يقول وين داير من الحكم الراجحة: "إذا اتبعت القطيع فسينتهي بك الأمر إلى أن تطأ الروث"... يعيش كثير من الناس في هذه الحياة كالببغاء تردد الجيد والردئ، فلا يمكنها التمييز بين الصواب والخطأ، فيعيشون كالإمعة أينما يُوجَّهوا يتوجهوا.
والأمثلة الدارجة تعكس ذلك مثل "مع الخيل يا شقرة" و"حشر مع الناس عيد" و"وروو وروو بياو. بيا" وأشباهها، فدعونا نستعرض أكثر ما أقصد، فأحياناً يكون مجرد الإنباء بحضور شخصية وزارية أو ضيف كبير إلى مدرسة ما مؤذناً بتزيينها بطريقة لافتة، بحيث لا تبقى نافذة لا تنظف، ولا تبقى وسيلة لا تعلق، كما يُطلَب من المعلمات أن يقمن بتجهيزات تعجز ظهورهن وجيوبهن عنها، من كرم ضيافة واستقبال وتلميع كل شيء وإبراز كل طاقة الطلبة للتحية، وعلى الجميع أن يصطفوا لاستقباله، وإذا سألت إحداهن لمَ تفعلي ذلك؟ فإما أن تقول: الإدارة تريد ذلك أو تقول لأجل التقرير، أو أن تقول ضيف واجب استقباله، أو "نتفرج".الأدهى أن ذلك الاستقبال يضيع دواماً كاملاً من الحصص والهدف الأساسي من الزيارة، فنرى أن كل من شارك مغيبٌ عقله ومنساق خلف أمور ليست مهمة، مجرد أوامر أعطيت له فأطاعها بلا تفكير تحت مظلة أنه عمل جماعي ويدخل ضمن التقرير التقديري. وبغض النظر عن تلك الشخصية، فواجب المعلمة الأساسي هو التعليم وتهيئة الفصل لتوفير بيئة تعليمية مريحة، فكل تلك البهرجة لا تضفي شيئاً سوى زيادة الأعباء على كاهل المعلمة... وقس على مثل ذلك كل وزارات الدولة، مما يعوق أعمال المراجعين بحجة استقبال تلك الشخصية التي لا تريد من ذلك إلا نفخ "الأنا" بداخلها، فلو كانت تِلْك الشخصية جادة لمنعت البهرجة ودخلت بكل تواضع لتتأكد من سير الوزارة والإنجازات المحققة، فهذا سيدنا عمر، رضي الله عنه، عند فتح القدس دخل من غير نعال وخادمه راكب الدابة، فعندما وصل الكل اعتقد أن من كان على الدابة هو عمر، فليت المسؤولين كانوا بهذا التواضع إذن لصلح حال الوزارات.نعود إلى موضوعنا "التقليد" فنجد أنه حتى في المظاهر والهيئة الخارجية من قصات غريبة أو من يتباهى بلبس بنطلون الجينز الممزق، فأي موضة تلك التي تجعلنا نرتدي ملابس كهذه دون تحكيم العقل؟ تراودني أحيان رغبة التصدق على أمثال هؤلاء لشراء هندام مناسب! وأخيراً ولّدَت لنا برامج التواصل الاجتماعي أناساً بغاية التفاهة ومتابعوهم كغثاء السيل،، حتى وصل الحال إلى بث تلك السموم بالتحدث فيما لا يفقهون، بينما متابعوهم كالإمعة يتناقلون أقوالهم كالببغاء، وهو ما يذكرني بقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم "حتَّى لو دخلوا جُحرَ ضبٍّ لدخلتموهُ".وحتى تقتل ذلك المقلد بداخلك الذي لا قيم ولا مبادئ له عليك بترك كل من يستخف بعقلك ويدعي معرفة كل شيء، قم وابحث عن المعلومة، ولا تتناقلها بوسائل التواصل الاجتماعي إلا بعد التأكد منها.وبالنسبة لمن يعمل في الوزارات وتشمئز نفسه من البهرجة الزائفة، استمع إلى صوتك الداخلي ماذا يخبرك؟ نعم تريد أن تشارك من أجل التقرير، لكن لا تنقَدْ للقطيع بكل أنشطته، هناك أنشطة فعلاً تستحق المشاركة، وهي من صميم عملك فهذه شارك فيها، وإلا فاستمع إلى حدسك بما يخبرك في تحاشي الأنشطة التي تنقاد فيه كالقطيع فتتخبط في الفضلات... و تذكر قول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا".
مقالات
اقتل المقلد الذي بداخلك
20-02-2016