عندما نقدم برامج في تطوير الإدارة يكون تعليق معظم المشاركين: لماذا تعلموننا وتدربوننا على شيء لا يعرفه رؤساؤنا في العمل؟ الكل ينتظر أن تتطور الإدارة العليا ليتطوروا حتى لو أتتهم فرصة للتطوير على طبق من ذهب. فهل تتوقعون من بلد أن يتقدم وفيه مثل هذا الإحساس تجاه العمل؟  

Ad

 مشكلة الكويت الرئيسة بالإضافة إلى سوء الإدارة الحكومية أننا شعب غير جادّ، إذ نبدو وكأننا لا همّ لنا إلا الاسترخاء والسفر والأكل والشرب ولا شيء غير هذا، وللأسف هذا ينطبق على معظم الناس، فلا تجد جدية في المعارضة ولا في الموالاة ولا في الأداء العام أو الخاص.

 فلا تربية جادة في الطفولة ولا جدية في كل المراحل الدراسية، نبحث عن الدرجات بالغش أو بالمدرّس الخصوصي، ولا نفتح كتاباً إلا بالقوة، ولا نقدم امتحاناً إلا لنغش فيه، ونبحث عن أسهل الجامعات ونختار أسهل الموضوعات، ونتخرج دون أن ندري لماذا وكيف سنوظف تعليمنا، ونبحث عن واسطة للعمل في موقع حكومي قريب من البيت، ومع مجموعة من الربع للتغطية على الغياب، والمشاركة في الفطور قبل الدوام وأثناءه وبعده.

 لا يهم إن أعطينا عملا أم لا، وما نوع العمل، وهل نقدم شيئا مفيدا لأحد أم لا، ننتظر موعد المرتب لنسدد به قسط سيارة لم يحلم بها ابن أكبر مليونير؛ لمجرد أن نتباهى بها أمام الناس رغم قسطها الكبير، وما إن تمر سنة أو سنتان حتى نغيرها بسيارة أخرى وزيادة بالقرض مع تغيير التلفون وغيرها من دواعي "الفخفخة" والنفخة الكذابة.

لو سألت موظفا حكوميا: ماذا أنجزت اليوم لاستحى من الرد، وربما اختلق قصصا خيالية عن التعب والإرهاق، لكنه في الحقيقة لم يعمل أكثر من 10 دقائق في مهمة كان يمكن أن يؤديها فرّاش المكتب، وإن جاء طالب خدمة فإنه يريه الويل في طلب الأوراق وطلب عودته غداً وبعد غد، رغم أن لديه كل الوقت لإنهاء معاملته في عشر دقائق... ولماذا لا تحتج أو تعمل على تطوير وظيفتك والمشاركة في تفعيل الخدمة وتسهيلها؟ يقول وما لي أنا ووجع الدماغ؟ وما دام هذا ما يريدونه فلمَ أفتح على نفسي باباً قد يصعب إغلاقه؟ لكن هذا لا يردعه عن المطالبة بالعلاوة والترقية والمكافأة، ولمَ لا فالكل في الوضع نفسه وتصلهم الترقية بدون أن يطلبوا، فالنظام أيضاً غير جاد ولا يطلب الجد من أحد.

هذه للأسف حال معظم موظفي الدولة، وأنا أطلب من أي مسؤول أن يأخذ جولة في مواقع العمل غير التي تتعامل مع الوافدين في شؤون الهجرة أو العمل أو الطب، وسيجد هذا المسؤول جيشا من تنابلة السلطان قابلين بل قانعين أن هذا هو المطلوب منهم، وهذه هي الوظيفة التي عينوا فيها، ولو بقي معظم موظفي الحكومة في منازلهم لما تغير شيء في مستوى العمل.

عندما نقدم برامج في تطوير الإدارة يكون تعليق معظم المشاركين: لماذا تعلموننا وتدربوننا على شيء لا يعرفه رؤساؤنا في العمل؟ الكل ينتظر أن تتطور الإدارة العليا ليتطوروا حتى لو أتتهم فرصة للتطوير على طبق من ذهب. فهل تتوقعون من بلد أن يتقدم وفيه مثل هذا الإحساس تجاه العمل؟