اجتاز وفد المعارضة السورية اختبار الأمم المتحدة في «الحكم الرشيد»، في وقت اصطدم إصرار المبعوث الدولي على بحث قضية الانتقال السـيــــاسي في مفاوضــــات «جنيف 3»، بموقف أشد صلابة من وفد الرئيس بشار الأسد، الذي اعتبرت موسكو أن بقاءه في السلطة ليس أساساً للتسوية.

Ad

وسط ترقب لنتائج مباحثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اليوم، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره سيرغي لافروف في موسكو، التقى ديميستورا أمس وفد الهيئة العليا للمفاوضات، وتسلم ردوده على نحو ثلاثين سؤالاً، وجهها إليهم حول الحكم الرشيد وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

وغداة إعلان رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، أن مستقبل الرئيس بشار الأسد «ليس موضع نقاش»، أكد عضو الوفد الاستشاري المرافق لوفد الهيئة العليا للمفاوضات هشام مروة، أمس، أن هذا الموقف «لم يكن مفاجأة، ولن يؤثر على قرارنا بالانخراط في العملية السياسية».

وشدد مروة على «أننا نبدي قدراً أعلى من المسؤولية والتحلي بالصبر، لأننا نحاور نظاماً لا يحترم التزاماته ولا القانون الدولي أو رغبة شعبه بالانتقال السياسي»، لافتاً إلى أن وفد الأسد «يحاول إثارة المعارضة للحصول على رد فعل منها، ويريد الانتقال السياسي كما يراه، مع بقاء الأسد، وهذا أمر مرفوض بالمطلق بالنسبة إلينا».

وإذ أوضح أن «الانتقال السياسي يعني تشكيل سلطة جديدة تتولى جميع الصلاحيات، بما فيها صلاحيات الرئاسة»، رأى مروة أن «الوفد الحكومي يواصل سياسة التهرب من الاستحقاقات».

«أم القضايا»

وبعد مباحثات مع وفد النظام، أمس الأول، وصف ديميستورا الانتقال السياسي، بأنه «أم القضايا كلها»، وحذر من أن عدم حدوث ذلك سيجعل من الصعب الحفاظ على استمرار وصول المساعدات ووقف الأعمال القتالية، وربما انهيار سورية، ودخولها في فوضى، كتلك التي شهدها العراق وليبيا.

وقال ديميستورا: «لا يمكن لأحد، لا في مجلس الأمن ولا في فيينا ولا ميونيخ ولا المجموعة الدولية لدعم سورية، التشكيك في أن الانتقال السياسي هو أساس كل القضايا، لذا يجب أن نكون واقعيين بشأن الأمر»، موضحاً أن وقف الأعمال القتالية لا يزال مستمرا، لكنه لن يصمد، ما لم يدرج الانتقال السياسي كخيار للمحادثات.

مقام الرئاسة

وفي وقت سابق، أبلغ الجعفري ديميستورا، بأنه من المبكر جداً مناقشة الانتقال السياسي، وأن مصير الأسد ليس جزءاً من المفاوضات مع المعارضة، وأصر على أن جهود مكافحة الإرهاب لاتزال تمثل الأولوية بالنسبة لدمشق.

وقال الجعفري للصحافيين في جنيف إن الحديث «حول مقام الرئاسة كلام لا يستحق الرد عليه، لأن هذا الموضوع ليس موضع نقاش، ولم يرد في أي ورقة، وليس جزءا من أدبيات هذا الحوار».

إبقاء الأسد

ونقلت وكالة «سبوتنك» الروسية للأنباء، أمس، عن رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي لشؤون الدفاع والأمن في البرلمان، فيكتور أوزيروف، قوله إن موسكو لا تعتبر الأساس في عملية التسوية هو الحفاظ على بشار الأسد رئيساً، بل العمل على مصلحة الشعب السوري، مبيناً أنه لابد من تهيئة الظروف، ليتم تحديد من يقود البلاد.

ويشكل مصير الأسد نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات جنيف، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما يصر الوفد الحكومي على أن مستقبله يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع.

أعمال أحادية

وبعد تلويح موسكو باستخدام القوة العسكرية، للرد على من ينتهك الهدنة، طالبت الولايات المتحدة روسيا بالامتناع عن «أي أعمال أحادية الجانب في سورية».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، إن واشنطن بانتظار الرد الروسي على ما قدمته بشأن طرق تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية.

قتلى الهدنة

في غضون ذلك، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل 530 شخصاً في 23 يوماً منذ سريان الهدنة السورية في المناطق التي يشملها اتفاق وقف العمليات القتالية، موضحاً أن 1279 شخصاً قتلوا في المناطق غير المشمولة بالاتفاق، الذي بدأ العمل به في 27 فبراير.

ومع احتدام المعارك على جبهة تدمر بين النظام، الذي يسعى لاستعادة المنطقة الأثرية بحمص، وتنظيم «داعش»، الذي يقاتل باستماتة، رغم الدعم الجوي الروسي الكبير، اتفقت «جبهة النصرة» و«الفرقة 13» أمس الأول على عدم الاعتداء على مقار كل منهما، ووقف التحرش على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الأرض من تظاهرات وغيرها.

 القاهرة الكبرى تحتضن «دمشق الصغيرة»

 اكتسب سوق في القاهرة الكبرى، التي تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، معظم من يديرونه ويشتغلون به سوريون فارون من الحرب، شعبية في جميع أنحاء مصر في الآونة الأخيرة.

ويوصف السوق في مدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة بأنه «دمشق صغيرة»، نظراً للعدد الكبير من السوريين فيه، إضافة إلى المطاعم ومحلات بيع المأكولات السورية التقليدية. وتقبل سكان المنطقة وجود جيرانهم الجدد، قائلين إنهم جلبوا «شيئاً جديداً» إلى المنطقة.

ويملك رجل يدعى حاتم، كان قد فر من مسقط رأسه في حمص باحثاً عن ملجأ في مصر، كشكاً للحلويات في السوق.

وقال: «والله الحمد لله رب العالمين، يعني الأمور بألف نعمة الحمد الله، وبفضل الله عايشين ومبسوطين هون. ومصر حلوة، وبشكل عام هي اللي استقبلتنا، وهي اللي بتخلينا نعمل كل حاجة، وبفضل الله مبسوطين ومروقين».

ويستورد حاتم، مثله مثل آخرين يملكون متاجر في السوق، الكثير من منتجاته من سورية. وقال سوري يدعى عبدالمهيمن يعمل في متجر للهواتف المحمولة، إن المتاجر والأكشاك تزايدت تدريجياً.