6/6 : الحزم أبا العزم
حين أطلقت المملكة العربية السعودية "عاصفة الحزم" في وجه المخطط التوسعي الإيراني في اليمن قبل ما يزيد على سنة من الآن، فإنها نصبت حائط صد عملاقاً أمام الشهية الفارسية المفتوحة على مصاريعها لابتلاع المزيد من مناطق النفوذ لها على الساحة العربية، بعد أن أطبقت على مصير العراق وسورية ولبنان بحروب الوكالات، وراودتها نفسها للسيطرة على قلب الجزيرة العربية ومهبط الوحي في "المملكة العربية السعودية"، بكل ما تملكه من حصانات مرجعية دينياً واقتصادياً وسياسياً، من خلال السيطرة على اليمن عبر عملائها فيها.السعودية استعادت للعرب بعاصفة الحزم زمام المبادرة في صناعة الأحداث، خاصة حين يتعلق الأمر باستلاب إرادتهم، ورسم مستقبلهم من أي قوة خارجية، وأكدت دورها المحوري في تقرير مصيرها ومصير دول الخليج العربي الذي انعقد لها في أحداث الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠، وأحداث دوار اللؤلؤ في البحرين عام ٢٠١١، وأخيراً أحداث الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن عام ٢٠١٥.
جملة تلك الأحداث أكدت أن المملكة العربية السعودية هي لاعب رئيسي وليس متفرجاً على هجمات قوى عدوانية من هنا وهناك، ضد دول مجلس التعاون، ولا هم لتلك القوى سوى زعزعة أمن واستقرار دول الخليج المسالمة تحت ذرائع فوقية مشبعة بالعنصرية وغرور العظمة حيناً، وبالتهويمات الطائفية البغيضة أحياناً أخرى.السعودية وقفت لمثل تلك العربدات بالمرصاد، وانتفضت بقوتها الذاتية وقوة حلفائها العرب والأجانب، لتدافع عن كيانها المترابط من البحر إلى البحر في مملكة وحّدها مؤسسها "الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن"، طيب الله ثراه، قبل ما يزيد على قرن من الزمان، وحافظت عليها سلالته من أبنائه الملوك ومن خلفهم شعب نداؤه على الدوام عند الشدائد "يا دار لنا حقج علينا". ذلك النداء هو قاطرة "عاصفة الحزم" وما حققته من أهداف في وجه العدوانية الإيرانية وحروب الوكالة التي قادتها وتقودها في المنطقة، وكذلك هو وقود زيارات الحسم التي قام بها الملك سلمان مؤخراً إلى مصر وتركيا، وما انتهت إليه من اتفاقيات ترسّخ التحالف بين أكبر القوى الإسلامية والعربية في المنطقة، ليقف سداً منيعاً أمام أطماع وتحركات إيران وحلفائها من داخل وخارج المنطقة حاضراً ومستقبلاً.زيارات الحسم السعودية الأخيرة، ضربة معلم ذات أبعاد استراتيجية كبرى، أسدلت الستار على أوهام إيران في الهيمنة على مقاليد الأمور في منطقة الخليج والجزيرة العربية، وحجمت طموحاتها حتى في حسم الأحداث لصالحها في الحرب الشرسة بسورية، التي أشعلها حاكمها الطاغية، وأججتها إيران والقوى المناصرة لها.من جديد تصدق مع أحداث الحزم والحسم التي قادها ويقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقولة والده المغفور له الملك عبدالعزيز:الحزم أبا العزم أبا الظفرات.والترك أبا الفرك أبا الحسرات.