من المشاركة في إحدى دورات بينالي فينيسيا وحصولك على جائزة، مروراً بمشاركتك في لجنة تحكيم مسابقة الكويت الكبرى في التصوير الفوتوغرافي، إلى معرضك الأخير في مصر، ماذا عن هذه الرحلة؟
كانت مشاركتي الأولى في البينالي منذ سنوات عدة من خلال معرضي «ليه.. لا» «why.. not}، و{اللعبة}، وفيلم عن الحرب، وكان عرضاً قوياً تسبب في شهرتي في الوسط التشكيلي، ثم ترشحت بعد ذلك للبينالي، حيث قدمت فيلماً عبارة عن فيديو آرت بعنوان {البحث عن الخلاص}، تتحدث فكرته عن كيفية الخلاص من الصراعات الدينية وصراعات الطبيعة، كما تتناول ما دار في مصر في الأونة الأخيرة.وفي العام الماضي، حكمت بمسابقة {الكويت الكبرى للتصوير الفوتوغرافي}، هي مسابقة مفتوحة، وأرى أن لدى الكويت تحديداً مصورين مهمين يطرحون أفكاراً عما يدور في منطقة الخليج، حيث يجرون رحلات فوتوغرافية مهمة لغابات وشلالات وأماكن حقيقية، والكويت تعد كنزاً ذهبياً مفتوحاً أمام المصور الفوتوغرافي، ومن الملاحظ أن النساء تصدرن في هذا المجال، ورأيت مستوى يعكس فكراً جديداً، ومعايشة العمل، وكنت أهتم بالجوانب التعبيرية والمفاهيمية في الصور.هل تملك الصورة الفوتوغرافية أسراراً، كما يردد البعض؟نعم للصورة أسرار، لدينا حوادث تدفعنا للتفكير وتؤثر فينا، يأخذها الفنان ليضعها داخل عقله ويخرجها في منظور فني بكنايات ورموز، مستلهماً أيضاً من حدث شخصي للتعبير بطريقة فنية، وهذا سر الصورة بالنسبة إلي. عندما لا أخرج من أي مشكلة حدثت لي في عمل فني أشعر باكتئاب شديد، ثم أفرغ طاقتي في المشاريع الفنية عن طريق رسم {إسكتش} للموضوع، ثم أبدأ العمل عليه.ما هو التحدي الصعب أمام المصور الفوتوغرافي؟لا بد من أن يكون صاحب بصمة، بمعنى أن يختلف عمله عن الآخرين. نجد صوراً متشابهة لفنانين، لكن أن نعرف صورة المصور دون قراءة اسمه فهذه مرحلة صعبة. ثمة مصورون صحافيون لهم إسلوب من خلال زوايا وفكر معين. يجب أن تكون لدى الفنان مقدرة على تقديم إحساسه ومشاعره داخل عمله، وهذه هي بصمته التي ستجعله مختلفاً عن الآخرين.أنت أحد المصورين القلائل الذين يصورون المعارض الفنية، هل يحتاج ذلك إلى مهارات خاصة؟تصوير لوحة فنية أحد أصعب الأمور التي تواجه المصور، لأني أعي تقنيات اللوحة وسعرها وكفاءتها والجهد المبذول بها من الفنان، وكي أنقل لوحة فنية لا بد من أن أفهم الألوان التي يعمل بها الفنان وتوزيع الإضاءة على اللوحة، واتجاه ريشته ودرجات الألوان. ثمة فكرة خاطئة تقول بأن يضع الفنان اللوحة في الشمس ثم يصورها، وهو أمر خطير، لأن الشمس تفقد الصورة %40 من ألوانها. لتصوير اللوحة الفنية، لا بد من تقنية خاصة بذلك: إعداد ضوء نهاري عادي في الأستوديو، وكاميرا قوية وعدسة لا تسبب اهتزازاً أو انبعاجاً في اللوحة. الموضوع صعب، ولكنه متعة في الوقت نفسه.دخلت الكاميرا في تحد مع الوسائط الأخرى منها الهاتف الجوال، هل يدعم هذا الأمر الفوتوغرافي أم يضره؟