تمرّ الذكرى السابعة لرحيل الأديب السوداني الكبير الطيب صالح، أحد أبرز الأصوات الأدبية العربية، والذي أثرى المكتبة العربية والعالمية بإبداعات كثيرة، وتوفي عن عمر ناهز الثمانين عاماً بأحد مستشفيات عاصمة الضباب.

Ad

الأدباء والمثقفون العرب يتذكرون الراحل في السطور التالية.

قال الناقد الكبير صلاح فضل إن الطيب صالح كان أحد أهم الأصوات الروائية العربية وليس السودانية فحسب، لما امتلكه من قدرة على نسج صورة لمجتمعه السوداني بعمقه الروحي وامتداده الحضاري وإنسانيته، مشيراً إلى أنه كان لولع الطيب بالشعر بالغ الأثر في كتاباته العميقة، فقد صنع من السرد نغماً موازياً للتراث الشعري المحفوظ، وفتح صفحة جديدة في الأدب العربي والسوداني على حد سواء.

أكّد فضل أن صالح كان مدهشاً على الجانب الإنساني أيضاً، فقد كان مليئاً بالدفء والمودة والقلب الصافي وعمق الشعور بالآخرين، وكانت صحبته ممتعة للذهن والقلب فقد كان شعلة من النشاط، مشدداً على أن الراحل أثبت بالدليل العملي أن بضعة أعمال رائعة قليلة كفيلة، لصناعة مبدع كبير يوضع في الصف الأول للروائيين العرب.

يرى الروائي إبراهيم عبد المجيد أن رواية «موسم الهجرة للشمال» أهم وأميز أعمال الراحل، لأنها طرحت قضية الشرق والغرب مجدداً، وبفهم آخر غير السائد حينذاك، قائلاً: «أخذتني هذه الرواية وأبناء جيلي وهزت عقولنا وتعلمنا منها»، مؤكداً أن الطيب صالح ظل كاتباً كبيراً وحفر اسمه بين المبدعين الكبار عربياً وعالمياً رغم ابتعاده خلال سنوات عمره الأخيرة عن الكتابة بشكل منتظم.

يؤكد عبد المجيد أن باقي كتابات الطيب صالح لا تقل عن «موسم الهجرة»، لا سيما أنه كان يكتب نصاً استثنائياً سيبقى في واجهة المكتبة الروائية العربية لا يمحى من الذاكرة، فقد كان يبحث دوماً عن التجديد والتطوير والانفتاحية التي كانت سمة أعماله ولا يكف عن متابعة الإبداع الجديد في المجالات كافة، موضحاً أن بعض أعماله التي لم تحظ بالشهرة الواسعة وتمت كتابتها بالعامية السودانية، هي في الأساس لا تقل أهمية عن «موسم الهجرة للشمال».

الروائي السوداني الشاب حمور زيادة أوضح أن الراحل الطيب صالح ظلم غالبية أدباء السودان بحضوره الطاغي، فهو أول من كتب الواقعية السحرية في بداية الستينيات قبل أن يصلنا الأدب المترجم من أميركا اللاتينية، لذلك اختزل الإعلام العربي الأدب السوداني في أعمال صالح. حتى إن ثمة كُتاباً كُثراً في السودان توقفوا عن الكتابة حين لم يجدوا اهتماماً بمشروعهم الروائي من الإعلام والنقاد أو القراء بسبب الطيب صالح.

أكّد زيادة أنه شديد الانبهار بكتابات الطيب صالح، ويتعامل مع أدبه كتعامل المريد مع القطب الصوفي، مشيراً إلى أن الراحل كان عبقري الرواية العربية وأول من قدم الرواية السودانية إلى العالم، موضحاً أن الأدب السوداني ما زال يعاني مشكلة النشر التي تقف عائقاً إلى جانب ضعف الترويج والتسويق للأعمال الأدبية، لافتاً أن هذا ما جعل اسم الطيب صالح يبرز على مستوى الساحة العربية في وقت غابت أسماء كبيرة أخرى عدة، سواء على الصعيد العربي أو العالمي.

نبذة

ولد الطيب صالح  عام 1929 في قرية «كرم كول» شمال السودان. درس المرحلة الابتدائية بمدينة «بورتسودان» على سواحل البحر الأحمر، وتلقى تعليمه الثانوي بمدرسة «وادي سيدنا» بأم درمان، ثم التحق بكلية «جردون» الجامعية، جامعة الخرطوم حالياً، وحصل منها على بكالوريوس العلوم.

بدأ الطيب صالح حياته العملية معلماً بالمدرسة الأهلية بمدينة «رفاعة» وسط السودان، وفي عام 1952 هاجر إلى بريطانيا، ثم التحق بهيئة الإذاعة البريطانية بالقسم العربي حتى وصل إلى وظيفة رئيس قسم الدراما، ثم عاد إلى وطنه السودان مجدداً في عام 1967، وعمل بالهيئة القومية للإذاعة السودانية، وهاجر بعد ذلك إلى دولة قطر وكيلاً لوزارة الإعلام. كذلك عمل مستشاراً لهيئة «اليونسكو» بالعاصمة الفرنسية باريس، وكان صدور روايته الثانية «موسم الهجرة إلى الشمال» والنجاح الذي حققته سبباً مباشراً في التعريف به، فهي تمتاز بتجسيد ثنائية التقاليد الشرقية والغربية، واعتماد صورة البطل الإشكالي الملتبس على خلاف صورته الواضحة.

من أعماله

 «ضو البيت»، «دومة ود حامد»، «عرس الزين»، «مريود»، «نخلة على الجدول»، {منسي إنسان نادر على طريقته»، «المضيؤون كالنجوم من أعلام العرب والفرنجة»، «في صحبة المتنبي ورفاقه»، «في رحاب الجنادرية وأصيلة»، «وطني السودان»، «ذكريات المواسم»، «خواطر الترحال».