فرجينيا وولف... خيّاطة موهوبة في الكتابة

نشر في 29-02-2016
آخر تحديث 29-02-2016 | 00:00
No Image Caption
«استمتعتُ بالتكلم معها لكني لم أكوّن أي رأي عن كتاباتها. كنت أعتبرها خياطة صغيرة وجميلة». هذا ما كتبته إديث سيتويل عن فترة بعد الظهر التي أمضتها مع فرجينيا وولف. لم يبق الكثير من الأقمشة التي حاكتها وولف، لكنها تركت وراءها تسع روايات وعشرات القصص القصيرة والمقالات والمذكرات.
تُعتبر وولف اليوم واحدة من الشخصيات المؤسِّسة لعصر الحداثة. وُلدت في عام 1882 في عائلة فنية في «كنسينغتون»، فنشأت وهي محاطة بكتّاب وشعرت بأنها تملك الحق بالكتابة مثل جميع الأدباء الذين مروا بقاعة الاستقبال في منزل العائلة.

غالباً ما توضع هذه الكاتبة في الخانة نفسها مع سيلفيا بلاث، فقد انتحرت هاتان الكاتبتان اللامعتان والمعذّبتان. اختارت وولف كي تنتحر أن تثقل جيوبها بالحجارة وتمشي في النهر. لكن رغم حالات الاكتئاب التي أصابتها، كانت تتمتع بحس فكاهي مدهش. في إحدى المرات، قامت مع خمسة أصدقاء لها بجولة ملكية في البارجة الحربية «إتش إم إس دريدنوت» وتنكروا بزي أمير الحبشة وحاشيته. كانت امرأة وقحة وكئيبة وعاطفية وفظة. كان صوت وولف حاداً ولطالما استمتعت بمفاجئة قرّائها.

قرار حاسم: تأسيس دار نشر «هوغارث» مع زوجها ليونارد. ساهمت هذه الخطوة في تحريرها وسمحت لها بإنتاج الأعمال من دون أن تضطر للرضوخ لنزوات دور النشر. في ملاحظة هامشية وردت في مسودة قديمة لرواية Mrs Dalloway (السيدة دالواي)، أعلنت الكاتبة: {سأكتب عن أي موضوع أريده}.

تصنيفات

نقاط القوة: 1) الإغاظة: تعطي وولف بيد وتأخذ باليد الأخرى، فتقدم لمحات جاذبة عن حياة شخصياتها الداخلية. يذكر مقطع في كتاب Jacob’s Room (غرفة جاكوب): {هل سنتبعه إلى غرفته؟ لا، لن نفعل ذلك}. 2) كلمات مشبوهة: كانت اللغة صديقة متقلّبة بالنسبة إلى وولف وتواجه شخصياتها صعوبة في التعبير عن حقيقة ما تريده. يعيش بطل رواية  Orlando التي تتحدى التصنيفات على أساس الجنس معاناة خاصة: {رغم براعته في استعمال اللغة، كانت الكلمات تخونه}. 3) تجاهل الزمن: كانت وولف تظن أن سرد القصص ضمن إطار زمني محدد نهج ممل وخاطئ. لذا كانت تتنقل بين الحاضر والماضي وتبني شخصياتها وكأنها تركيبات من الذكريات والتجارب.

القاعدة الذهبية: الدفاع عن النفس. كتبت وولف في رواية A Room of One’s Own (غرفة خاصة بالمرء وحده): {أغلق مكتباتك إن أردت، ولكن لا يوجد باب ولا مفتاح ولا حتى برغي تستطيع تثبيته على حرية عقلي}. كان قلم فرجينيا وولف أشبه بعصا لكسر الأبواب المغلقة أمام النساء. كانت تكره أن يتسلّط أحد على الآخر.

القدوة الأساسية: الرسامون. يسكن هؤلاء في رواياتها وحياتها الشخصية. نتيجةً لذلك، يبدو الوصف الذي تطرحه حيوياً وملوّناً مثل هذا الوصف الذي ورد في كتاب Jacob’s Room: {كانت جزر سيلي تميل إلى الازرقاق ثم تجتاح الموجات الزرقاء والبنفسجية والخضراء البحر فجأةً، فتبدو جهة اليسار رمادية ويمرّ بها شريط قبل أن يتلاشى}. كانت وولف معجبة بقدرة الرسام على التراجع واستيعاب عمله ككيان كلّي. حتى أنها كانت تقف أمام مسند للوحات الرسم أثناء الكتابة كي تعيش تجربة الرسام.

الحيلة المفضلة: التكلم من البطن. كانت وولف تحب «الأسلوب الحر وغير المباشر» كونه يسمح للراوي بأن يسكن في صوت الشخصية. في كتاب Mrs Dalloway مثلاً، تُنسَب السطور التالية إلى الراوي مع أنها تعبّر بكل وضوح عن أفكار شخصية كلاريسا: {كانت جوارب هيو أجمل ما رأته على الإطلاق، وبعدها فستان السهرة هذا. مدهش!}. في هذا السياق، يقول جوزيف هيليس ميلر إن الراوي يعكس أفكار الشخصيات في كتابات وولف وليس العكس.

جملة نموذجية: «بالطريقة نفسها، يجب أن يتبع ذلك اليوم الأيام السابقة: الأربعاء، الخميس، الجمعة، السبت؛ يجب أن يستيقظ ذلك الشخص في الصباح، ويشاهد السماء، ويتنزه في الحديقة، ويقابل هيو ويتبريد، ثم يظهر بيتر فجأةً، ويتلقى تلك الورود. كان ذلك كافياً».

back to top