قرار مجلس الخدمة المدنية بسرعة تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الصادر بشأن أحقية المعلمات الوافدات في كل علاوة بدل السكن أسوة بالمعلمين الرجال وبأثر رجعي، يستحق الإشادة كونه يمثل تطبيقاً صحيحاً لأحكام القضاء الذي يعد الملاذ الآمن للمواطن والمقيم.

Ad

ورغم إشادتنا بديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية المعبرين عن سعي الحكومة في سرعة تنفيذ الأحكام القضائية، والتي لم يجف حبرها بعد، للمعلمات الوافدات نسأل الحكومة ووزير عدلها لماذا لم تنفذوا الأحكام القضائية الصادرة لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة لأكثر من عامين حتى الآن؟ أليست تلك أحكاماً صادرة كذلك باسم سمو الأمير وصادرة من المحاكم وواجبة النفاذ، بعد أن فشلت كل أوجه الطعن عليها حتى حازت قوة الأمر المقضي؟ أم مازال لدى الحكومة ووزير عدلها متسع لتفريغها من محتواها بإقرار قانون يسلب القضاء سلطاته وصلاحياته ويعيده إلى مراحل ما قبل الدستور؟!

أكثر من ٢٥٠ قاضياً ووكيل نيابة حصلوا على أحكام قضائية ضد وكيلي العدل والمالية بإلزامهما بإصدار القرارات التي أعلنها المجلس الأعلى للقضاء باعتماد مكافأة نهاية الخدمة لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة، وإقرار راتب تقاعدي لهم وصندوق للضمان الصحي والاجتماعي ينقل القضاة وأعضاء النيابة العامة من حال إلى حال أفضل، ويوفر لهم المزيد من الاستقرار الاجتماعي أسوة بعدد من المهن التي تمنحها الدولة العديد من الامتيازات، وفي المقابل ترفض الحكومة إدخال تلك الأحكام حيز التنفيذ لقرابة عامين بل وتتعمد المساومة عليها!

ضربت لنا الحكومة ذاتها، التي طبقت حكم المعلمات، أروع الأمثلة في احترام تنفيذ الأحكام القضائية عندما حضر أحد وزرائها اجتماع مجلس القضاء، ووعد بتنفيذ الحكومة الأحكام الصادرة للقضاة، ثم «لحست» الحكومة كلامها، وقالت إنها لم تعد حتى تفي بوعدها، ثم رفعت لواء الخصومة مع القضاة علنياً بالطعن على تلك الأحكام برد القضاة تارة والطعن ببطلان أحكامهم تارة أخرى، إلا أنها فشلت في مسعاها، ثم أعلنت على لسان وزيرها أنها ستنفذ الأحكام في مشروع قانون يعنى بحقوق رجال القضاء، ويمنحهم الاستقلال المالي والإداري بتكتم شديد للمضمون الحقيقي لذلك المشروع، وما هي إلا أيام حتى كشف المشروع المقدم منها عدم صحة ما كانت تسوقه لنا وللقضاة، بل فضح المشروع سعيها إلى جعل القضاء إدارة تابعة لها، وما إن انكشف أمرها حتى سارعت إلى الإعلان عن تحقيق ما يرضي القضاة ورجاله بتعديل بعض النصوص الواردة في المشروع!

مخجل جداً أن نرى الحكومة، التي امتنعت عن تنفيذ الأحكام القضائية لمصلحة القضاة وأعضاء النيابة العامة الصادرة باسم الأمير، هي ذاتها التي تفتخر وتعتز بأحكام القضاء، وتسارع على تنفيذ ما يحلو لها من أحكام، ومع ذلك تردد مقولة «نحن في بلد يحكمه القانون والدستور»!