قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، إن توجه السياسة الخارجية لمصر صوب الشرق لا يعني انتقاصاً أو بديلاً عن العلاقات مع واشنطن. وأكد في مقابلة مع "الجريدة"، أن توجهات رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان تعوق التقارب المصري مع أنقرة، بينما الخوف من غضب الخليج يعوق التقارب المصري مع إيران.  وفيما يلي نص الحوار:

Ad

● ما تقييمك لأداء الرئيس عبدالفتاح السيسي في الحكم؟

- أداء الرئيس في السياسة الخارجية مُرضٍ بصفة عامة، لكن فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، هناك إحساس بأن الرئيس لديه أفكاره التي لم تخضع للنقاش مع مختصين والقوى السياسية، كما أنه يتصرف وكأنه مازال قائداً للجيش، وقائد الجيش لا يتشاور، لكنه يصدر الأوامر، لذلك فجميع المشروعات التي نفذها لم تخضع لنقاش عام، وربما لا يكون هناك حماس لتنفيذ هذه المشروعات، وليس معروفاً من يحيط بالرئيس، لكن المؤكد أن الذين يحيطون به غالبيتهم من الضباط السابقين في القوات المسلحة، والرئيس أصبح بعد انتخابه رئيساً لكل المصريين، من ثم يجب ألا يقتصر التشاور على العسكريين فقط.

● برأيك، ما أبرز التحديات التي تواجه الدولة المصرية؟

- التحدي الأول والأساسي هو الاقتصادي، لأن هناك عجزاً في ميزان المدفوعات بالموازنة العامة للدولة، وانخفاضا في عدد السائحين والاستثمارات الأجنبية، وهذا يعقد مشكلة البطالة (9 في المئة)، وحدة الفقر (24 مليونا يعيشون تحت خط الفقر).

التحدي الثاني، إقامة نظام سياسي يستند إلى قبول ورضا أغلبية المواطنين، وشهدت انتخابات مجلس النواب عزوفاً ملحوظاً، وشارك فيها ربع المصريين الذين يحق لهم التصويت فقط، وهذا يطعن في شرعية المجلس.

التحدي الثالث، هو تحقيق الوفاق على المسرح السياسي بين العديد من القوى، في مقدمتها الشباب بكل فئاته، شباب ثورة يناير، إضافة إلى المتعاطفين مع تنظيم "الإخوان"، وشباب القوى الإسلامية الذين يلجأون للعنف، إلى جانب القوى الليبرالية.

● ما أفضل سيناريو لمواجهة الإرهاب في مصر؟

- ليس هناك أي حل ناجح لمواجهة الإرهاب في العالم كله، لكن تزداد فرص الإرهاب عموماً عندما لا تكون هناك قنوات للتعبير عن الرأي، للانتقال السلمي للسلطة، ومقاومة الإرهاب تكون بإطلاق الحريات وجعل الانتخابات ذات مصداقية، وأن يكون معروفاً للمواطنين أنه يمكنهم تغيير الحكومة والسياسات عبر الانتخابات والسلطة التشريعية، وإتاحة الفرصة لكل القوى السياسية وفقاً للقانون، وتحقُق هذه الأمور من شأنه أن يقلل جاذبية العمل الإرهابي لدى الشباب.

● وما رأيك في السياسة الخارجية لمصر حالياً، والتوجه شرقاً إلى الصين وروسيا؟

- التوجه شرقاً أمرٌ محمود، لتقوية العلاقات مع القوى البازغة عالمياً، لتعدد المراكز التي قد ترتبط معها مصر بعلاقات وثيقة، مثل الصين وروسيا والبرازيل والهند، كما أن هذا التوجه يقوِّي مكانة مصر في مواجهة الولايات المتحدة، ويعزز قدراتها التفاوضية وحريتها في الحركة على الصعيد الدولي، إلا أنه ليس انتقاصاً أو ابتعاداً عن واشنطن، بدليل استمرار المعونة العسكرية الأميركية، ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيرا مع رئيس الأركان ومدير المخابرات المركزية الأميركيين، وهذا يعني أن العلاقات مستمرة، وخاصة على المستويين العسكري والأمني، كما أن الرئيس السيسي أكد أن العلاقات مع واشنطن استراتيجية.

● من وجهة نظرك، ما الذي يعوق التقارب المصري مع إيران وتركيا؟

- توجهات رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان، هي التي تعوق التقارب بين القاهرة وأنقرة، فهو يتدخل في الشأن المصري ولا يعترف بالحكومة، ويتعاطف مع تنظيم "الإخوان" ـ المدرج إرهابياً في مصر، وحال احترامه للسيادة المصرية وحق مصر بأن تكون لها سياستها الداخلية ستتحقق المصالحة.

أما عدم تحقق التقارب المصري مع إيران، فربما يكون سببه التخوف من غضب دول الخليج، التي تعتمد عليها مصر اقتصادياً في الوقت الراهن، فضلاً عن أن مصر لم تتخذ حالياً أي خطوات لتطوير العلاقات مع تركيا، لتصل إلى مستوى التمثيل الدبلوماسي الكامل.