استعرضنا في مقال الأسبوع الماضي الجزء الأول من وثيقة فوزان بن جاسر السميط، رحمه الله، التي تعود إلى وقف شرعي في عام 1812م في منطقة الزبير. واليوم نكمل ما تبقى من الوثيقة النادرة التي تنشر للمرة الأولى. تشير الوثيقة التي كتبها القاضي ياسين بن مصطفى أفندي إلى أن فوزان السميط قرر أن يوقف أرضاً زراعية يملكها في منطقة تسمى "أم النعاج" من توابع مدينة البصرة مساحتها ثلاثة أجربة (جمع جريب، وهو ما يعادل 4000 متر مربع تقريباً أو 100 نخلة)، وحدد بأن الوقف على مسجد في محلة "المجصة" بمدينة الزبير يسمى مسجد "القصبة"، واشترط أن يكون بيد ولده جاسر والنظارة لأخيه علي.
يقول القاضي ياسين في الوثيقة "اوقف (اي فوزان السميط) اوقفه الله على بساط القرب وحبّس حبّس الله عنه جميع المكاره والرعب ما هو له وملكه وبيده وتحت حوز تصرفه الى حين صدور هذا الوقف منه وذالك هو جميع القطعة المزروعة الدجن والاشجار والنخيل التي مساحتها ثلاث اجربة الواقعة بأرض أم النعاج تابعة لمقاطعة السراجي من مضافات البصرة المحمية ينتهي حدها قبلتا النهر وشمالا قاع اليهودي وشرقا وجنوبا طريق ام النعاج على جامع القصبة في محلة المجصة احدى محال بلد سيدنا الزبير بن عبدالله بن العوام رضي الله تعالى عنه".وبعد أن حدد الواقف أن يكون الوقف بيد ابنه جاسر، وأن تكون النظارة لأخيه علي، قام بتقسيم ريع الوقف إلى أربعة أقسام، قسم يصرف على الزيت المستخدم في إضاءة المسجد باستخدام السراج، وقسم يخصص لفراش المسجد، وقسم يكون لمؤذن المسجد، والقسم الأخير يصرف على بئر المسجد الذي يستخدمه المصلون للوضوء.تقول الوثيقة "ونماء ذالك الوقف المرقوم ربع لاجل دهن سراج يعلق في الجامع وربع الى فراش الجامع وربع للمؤذن وربع الى البير بعد مصارف تعمير الوقف". وهذا الجامع المشار إليه في الوثيقة أسسه جاسر بن محمد السميط في عام 1761م، ومساحته 500م، ويقع في محلة المجصة في قضاء الزبير، لذلك سمي بمسجد المجصة. وأشارت الوثيقة إلى أن الواقف أراد بعد فترة من الزمن أن يرجع عن وقفه، فتم رفع الأمر إلى القاضي لاتخاذ قراره، فكان القرار أن يستمر الوقف إلى الأبد.وقال القاضي في الوثيقة "ثم من بعد أن تم الوقف ولزم وصح وانبرم اراد الواقف الرجوع عن وقفيته متمسكا بعد اللزوم على رأي من يرى ذالك من الائمة المجتهدين رضوان الله تعالى عليهم اجمعين، فعارضه المتولي وترافعا معه مرافعة السؤال لا مرافعة جدال لدى مولانا حاكم الشرع الشريف الموقع اسمه وختمه اعلاه، وقرر القضية اليه اسبغ الله جزيل نعمه عليه، فرأى برأيه السديد وفكره الحميد ان في ابقاء الوقف والحكم باللزوم منفعة للواقف تدوم، فحكم بصحة الوقف ولزومه بشروطه وفنوده وخصوصه وعمومه، عالما بالخلاف والاختلاف الجازيين بين الائمة الاسلاف، وصار وقفا مسجلا مؤبدا لا يباع ولا يرهن ولا يوهب ولا يعاد ولا يؤجر اكثر من ثلاث سنين الى ان ترث الارض ومن عليها وهو خير الوارثين". هذه كانت وثيقة وقف أسرة السميط الكريمة في الزبير عام 1812م، وإلى لقاء مع وثائق أخرى في المقالات المقبلة.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ : وقف فوزان السميط عام 1812: ربع لزيت السراج وربع للفراش وربع للمؤذن وربع للبير
26-02-2016