ما حكمة الحكمة؟!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
في أعمارنا المبكرة لا نكون على يقين تام بأن بين البعد عن الحكمة والاقتراب من أخطائنا هذه العلاقة الحدّية، نظن في كثير من الأحيان أن بإمكاننا فعل الصواب دون مدّ يد المساعدة منها، وأن باستطاعتنا الوصول إلى درب الرشد دون أن ترشدنا إليه، وبدون البحث عن لوحاتها المتوارية قليلاً خلف أشجار الدروب التي نعبرها مسرعين باتجاه ما نحسبها أمنياتنا في الحياة وعناوين أفراحنا الكبرى، تكون الحكمة دائماً بين أيدينا، ونراها رأي العين، طيفها يكون ملء البصر، وصوتها ملء السمع، نراها في الخطوط التي حُفرت في وجوه الطاعنين في السّن، ونسمعها في الأمثال الطاعنة في الخبرة، ونقرأها في الكتب الطاعنة في المشيب، ولكننا لا نحفل، في شبابنا لا تبدي الحكمة حرصاً زائداً على انتشالنا من غفلتنا!بعضنا يمضي طريقة إلى الهاوية، وبعضنا يكتشف متاهة الطريق بعد أن استنزف أنفاسه في المضي فيه، وبعد أن أفنى الكثير من جهده، وأضاع الكثير من طاقته في اقتلاع شوكه من قدميه والبحث عن ضماد لجراحه، حينها فقط ترتمي الحكمة بكل دلال في أحضانه طائعة راغبة بعد أن كانت تتمنع في سنوات سابقة مضت، وتكشف عن مفاتنها له، فيتمنى لو ابتدأ مشوار حياته من جديد ملازماً لها لينعم،ولكن ما الحكمة في أن تأتينا الحكمة متأخرة؟! لا بد أن في ذلك سراً حكيماً طالما أن اسمها "الحكمة"، لا أدري ولكن أظن أن الحياة تلقنّا درساً في أن العمر السعيد لن يكون في العمر المديد، بل في العمر الذي يسكنه العديد!