من مصلحتنا أن يمارس البشر الفنون كافة. أشعر بسعادة غامرة لعشق كثيرين التصوير سواء من خلال كاميرا الهاتف الجوال أو غيره، ولكنا نريد أن نحول الموضوع إلى احتراف، لأن لصورة الهاتف مقاساً محدداً، فضلاً عن أن التكنولوجيا السهلة الخاصة به أحياناً تساهم في تشابه الأعمال إلى حد كبير، كذلك تؤدي التكنولوجيا الكثيرة على العمل إلى فقد الإحساس به. ثمة مسابقات لصور الجوال، ولكن عمل لوحة فنية للاقتناء أو عرضها في متحف لا يتم بصورة عبر الجوال. بالنسبة إلي، أسعى دائماً إلى تطوير أجهزتي، والموضوع ليس سهلاً، لأن الفوتوغرافيا تحتاج إلى دراسة ومتابعة لتقديم مستوى فني عال، لأننا إذا تجاهلنا تطورها وبرامج الكمبيوتر الخاصة بها سنتأخر كثيراً. وأؤكد أن الفوتوغرافيا ليست مزاحاً، ولكنها دراسة صعبة.أبيض وأسوديعتبر فن التصوير باللونين {الأبيض والأسود} أحد أصعب فروع التصوير، برأيك لماذا، خصوصاً أنك قدمت صوراً ناجحة بهذين اللونين؟أتمنى أن أقدم جميع أعمالي بالأبيض والأسود، هذان اللونان بحد ذاتهما فن له سحر خاص، رغم أنهما يحتاجان إلى تقنية صعبة جداً، لأن الصورة الملونة سهلة، حيث يتضح كل شيء بالألوان، لكن عندما يتم تحديد لونين فقط فلا بد من أن تكون الصورة منضبطة إلى حد كبير، وكل لون يعبر عن الموضوع. كذلك يجب أن يكون الفنان دارساً لماهية ما يقدمه خلال التصوير، فضلاً عن ضبط الخلفيات والإضاءة والأجواء المحيطة، ولا ننسى أن للأبيض والأسود سحراً فنياً كلاسيكياً لافتاً. وأتمنى إطلاق معرض كامل بالأبيض والأسود.إلى أي مدى يتدخل الكمبيوتر في أعمالك الفوتوغرافية؟نسبة تدخل الكمبيوتر في عملي ضعيفة جداً. هذا الجهاز بالنسبة إلي ما هو إلا أداة، لا أستخدم منها عملاً جاهزاً، بل أصور العمل وأجمعه بنفسي. الفيصل هو المفهوم والفكرة، وألا سيتشابه عملي مع غيري من فناني الفوتوغرافيا، ولكني سعيت إلى أن يكون لي أسلوب معين، ولم أصل إلى هذه المرحلة بسهولة.تملك مهارة خاصة في تقديم {فن الرسم على الجسد، فكيف جاءت بدايتك مع هذا المجال؟بدأت الرسم على الجسد بالمشاركة مع الفنانة ريهام السعدني منذ سنوات، ثم اكتشفت أن الرسم على المدى الموضوعي لا يخرج بالطريقة التي أريدها، ففي هذا النوع من الرسم نضع قصة على الجسد أو انفعالاً ما، كي أكتب قصة أو أحكي مفهوم العمل الفني. هذا النوع من الرسم فن مفهوم للعالم كله.انتقلت بعد ذلك إلى المرحلة السيريالية، فكيف تسنى لك هذا التغيير؟هي مرحلة أصعب، وانتقلت إليها من باب التغيير. يحتاج تطوير الأفكار وطريقة التعبير إلى مساحة أوسع، لذا أدخلت الفيديو آرت إلى عملي، حيث وجدت في داخلي حكاية أو صرخة أسعى إلى تقديمها، ولم تعد الصورة الفوتوغرافية كافية لاستيعابها، لذا فالصورة المتحركة (أو الفيديو) هي الأنسب لعرضها. أصنع مفاتيحاً صغيرة في عملي بالسيريالية، لكي يقوم المتلقي أو الناقد بقراءة رسالتي بأية فكرة مختلفة عن فكري، المهم ألا يكون عملي مبهما بالنسبة له، وأرى أن هذه المرحلة صعبة في التكنيك والتنفيذ.
توابل
الفنان أيمن لطفي: «الفوتوغرافيا» ليست مزاحاً
06-03-2016