المخرجة هالة خليل: {نوارة} لا يؤرّخ للثورة بل يرصد معاناة البسطاء

نشر في 08-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 08-04-2016 | 00:01
رغم أن عمرها الفني ثلاثة أعمال فقط، استطاعت أن تحتل مكانه متميزة على الساحة السينمائية، إنها المخرجة هالة خليل التي تعود بـ{نوارة} بعد غياب 10 سنوات.
عن العمل وكواليسه كان لنا معها هذا الحوار.
سنوات كثيرة منذ فيلم {قص ولزق}، ما سبب هذا الغياب؟

السبب خارج عن إرادتي. كتبت سيناريوهات عدة، ولكني لم أجد منتجاً يتحمس لها. توقفت قليلاً عن الكتابة، ثم كتبت فيلم {نوارة} وضمنته القضية التي كنت مهمومة بها ولم أجد أيضاً المنتج الذي يتحمس لها، فقررت خوض التجربة بنفسي. أسست شركة إنتاج مع مجموعة من الزملاء تعتمد أساساً على الجهود الذاتية والعمل التطوعي، وكانت منة شلبي من البداية معي في الفيلم من دون أجر هي وكثيرون من فريق العمل.

أنجزنا التحضيرات اللازمة على مدار سنة ونصف السنة، وقبل بدء التصوير بأسبوع ظهرت شركة إنتاج {ريدستار} التي تحمست للعمل وأنتجته.

والفيلم ليس تأريخاً للثورة كما يعتقد البعض ولكنه يتحدث عن طموحات وآمال كانت تملؤنا أيامها ثم الإحباطات التي تعرضنا لها، ذلك من خلال شخصية نوارة التي كانت وما زالت تعاني وكأن شيئاً لم يتغير، وكانت تعيش على أمل بأن تتبدل الأحوال بعد الثورة ولكن شيئاً لم يحدث، بل تتعرض لمزيد من الظلم وتدفع ثمن حلمها بالتغيير.

كيف كان ترشيح أمير صلاح الدين للبطولة والثقة في قدراته؟

كان الترشيح من منة شلبي التي عرضت اسمه. شاهدت أعماله الصغيرة كافة، ووجدت في داخله ممثلاً قوياً ولديه قدرات تمثيلية لم تُستغل بعد، فقررت الاعتماد عليه، وفعلاً كان عند حُسن ظني به.

ذكرت أن السيناريو شهد تعديلاً لأجل أمير صلاح.

فعلاً، كانت الشخصية مكتوبة لشاب بسيط من حي شعبي وليس من أهل النوبة، ولكن عند ترشيح أمير وجدتها فرصة لعرض نموذج للعائلة النوبية من دون التعرض لحياتها ومشاكلها الخاصة، بمعنى أن يعيش معنا جيران من النوبة أو مسيحيون ونتعامل معهم بصفة أنهم جيران ومواطنون فحسب وليس لأنهم حالة خاصة ولهم مشاكلهم، وهو ما أغفلته السينما على مدار سنوات.

جاء الفيلم خالياً من الموسيقى التصويرية إلا في ثلاثة مشاهد فقط. لماذا؟

عند كتابة الفيلم، كان القرار أن يكون من دون موسيقى تصويرية تجنباً لتشتيت المشاهد فيبقى في كامل تركيزه مع كل مشهد، ولكن بعد انتهاء التصوير بالكامل وخلال المونتاج وجدت أن ثمة ثلاثة مشاهد لو تخللتها موسيقى تصويرية ستعبر عن الحالة بشكل أفضل، وكان ذلك.

أدى الكلب دوره بشكل جيد، كيف كان هذا؟

خضع {بوتشي} لتدريب كبير معي على الأداء. تدربت بدوري على التعامل مع الحيوانات، كي أحصل منها على الإحساس الذي أريد، وفعلاً تحقّق ذلك، وأنا مستعدة لتقديم فيلم بطله الرئيس كلب.

يرى البعض أن نهاية الفيلم مُحبطة.

أنا ضد النهايات السعيدة التي تمنح المشاهد جرعة من التفاؤل على عكس الواقع. كيف أتحدث عن أمل وتغيير رغم أننا نعيش في إحباط شديد، خصوصاً بعد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه وربما أسوأ؟ لا أريد أن يخرج الجمهور من الفيلم سعيداً، بل محبطاً، مستفزاً، غاضباً، يفكر في ما شاهده وفي الواقع، فربما يتحمس للتغيير أو الانتصار على الإحباط الذي تمكّن منا جميعا.

انتقد البعض الحوار لكونه مركزاً إلى درجة كبيرة.

لأنني أردت أن يبقى الجمهور في حالة تركيز شديدة مع نوارة ومصيرها، ولو قدمت مشهداً عاطفياً أو حوارياً من دون أهمية لضاع تركيز المتفرج، كذلك كان إيقاع العمل تضرّر، فلا مبرر من وضع مشهد إلا إذا كانت له علاقة بما قبله وبما بعده وله دور كبير في إيصال الفكرة إلى المشاهد، وإن حُذف لاختل البناء الدرامي.

كتابة ومشاريع جديدة

أعمالك كافة من تأليفك. هل من الممكن أن تكتبي عملاً لمخرج آخر؟

بالطبع لو كان زميلاً عزيزاً وطلب مني ذلك أو وجدت الفيلم مناسباً له سأعرضه عليه فوراً. فعلاً، أكتب نصاً سينمائياً للمخرج الصديق عمر عبد العزيز. عموماً، أنا من محبي الكتابة ولا أتوقف عنها أبداً.

أخبرينا عن فيلم {نسيم الحياة}.

الفيلم من تأليف هناء عطية، وهي كاتبة متميزة قدمت نصاً جيداً جداً، ومن بطولة إلهام شاهين وإنتاجها. تأجل العمل به لإنني انشغلت بـ {نوارة}، وإلهام بـ {يوم للستات} ثم {ليالي الحلمية}، ولكن بعد انتهائها من التصوير سنُحدد وقت بداية التحضير والتصوير.

ماذا عن مشروع الإنتاج  المستقل الذي تشاركين فيه؟

المشروع ما زال قيد التحضير. الفكرة جيدة جداً ولكنها تحتاج إلى دراسة وتجهيز وهو ما نقوم به راهناً، وأعتقد أن انطلاق الشركة بالشكل الذي نُخطط له سيساعد في عودة الإنتاج الجيد ويحدث نهضة في الصناعة. أشير هنا إلى أن التعامل مع الكيانات الكبيرة من موقعك كمنتج فرد صعب لأنك الحلقة الأضعف، وهو ما حدث في السنوات الماضية. لكن عندما يتوافر كيان يضم عدداً من السينمائيين ويُعبر عنهم ويُقدم أعمالهم، سيكون التعامل من موقع قوة تستطيع أن تفرض شروطك من خلالها في العرض وتكسر حالة الاحتكار الموجودة الآن.

ما تقييمك لتجربة السينما المستقلة؟

هي نوع مختلف من الأفلام، قدمه شباب مُحبون للسينما عندما هربت الكيانات الكبيرة بعد الثورة خوفاً من الخسارة. هؤلاء الشباب هم من حموا الصناعة وقدموا أعمالاً جيدة، جاءت أحياناً بشكل تطوعي، حباً بالسينما والفن. مع ذلك، تُحارب هذه التجربة وهؤلاء الشباب سواء من الدولة أو من الكيانات الكبيرة، ولكن المستقبل لهم ولهذه السينما الجيدة.

back to top