السعادة في الكويت

نشر في 21-02-2016
آخر تحديث 21-02-2016 | 00:01
 مظفّر عبدالله تستثمر الكويت ٧ مليارات دولار في القطاع السياحي في بلدان أخرى، وهي أموال هاربة من الروتين والبيروقراطية، وفي حين تنجح دبي في إقامة جزر صناعية تدر عليها ملايين الدولارات ولحقتها قطر موخراً فإن الكويت تركت جزرها الطبيعية لأحاديث الجن والعفاريت.

أول العمود:

 أحترم شبان الكويت الذين قاموا بتجميل حوائط لمبان قديمة وسط العاصمة وكتبوا عليها عبارات حضارية وأعادوا لها روحاً كويتية مبدعة.

***

لماذا يبدو الحديث عن السياحة في الكويت من الأمور التي يجب إنهاء الحديث حولها سريعا لاستكمال شرب فنجان القهوة! يبدو لي أن كثيراً من المشاريع المؤجلة لن تمضي في طريق التنفيذ إلا في ظل شح مداخيل البترول كما يتم اليوم تسويق مشروع الجزر. قرأت بإمعان تقرير السياحة السنوي الصادر عن شركة ليدرز قروب لصاحبتها السيدة الفاضلة نبيلة العنجري، ليؤكد جملة حقائق يتم تفويتها ببرود أعصاب، والتفويت هنا يعني حرمان خزينة الدولة ملايين الدنانير وحجب آلاف من فرص العمل للشباب الكويتيين.

يقول التقرير إن إنفاق ١٠٪ من الميزانية العامة على السياحة سينشط ٤٠ قطاعاً آخر منها العقار والمواصلات والصيرفة والفنادق والشقق المفروشة وغيرها، ويوفر ٣٠ ألف فرصة عمل للكويتيين.  تستثمر الكويت ٧ مليارات دولار في القطاع السياحي في بلدان أخرى، وهي أموال هاربة من الروتين والبيروقراطية، وفي حين تنجح دبي في إقامة جزر صناعية تدر عليها ملايين الدولارات ولحقتها قطر موخراً فإن الكويت تركت جزرها الطبيعية لأحاديث الجن والعفاريت. ما يسمى بالاستراتيجية الوطنية للسياحة كانت تسعى إلى خلق ٧ آلاف فرصة عمل في السنوات الخمس الأولى من تطبيقها، في حين أن نسبة العمالة الكويتية في هذا المجال لا تتجاوز ١.٩٪.

نحن فشلنا خليجيا في المنافسة وفقا لمؤشر التنافسية للسفر والسياحة لعام ٢٠١٣ وترتيبنا في آخر القائمة بسبب فقر البنى التحتية والبشرية والتنوع الثقافي وقوانين الزيارة، وهذا يضيع نسبة كبيرة من المبلغ الذي يصرفه الكويتيون على السياحة الخارجية السنوى البالغ مؤخرا ١.٤ مليار دولار، ويعد ملف المشروعات الصغيرة رديفا للسياحة الداخلية، وهو شبه معدوم في الكويت في حين تصل مساهمتها في الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية ٤٦٪.

صالح شهاب يمثل شخصية عصامية تحدت الصعاب في قطاع السياحة عندما كانت ملحقة بوزارة الإعلام، وجعلت من صيف الكويت متعة في السبعينيات، وبوفاته انطفأت الشعلة، مما يعني أنه ليس نهجا حكوميا، ومنتزه الخيران يعدّ آخر مرفق افتتحته شركة المشروعات السياحية، وكان ذلك عام ١٩٧٨، وها هي صالة التزلج على حالها منذ عام ١٩٨٠ والمدينة الترفيهية المتهالكة كذلك، حيث دُشنت عام ١٩٨٤.

في عام ٢٠١٢ أُسس ١٢ هيئة بقانون بعضها لا يرقى لأهمية هيئة للسياحة، في حين أن دولا خليجية تملك منذ سنوات مثل هذه الهيئة، واستطاعت مشاريع مثل "برج العرب" و"مشروع النخلة" و"جزر العالم" في دبي الحصول على موقع بين الجزر العشر الأولى في العالم، من حيث الجاذبية للسياح، في حين يتم تجاهل مشروعي جزر فيلكا وبوبيان رغم رصد ميزانيتهما.

مهرجان هلا فبراير لا يتجاوز عدد رواده ١٠٠ ألف شخص مقارنة مع مهرجان دبي للتسوق (٥ ملايين)، ومهرجان عمان (٢ مليون) والسعودية (١.٥ مليون) في مهرجاني (الجنادرية وجدة غير)، لماذا يبقى إشغال الفنادق في الكويت عند نسبة ٤٨٪ في فبراير، وهو موسم احتفالي فيما تشهد دبي نسبة إشغال١٠٠٪  في مهرجاناتها؟ حتما ليس الجو البارد ولا الغابات الخضراء... بل العمل وتوفير الفرص للسائح واحترامه.

الكويت ليست ضمن المطارات الستة الأولى خليجيا، ومنافذنا البرية قديمة وتعاني التكدس، وسواحلنا على طولها تفتقد لموانئ تستقبل الرحلات السياحية وبواخر الكروز، ومعهد السياحة الوحيد لا يخرج سوى خبراء تجميل وصالونات، والبعثات التعليمية السياحية توقفت منذ التسعينيات.

نحن أمام إهمال كبير لقطاع السياحة في الكويت، ولو تم الاستثمار الحقيقي فيه لرأينا الحقيقة مختلفة وما عودة الحديث عن تطوير الجزر اليوم إلا صورة من صور الاعتراف بجريمة هذا الإهمال.

back to top