رغم تقديري للجهود التي تبذلها وزارة العدل ممثلة بإدارة الرسوم القضائية لتحصيل المبالغ المالية الخاصة بالخزانة العامة للدولة وفقاً لقانون الرسوم القضائية، فإن هناك مغالاة تمارس من قبل البعض في هذه الإدارة في طريقة احتساب الرسوم نتيجة التفسير الخاطئ لنصوص القانون!

Ad

لا يمكن القبول بطريقة تعامل إدارة الرسوم القضائية في تحصيل الأحكام القضائية، لمجرد أنها صادرة من إدارة حكومية، وفي المقابل تخالف طبيعة الأحكام القضائية الصادرة بزعم التنظيم!

الرسوم القضائية جاء المشرع وألزم المتقاضي بسدادها للدولة  نظير الجهد الذي يؤديه القاضي المطبق للعدالة للنزاع الذي يعرضه أمامه، فإن لم يؤد هذا القاضي ذلك الجهد الذي كان يتعين القيام به نتيجة لإغفاله طلباً أو لأنه قرر استبعاده من الصحيفة، فلا تستحق عندئذ الدولة ممثلة بإدارة الرسوم المطالبة بقيمة هذا الرسم!

الإدارة في قصر العدل تريد إلزام الناس بدفع رسوم قضائية وفق تفسيراتها لمجرد أنهم طلبوا في مذكراتهم دون أن تتصدى المحكمة لتلك الطلبات، لا في حيثياتها ولا في منطوقها، بل ولم تورد لها ذكرا لا من قريب ولا من بعيد، وكل ذلك لأنها تعتقد بذلك حماية الخزينة العامة على حساب جيب المواطن!

المصيبة لا تكمن فقط في تفسير الطلبات ولا بنيات المتقاضين فحسب، بل إن الإدارة باتت تلاحق العشرات بل المئات من المواطنين لمجرد أنهم طعنوا على الإجراءات القضائية التنفيذية المتخذه ضد أملاكهم، تخيلوا أملاكهم لا أملاك الغير، وتأتي إدارة الرسوم وتريد إلزامهم بدفع رسوم نظير اتباعهم إجراءات المحافظة على تلك الأملاك من عقار وأسهم، والسؤال الذي أطرحه للمسؤولين في وزارة العدل، أليس في تلك الملاحقات المختلفة والمتعددة لجيب المواطن افتئات على القانون باسم تفسير النصوص؟!

كيف تريدون إلزام المتقاضين برسوم تقدر بعشرات الآلاف لمجرد أنهم تظلموا من إجراءات الحجز على العقار أو الطعن على الإجراءات التنفيذية لمخالفتها نصوص القانون أو الطعن على الإجراءات التنفيذية التي اتبعت بالمزاد العلني؟!

كل ما أتمناه، درءاً لكثرة التفسيرات القانونية، ودرءاً لحقوق المتقاضين أن يناط الإشراف لإدارة الرسوم القضائية بمكتب فني تابع لرئيس المحكمة الكلية أو رئيس محكمة الاستئناف، للعمل على إيقاف تلك التفسيرات وضبطها عند حد النصوص التي تنظمها أو أن ينتدب أحد السادة المستشارين أو القضاة إلى جانب عملهم، للنظر في إشكاليات تنفيذ النصوص، والفصل في التظلمات التي تقدم ضد التفسيرات التي تصدرها الإدارة من باب الحيادية والشفافية.