في السنوات الأخيرة تعرض التعليم في الكويت، سواء الأساسي أو الجامعي، للعديد من الأزمات والمشاكل التي أثرت في مسيرته بشكل كبير، فرأينا مشكلة تصديق الشهادات الدراسية لخريجي بعض الجامعات، الأمر الذي هدد مستقبل مئات الكويتيين وأوقف مسيرتهم عن استكمال تحصيلهم العلمي، وإن كان الفرج قد جاء بتصديق بعض الشهادات لخريجي الجامعات البحرينية لكن بعض الحاصلين على شهادات من جامعات أخرى ظلوا عالقين، ولم يتم الاعتراف بشهاداتهم رغم ما بذلوه من جهد وما أنفقوه من أموال.

Ad

وما كادت هذه المشكلة تحل حتى تفجرت قضية الشهادات المضروبة أو المزورة التي حصل عليها البعض، ومنهم أعضاء في هيئات التدريس في الكليات والمعاهد، وكادت هذه الأزمة تعصف ببعض المؤسسات التعليمية، إذ أحال وزير التعليم 270 شخصاً إلى النيابة العامة بعد أن نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية موضوعاً كشفت فيه عدد الحاصلين على هذه الشهادات من العاملين في دول الخليج العربي، والذين بلغ مجموعهم 3142 شخصاً منهم 278 في الكويت، ولا تزال الحقيقة غائبة ولا نعرف مدى صحة هذه الأرقام، ولكن الواقع يؤكد أن هذه المشكلة أحدثت حالة من البلبلة بين الأكاديميين والطلبة.

كما طفت على السطح مشكلة قديمة جديدة تتعلق بالشعب المغلقة التي يدرس الطلبة موادها في الفصل الصيفي، حيث تسبب تخفيض الميزانية في التهديد بإلغائها، وبعد أن تم تقليص مكافآت أعضاء هيئة التدريس تصاعدت الأزمة لتصل إلى مرحلة التهديد بالإضراب عن العمل والاعتصام ليكون الطالب هو الضحية، رغم أن هذه المشكلة ليست مستعصية ويمكن حلها بشكل علمي مدروس، وعبر دراسات واستبيانات، وطرح عدد معين من الشعب لكل مقرر، بحيث يتناسب مع العدد المطلوب للتسجيل، ولكن هذا لم يحدث على مدار السنوات الماضية، لأن العملية التعليمية تسير بالبركة ولا توجد خطط أو رؤية مستقبلية.

أما عن مشاكل التعليم الأساسي فحدّث ولا حرج، فرغم الإنفاق السخي عليه فإن نتائجه وثماره مخيبة للآمال، حيث إن هناك ارتفاعاً في نسبة الرسوب والتسرب، وتدنياً في المستوى العلمي للطلاب في جميع المراحل، وغيابا للمبادرة والابتكار، مع التركيز على أسلوب التلقين والحفظ، فضلاً عن عدم ملاءمة مخرجات التعليم لاحتياجات السوق، بحيث يتخرج سنوياً آلاف الكويتيين لينضموا إلى قائمة العاطلين عن العمل.

ولعل المسؤولين يدركون أن التعليم الجيد هو ركيزة أساسية للتنمية، لأنه يؤسس شخصية الفرد ويكتشف قدراته الذهنية ومهاراته، ولعلهم أيضاً يعرفون أن جميع المشكلات التي يواجهها المجتمع في غالبها مردها تدني إلى مستوى التعليم، وبالتالي فإن مفتاح حل هذه المشكلات هو النهوض بالتعليم ورفع مستواه والعمل على زيادة ميزانيته لا تقليصها، فهو جوهر التطوّر والتقدم، وهو ما حضّ عليه الدين الإسلامي الحنيف، حينما قال تعالى في محكم تنزيله: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات".