على وقع تصاعد العمليات العسكرية التي أخذت زمام المبادرة فيها «جبهة النصرة» بهجوم واسع استهدف ثلاث محافظات، كذب الجيش الروسي نظام بشار الأسد ونفى وجود أي خطط معه لتحرير محافظة حلب.

Ad

نفى الجيش الروسي أمس وجود أي خطط مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد لتحرير محافظة حلب، التي شهدت تصاعداً غير مسبوق للعمليات العسكرية أخذت زمام المبادرة فيها «جبهة النصرة» بهجوم واسع استهدف قطع طريق حلب- دمشق الدولي.

وغداة إعلان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي أن «القوات النظامية تعد عملية مع شركائنا الروس، عملية لتحرير حلب والتصدي لكل المجموعات غير الشرعية التي لم تلتزم اتفاق وقف إطلاق النار أو انتهكته»، نفت وزارة الدفاع الروسية أن يكون ضمن عملياتها التخطيط لشن هجوم في حلب، مؤكدة أن «اتفاق الهدنة مازال صامداً في سورية رغم الخروقات».

وحذرت وزارة الدفاع الروسية، التي حملت راية المصالحات المحلية بعد تدخلها العسكري، خصوصاً في الناصرية الواقعة على بعد نحو سبعين كيلومترا شمال شرق دمشق، من أن «جبهة النصرة» تخطط لشن هجوم واسع لقطع الطريق بين دمشق وحلب».

ووسط تصاعد العمليات العسكرية بشكل بات يهدد اتفاق وقف الأعمال القتالية المعمول به منذ نهاية فبراير الماضي، جدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال لقائه بالمبعوث الأممي ستيفان ديميستورا، تأكيده على ثبات موقف الرئيس بشار الأسد من التسوية السياسية والالتزام بحوار سوري دون شروط مسبقة، معلناً جاهزية وفد النظام للانخراط في محادثات "جنيف3" ابتداء من 15 أبريل الجاري بعد الانتخابات البرلمانية المقررة غداً.

وأكد المعلم ثقة الشعب بحقه في تقرير مستقبله وحتمية انتصاره على "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما من الجماعات الإرهابية، التي تواصل خرقها لوقف الهدنة بقصد إفشال حوار جنيف، لافتاً إلى الانتصارات المتتالية للجيش وآخرها تحرير مدينتي تدمر التاريخية والقريتين.

وشدد المعلم على متابعة الحكومة السورية جهودها في مكافحة الإرهاب وحماية مواطنيها، وإيصال المساعدات إلى من يحتاجها وتخفيف معاناتهم بسبب العقوبات الظالمة المفروضة ضد الشعب السوري ومؤسساته.

الانتقال السياسي

وخلال اللقاء، الذي شارك فيه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، ورئيس وفد دمشق ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، عرض ديميستورا الأفكار والجهود المبذولة لإنجاح المحادثات المقرر استئنافها خلال أيام في جنيف، وخطة عمل هذه الجولة، كما شرح أسباب الجولة التي يقوم بها في المنطقة لإجراء مشاورات بهذا الشأن.

وأشار المبعوث الأممي إلى أنه "ناقشنا الانتقال السياسي والحكومة الموسعة والمبادئ الدستورية، وأيضاً ضرورة حماية المؤسسات السورية"، مؤكداً أنه حثّ دمشق على دعم اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية.

وأكد ديميستورا أن جولة المفاوضات المقرر انطلاقها في 13 أبريل "بالغة الأهمية وستركز على بحث الانتقال السياسي وعلى مبادئ الحكم والدستور".

نهج ثابت

إلى ذلك، شدد رئيس الوزراء وائل الحلقي، في تصريحات نقلتها وكالة "إنترفاكس" الروسية، أمس، على أن دمشق ستتمسك بخطها السياسي الحالي كدولة علمانية ديمقراطية موحدة، حتى في حال تغيير الحكومة في سياق الإصلاحات، موضحاً أن الاستمرارية والاحتفاظ بمؤسسات الدولة من العناصر الأساسية في منظومة الدولة، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب وضمان تلبية كل احتياجات القوات المسلحة وقوات الدفاع الوطني.

كما أشار الحلقي إلى أولوية أخرى تتمثل في توسيع تطبيق سياسة المصالحات المحلية مع الاستجابة لكافة الاحتياجات الأساسية للشعب، فيما يخص توريدات الأغذية وضمان الرعاية الصحية وخدمات النقل.

حكومة شاملة

في المقابل، أعلن وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى (G7)، أن سورية حالياً تحتاج إلى حكومة جديدة تمثل مصالح كل الأطراف السورية.

ودعا البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء خارجية المجموعة في هيروشيما اليابانية، إلى "تعزيز وتسريع" مكافحة "داعش"، مؤكداً أن "الإرهاب يمثل تهديداً عالمياً مهما للأمن، ويتطلب التصدي له بالتعاون الدولي والقيام بخطوات مشتركة".

هجمات متعددة

وعلى الأرض، شنّت "جبهة النصرة" والفصائل المقاتلة المتحالفة معها هجمات في شمال ووسط وغرب سورية، بالتزامن مع تمكّن "داعش" من استعادة السيطرة على بلدة الراعي، التي تشكل نقطة عبور رئيسية لمقاتليه من وإلى تركيا، بعدما كانت فصائل مقاتلة سيطرت عليها الخميس.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، إن "النصرة" والفصائل المتحالفة معها شنت ثلاث هجمات متزامنة على مناطق عدة في محافظات حلب وحماة واللاذقية، وتمكنت من السيطرة على تلة كانت تحت سيطرة قوات النظام في اللاذقية.

وبحسب عبدالرحمن، "يأتي هذا الهجوم بعد أسابيع على تهديد النصرة ببدء عملية عسكرية واسعة"، غداة إعلان موسكو قرارها سحب القسم الأكبر من قواتها الجوية.

بلدة الراعي

على جبهة أخرى في حلب، تمكن "داعش" من استعادة السيطرة على بلدة الراعي قرب الحدود السورية- التركية بشكل كامل، عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة التي سيطرت على البلدة الخميس، بحسب المرصد، الذي أوضح أن البلدة تشكل "أبرز نقاط عبور الجهاديين إلى تركيا" وواحدة من آخر النقاط في المنطقة الباقية للتنظيم، الذي تواردت الأنباء عن إقدامه أمس على اجتياح "مخيم فلسطين" قرب العاصمة دمشق والسيطرة على معظم أحيائه.

الهدنة والمساعدات

وفي حين أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن "روسيا والولايات المتحدة تعملان سوية على منع حدوث أي انتهاكات للهدنة الهشة أو على الأقل التخفيف من عواقبها"، أعلن برنامج الأغذية العالمي نجاحه للمرة الأولى، أمس الأول، في إلقاء مواد غذائية بالمظلات للأحياء المحاصرة في مدينة دير الزور.

وبعد فشل المحاولة الأولى في فبراير الماضي، أوضح برنامج الاغذية أنه استأجر طائرة أقلعت من عمان في الأردن، وألقت بالمظلات من على ارتفاع شاهق 26 طرداً من المواد الغذائية تحتوي بشكل خاص على كميات من الفاصولياء والحمص والأرز، ما يكفي لتغذية 2500 شخص لمدة شهر، مشيراً إلى أن شريكه المحلي أبلغه أن الهلال الأحمر السوري تسلم 22 طرداً، ولا يزال يجري البحث عن الطرود الأربعة الأخرى.