حفلت ما تدعى الحرب على النقد بالكثير من أجواء القتال في الأيام الأخيرة، ويقف في أحد جانبي ساحة المعركة رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي ووزير الخزانة الأميركي السابق لورانس سمرز، ويتشاركان الدعوة الى الغاء الأوراق النقدية الكبيرة الذي يقولان إنه سوف يحارب الجريمة.

Ad

وتضم شريحة معارضي هذه الخطة المشككين الذين يخشون أن يفضي ذلك الى الغاء النقد بصورة تامة، ولكن توجد طريقة للتوفيق بين المواقف المختلفة، بحيث يستطيع كل طرف ادعاء النصر في هذه المعركة.

ويريد سمرز تحقيق اتفاقية عالمية بين الدول «من أجل التوقف عن اصدار أوراق نقدية تزيد قيمتها على 50 دولاراً أو 100 دولار، على الأكثر، بينما ينظر دراغي في تحريم ورقة الـ 500 يورو «التي تعتبر بصورة متزايدة على شكل أداة للأنشطة غير القانونية «، وتكمن في خلفية هذه الصورة الحقيقة المزعجة في كون السياسة السلبية في معدلات الفائدة التي استخدمت من أجل تحفيز النمو في العديد من الدول قد قوضت من خلال العملة المادية، وبوسع السلطات فرض رسوم على حسابك المصرفي بغية تشجيعك على انفاق أموالك هناك، ولكنها لا تستطيع عمل ذلك بالنسبة الى المبالغ التي تحتفظ بها في منزلك.

معدلات فائدة تحت الصفر

يجسد المدون وعضو الكونغرس الأميركي السابق ديفيد ستوكمان، الذي شغل منصب مدير مكتب الادارة والميزانية في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان في الثمانينيات من القرن الماضي، يجسد اولئك الذين يشككون في حوافز الغاء الأوراق النقدية الكبيرة، وهو يقول «باختصار يوجد سبب وحيد وراء الحملة المفاجئة الرامية الى الغاء العملة الورقية الكبيرة، وهو ضرورة فرض سياسة معدلات الفائدة السلبية، بحجة أن ذلك سوف يمهد السبيل لمصادرة البنك المركزي لثروات ووفورات الملايين من الأميركيين عبر نظرية التدمير النهائي للانضباط المالي في وول ستريت». ولست في حاجة الى الكثير من الجهد كي تعرف أن ستوكمان كان على حق، ولكن السؤال هو لماذا الآن؟ لماذا شعر دراغي فجأة بالقلق ازاء ورقة الـ 500 اليورو التي كانت قيد التداول منذ سنة 2002؟ وقد كتبت صحيفة وول ستريت جورنال مقالة افتتاحية تعبر عن شكوك مماثلة في السابع عشر من هذا الشهر قالت فيها: «يخشى رجال السياسة وحكام المصارف المركزية من قيام حملة العملة الورقية بتقويض عالمهم النقدي في معدلات الفائدة السلبية، والسؤال هو: لماذا لا يقدم حكام المصارف المركزية في نهاية المطاف على حظر التبادل النقدي كما فعلوا بالنسبة الى الذهب والفضة؟».

ويتمثل الاقتراح المتواضع لحل هذا الاشكال في القيام بسحب كل الأوراق النقدية الكبيرة بعد فترة انذار من ستة أشهر على سبيل المثال، بحيث يتمكن المودع من سحب مدخراته. ويتعين أن تضمن القوانين الحالية المتعلقة بغسل الأموال عدم وصول المكاسب المشبوهة الى النظام المصرفي وتبديد أي مبالغ نقدية يملكها تجار المخدرات وأمثالهم.

ويعقب ذلك طرح الأوراق النقدية الكبيرة بتصاميم جديدة، مع الاشارة الى أن تلك العملية سوف تتكرر بصورة عشوائية في المستقبل، وبتلك الطريقة لن يتعرض من يحتفظ بكميات كبيرة من النقد لتقليص حريته المدنية، بينما يتم ردع الأشرار عن تكديس كميات كبيرة من الأموال التي قد تصبح عديمة القيمة في أي لحظة.

وسوف تنجح هذه الخطة فقط اذا تمكن الائتلاف الكبير الذي تصوره سمرز من تنسيق هذه الخطوة مع كل الدول.

وتقول سويسرا، على سبيل المثال، انها لا تفكر في الغاء ورقتها النقدية من فئة الـ 1000 فرنك والتي تساوي حوالي ألف دولار أو ما يقارب ضعف أعلى ورقة نقدية من اليورو، ولكن إذا حرص خصوم الأوراق النقدية الكبيرة على توخي النزاهة والأمانة ازاء حدود طموحاتهم فإن سحب تلك الأوراق واعادة اصدارها سوف يعاقب المجرمين من دون تبديد حرية المواطن العادي في اقامة مواقع آمنة لمدخراته.

Mark Gilbert