أكد مصدر في الكتلة النيابية الشيعية أن «زائراً كبيراً» وصل إلى العراق أمس، وتواصَل مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتوسط بينه وبين رئيس الحكومة حيدر العبادي، بعد أن فشل اجتماع الزعماء الشيعة مطلع الأسبوع في تهدئة الموقف، ما أدى إلى تصعيد نادر في بغداد.
ونجح الصدر، خلال الأسبوعين الماضيين، في حشد أنصاره مع ناشطي التيار المدني العلماني، في تظاهرات كبيرة وسط بغداد ثم أمام بوابات مقر الحكومة بالمنطقة الخضراء، احتجاجاً على أداء العبادي، وتشكيكاً في نواياه بإجراء تعديل وزاري قد يضمن له هيمنة كبرى على الملفات الأساسية في البلاد، ويسلب النفوذ من شركائه الشيعة في الجناح المعتدل الموالي للنجف، وهو ما يثير مخاوف من زيادة نفوذ جناح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والميليشيات الإيرانية، تحت لافتة الإصلاحات الهادفة إلى التعامل مع أزمة اقتصادية حساسة تعصف بالعراق.وفشل اجتماع كربلاء، الذي ضم العبادي إلى جانب الصدر وعمار الحكيم وباقي القادة الشيعة، في التوصل إلى تسوية بين الطرفين، ثم انتهى بما يشبه انشقاقاً رسمياً في الكتلة الشيعية، إذ صدر بيان عن التحالف الشيعي يدين الصدر بوضوح، ويقف مع العبادي، ما اضطر زعيم التيار الصدري إلى إعلان مضاد يكشف أن البيان جرت كتابته بعد مغادرة الصدر والحكيم لمقر الاجتماع، وهو ما لم يقم الحكيم بنفيه.وأعلن الصدر أنه سيمضي في تنظيم الاحتجاجات أمام مقر الحكومة، مُصدِراً بياناً لاحقاً يطمئن فيه السفارات الواقعة داخل تلك المنطقة شديدة التحصين، بأنه لن يتعرض للبعثات الدبلوماسية إذا اقتحمها، رغم أنه أصدر تحذيراً لسفارة الولايات المتحدة إذا هي حاولت التدخل لمصلحة العبادي.ولم يسبق أن وصل النزاع داخل البيت الشيعي إلى هذا المستوى من التصعيد، وهو ما جعل العبادي وحلفاءه في أقصى مستويات القلق، وبدا رئيس الحكومة مرتبكاً إلى درجة أنه كتب منشورات ضد الصدر على صفحته في «فيسبوك» ثم عاد وحذفها، في خطوة غير مسبوقة أيضاً.وكان من الواضح أن الصدر لم يعد يمتلك أي خيار للتراجع، وسرت شائعات عن مجيء جنرال الحرس الثوري قاسم سليماني إلى بغداد محاولاً احتواء المواجهة، في ظل صمت المرجعية الدينية في النجف، وهو ما لم تؤكده المصادر الشيعية، رغم أنها اعترفت بوجود «زائر كبير» ومهم، وصل إلى العراق وأجرى اتصالات مكثفة مع الأطراف الشيعية، خصوصاً الصدر، الذي لم يقبل (حسب المصادر ذاتها) التراجع عن موقفه، إلا بضمانات تقيد العبادي، وتمنع حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه، من الهيمنة على الملفات الرئيسية في البلاد تحت غطاء التعديل الوزاري، لأن ذلك سيعيد سيناريو المالكي، الذي انفرد بالقرار منذ خروج القوات الأميركية نهاية 2011 حتى انهيار الجيش أمام تنظيم داعش منتصف 2014.لكن الوساطات ظلت تركز على ضرورة تقديم «كل التنازلات» من الطرفين لمنع حصول مواجهة في البيت الشيعي تصل إلى مستوى تهديد الصدر بإسقاط حكومة العبادي عبر «انتفاضة شعبية»، نظراً لظروف الحرب مع «داعش» والتحولات الإقليمية المتسارعة.وإذا صدقت توقعات المصادر، فإن الصدر لن يتراجع عن تظاهراته الحاشدة بعد غد الجمعة، لكنه سيواصل ضبط الجمهور وسيمنع إسقاط الحكومة، مقابل أن يتراجع حزب الدعوة عن مشروع «الانفراد بالسلطة»، وهو أمر سيسعد العبادي الذي بدا قلقاً للغاية ومحدود الخيارات، ولكن في الوقت نفسه سيبقي الأزمة مفتوحة على احتمالات عديدة، في ظل انهيار أسعار النفط وتوقعات بعجز الدولة عن تأمين رواتب الموظفين والتداعيات المحتملة لذلك.
دوليات
«زائر كبير» في العراق يقدم «ضمانات» لتهدئة الصدر
09-03-2016