إحدى المفارقات الكبرى في عالم المفاهيم المقلوبة بشدة في ميادين المال الصينية تتمثل في أن اللون الأحمر يتحول الى أخضر والعكس صحيح.

Ad

وقد استهلت أسواق الأسهم والعملات في بكين عامها الجديد بهبوط شديد، وفي معظم الدول فإن "التوجه نحو اللون الأحمر" يعني خسارة المال، كما تتم الإشارة إلى الأسهم التي تتعرض لهبوط باللون الأحمر على لوحة الاعلانات في تلك الأسواق.

وعلى أي حال، يشير اللون الأحمر في الصين الى علامة تبشر بالنجاح والبحبوحة وهو ما ينسحب على الأسهم التي تحقق درجة ما من المكاسب، أما اللون الأخضر فيشير الى الخسارة. وقبل أن يبدأ التداول في سوق الأسهم الصينية في 4 يناير الجاري، وهو اليوم الأول لتلك العمليات في سنة 2016، كانت وسائل الاعلام المالية في الصين تزخر بتوقعات متفائلة تقول إن تلك الأسواق سوف "تفتح الباب امام اللون الأحمر"، وهو ما يعني بكلمات اخرى الانطلاق نحو بداية مبشرة ومشجعة، ولكن حقيقة الأمر أن الباب عندما فتح كان اللون الأخضر يطغى على تلك الأسواق بصورة لافتة.

هبوط المؤشر الرئيسي

وقد هبط مؤشر "سي اس آي 300"، وهو المؤشر الأكبر للأسهم في الصين، بنسبة وصلت الى 7 في المئة، وكانت تلك النسبة أسوأ بداية سنوية في الأسواق الصينية، كما كانت الأسهم الصغيرة أكثر سوءاً وتراجعت بمعدلات يومية قصوى وصلت الى 10 في المئة، وكان يوم الاثنين هو أول أيام العمل بالطريقة الجديدة التي أطلق عليها صفة متميزة تدعى "قاطع الدارة"، وتعني التوقف عن التداول بصورة آلية لمدة 15 دقيقة في حال ارتفاع أو هبوط مؤشر سي اس آي 300 بنسبة 5 في المئة، وتهدف هذه الخطوة الى تهدئة السوق عندما تسود موجة قلق شديدة وحامية. ولكن الحظ لم يحالف ذلك الإجراء وبعد أقل من عشر دقائق على استئناف التداول في السوق بعد أول عملية توقف من هذا النوع، هبط المؤشر المذكور بنقطتين مئويتين، وأفضى ذلك الى عملية اخرى من " قاطع الدارة" وتعليق التداول لبقية ذلك اليوم.

ثم اصطبغ سوق العملات باللون الأخضر السلبي في اليوم ذاته أيضاً، وكانت العمل الصينية – اليوان – استهلت هذه السنة بهبوط وصل الى 0.6 في المئة مقابل الدولار وهي حركة كبيرة في ضوء العديد من القيود على عمليات التداول، كما أن البنك المركزي في بكين حدد معدلاته اليومية بأقل من 6.5 يوان مقابل الدولار، وذلك لأول مرة منذ سنة 2011، وهو ما يشير الى أن العملة الصينية سوف تحتمل المزيد من الهبوط في الأشهر المقبلة.

ومن المؤكد أن العملة الصينية كانت عرضة لضغوط من أجل القيام بتلك الخطوة، ومن جهة اخرى تعد الشركات المحلية نفسها للتعامل مع يوان أضعف، وهو ما أفضى الى هروب رأس المال خلال الأشهر الأخيرة، اضافة الى أن معدلات التداول باليوان في عمليات الأوفشور كانت أدنى بحوالي 2 في المئة منها في الداخل الصيني، وهو ما يشير الى أن المستثمرين يتوقعون استمرار الهبوط في هذه العملة.