«رجل الشرطة» في السينما... بعدسة الواقع

نشر في 29-02-2016 | 00:00
آخر تحديث 29-02-2016 | 00:00
من «متقولش أمين شرطة اسم الله»، حتى «مفيش حاتم بيتحاكم» تتغير نظرة السينما في تناولها علاقة رجل الشرطة بالمُواطن المصري، من الثناء عليه إلى حد «التدليل»، كما غنت له السندريلا في فيلمها «خلي بالك من زوزو»، إلى تجسيد ما آل إليه الواقع، كما رصده العبقري المخرج يوسف شاهين في فيلمه «هي فوضى»، وأبرز أدوار خالد صلاح في شخصية «حاتم» وجملته الأشهر «اللي مالوش خير في حاتم مالوش خير في مصر»، بين هذا وذاك تنوعت العلاقة سواء في الواقع أو على شاشة السينما.

في فيلم «حياة أو موت» (1955) للمُخرج كمال الشيخ،   ساد الاحترام المُتبادل والحرص على الصالح العام العلاقة بين المواطن والشرطة، عندما بحث حكمدار العاصمة بنفسه عن مواطن أرسل له الصيدلي دواء خاطئاً، من باب الحرص على سلامته في العبارة الشهيرة «لا تشرب الدواء.. الدواء فيه سم قاتل».

في تلك الحقبة أيضا،  برز الضابط الرومانسي كما في «أربع بنات وضابط»، أحد الأفلام البارزة في النصف الأول من القرن العشرين، بطولة: نعيمة عاكف وأمينة رزق وأنور وجدي  الذي أدى دور ضابط صالح وسيم، تقع في حبه فتيات الإصلاحية اللواتي يتعاملن معه،  ويبدي الكثير من البطولة والشجاعة والتعاطف معهن، عندما  ينقذهن من قسوة مديرة الإصلاحية الشريرة.

كذلك قُدمت في تلك الفترة نماذج كوميدية لرجل الشرطة أو سذاجة البعض، كما رصدها إسماعيل ياسين في فيلمه «إسماعيل ياسين في البوليس».

 صورة مغايرة

لأن السينما محاولة فنية لإعادة صياغة الواقع بعد قراءته وفهمه، لتقديمه في صورة أكثر منطقية،  رصد صناع السينما المصرية دور بعض رجال الشرطة بصورة مغايرة،  تمثلت في تعذيب  المواطنين داخل المعتقلات، تحديداً في «الكرنك» (1975 )، تأليف نجيب محفوظ وإخراج علي بدرخان، الذي ناقش تعذيب السجناء في عصر جمال عبد الناصر.

استمراراً لتلك الحقبة الزمنية،  صوّر «إحنا بتوع الأتوبيس» (1979) للمخرج حسين كمال، التعذيب في السجون واعتقال المواطنين من دون سند قانوني، وتلفيق التهم والتعذيب للاعتراف بالجرائم. الفيلم من بطولة: عادل إمام، عبدالمنعم مدبولي، عقيلة راتب وسعيد عبدالغني.

 بدوره  عكس «زوجة رجل مهم» (1987)، بطولة أحمد زكي وميرفت أمين، تجاوزات الشرطة في حقبة السبعينيات وما تلاها، ومدى سطوة جهاز أمن الدولة، والقبض على المئات عقب تظاهرات 18 و19 يناير 1977، وإجبارهم على اعترافات وهمية، ما يشير إلى حجم سلطته  واعتقاده بأنه يحكم البلاد، وللموازنة  صور الفيلم  إقالة النظام الفاسدين  لتحسين الصورة، بعد الكشف عن تعذيب الناس وإجبارهم على الاعتراف.

«هي فوضى» (2007 ) للمخرجين يوسف شاهين وخالد يوسف، الفيلم الأشهر  الذي يتناول علاقة رجال الشرطة والمواطنين، إذ قدم نموذجاً واقعياً لجبروت السلطة وبلوغها أقصى درجات القهر والطغيان، من خلال  حاتم (خالد صالح)، أمين الشرطة الذي يفرض سيطرته على أهل المنطقة التي يسكنها، ويحصّل إتاوات من الأهالي،  ويعّذبهم داخل السجن، ويمارس انتهاكات بحقهم، وفي النهاية تقوم ثورة على الشرطة، وينجح الأهالي في الانتقام من أمين الشرطة الفاسد.

اختلاف وتنوع

يقول الناقد طارق الشناوي إن شخصية رجل الأمن ، على غرار  الشخصيات السينمائية،  يختلف تصويرها في السينما على مر العصور، وتكون مرآة تعكس الواقع والتغيير الاجتماعي والسياسي.

 يضيف: «ترصد السينما تلك الشخصية منذ أيام الملك، لذلك من الطبيعي أن تنقل جوانب من حياة رجال الأمن  وشخصياتهم المُتغيرة بين الطيبة والشر...  ذلك أن التنويع مطلوب في السينما وتقديم الشخصيات وفقاً للواقع».

 يتابع أن السينما تواكب التغير المقصود في صورة رجل الشرطة عند المواطنين والمجتمع، ولم تعد صورته كما كانت في الماضي.

بدورها،  تعزو  الناقدة ماجدة خير الله التغييرات التي طرأت على شخصية رجل الشرطة في السينما  إلى التوجه السياسي والحياة السياسية في البلاد، بمعنى شخصية الضابط في فيلم «أربع بنات وضابط» تختلف عن فيلم  «إحنا بتوع الأتوبيس» و«هي فوضى»، أما السبب الثاني فهو الرغبة في التغيير والخروج بالشخصية من إطار النمطية حتى لا يصاب المُشاهد  بالممل من جراء تكرار سمات الشخصية نفسها.

back to top