، وذلك بأمل تحقيقها أرباحاً أكثر ثباتاً في مجازفة أقل، ولكن هبوط الأسواق يلحق الضرر أيضاً بتلك الأرباح نظراً لأن التكلفة محددة فيما تكون العوائد على شكل نسبة مئوية من انكماش قيمة الأصول.

وإضافة إلى ذلك، وبدلاً من تقليص وخفض الشروط عمدت البنوك في الوقت الراهن الى اضافة المزيد اليها، والمسؤول الرئيسي هنا هو هبوط أسعار النفط الذي دمر شركات الطاقة، وعلى سبيل المثال فإن بنك جي بي مورغان خصص 124 مليون دولار في الربع الأخير من السنة الماضية من أجل تغطية أي خسائر قد تلحق بقروضه التي قدمها الى شركات الطاقة.

ليس بين هذه المشاكل أي واحدة مهلكة، وبحسب بنك غولدمان ساكس فإن سيتي هو البنك الأكثر انكشافاً على شركات الطاقة حيث تبلغ نسبة انكشافه 3.3 في المئة من قروضه.

وكانت السنوات الأخيرة خفيفة التأثير لأن البنوك كانت تبني احتياطياتها بدلاً من تحقيق أرباح كبيرة، وعلى الرغم من أن العديد من البنوك تجهد لتحقيق عوائد ملائمة فإن عدد البنوك التي فشلت أو المعرضة لمتاعب وصل الى مستويات قياسية متدنية تقريباً، بحسب شركة تأمين الإيداع الفدرالي التي تشرف على عمليات التنظيم.