هددت فصائل سورية معارضة بمواجهة "النظام الفدرالي" الذي أقامه الأكراد في مناطق سيطرتهم شمال سورية بالقوة العسكرية، بينما سادت أجواء من التفاؤل في جنيف، بشأن إمكان وضع تصور مشترك للحل بين النظام والمعارضة.  

Ad

أعلن عشرات من الفصائل المقاتلة والإسلامية في سورية، أمس، رفضها القاطع للنظام الفدرالي الذي أعلنه الأكراد أمس الأول في مناطق سيطرتهم شمال سورية، محذرين من أنها خطوة تهدف الى "تقسيم" البلاد، مهددين بمواجهتها بكل الوسائل، بما في ذلك العمل العسكري.

وقال بيان وقعه 70 فصيلا مقاتلا من بينها "جيش الإسلام": "سنقاوم هذه الخطوة بكل ما أوتينا من قوة وبكل الوسائل السياسية والعسكرية".

وشددت الفصائل على "وحدة سورية أرضا وشعبا، ورفض أي مشروع للتقسيم أو مشروع قد يمهد له على المدى القريب او البعيد، وتحت أي مسمى كان"، مضيفة أن هذا "خط أحمر".

واعتبرت الفصائل المقاتلة في بيانها أن "تنظيمات عدة استغلت ثورة الشعب السوري وتضحياته، وسيطرت على أجزاء من أرض سورية لتأسيس كياناتها العرقية او القومية او الطائفية". وأشارت الى أن "أول هذه المشاريع كان مشروع تنظيم داعش الإرهابي وآخره مشروع الفدرالية في شمال سورية".

وأعلنت أحزاب سورية كردية، أمس الأول، النظام الفدرالي في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سورية، في خطوة تراها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وسارعت دمشق والمعارضة الى الرفض بقوة.

والمناطق المعنية بالإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاثة، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، إضافة الى تلك التي سيطرت عليها "قوات سورية الديمقراطية" (تحالف من فصائل كردية وعربية مقاتلة على رأسها وحدات حماية الشعب الكردية) أخيرا، خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب (شمال).

ويشكل الأكراد أكثر من 10 في المئة من سكان سورية. وقد عانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع، إذ إن فئة كبيرة منهم محرومة من الجنسية السورية، ولم تكن لغتهم مدرجة في البرامج الرسمية، وكان يمنع عليهم إحياء تقاليدهم مثل احتفالات عيد النوروز.

الى ذلك، تظاهر المئات إحياء للذكرى الخامسة لـ"الثورة" في مدن سورية خاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة في محافظات عدة من بينها حلب وإدلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) وحمص (وسط). وفي الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب، رفع ناشطون شعار "فلتسقط الفدرالية"، كما رفع ناشطون شعارات ضد "جبهة النصرة" ذراع "القاعدة" في سورية.

«جنيف 3»

سياسيا، التقى الموفد الدولي الخاص الى سورية ستيفان ديميستورا، أمس، ممثلين عن طرفي النزاع في جنيف في محاولة للتوصل الى نقاط مشتركة حول مرحلة الانتقال السياسي التي دخل البحث في صلبها مع المعارضة.

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف ردا على سؤال حول استقبال ديميستورا للوفدين في يوم واحد "أعتقد بإمكانكم اعتبار ذلك تطورا ايجابيا".

ومنذ انطلاق مفاوضات جنيف الاثنين الماضي في محاولة لوضع حد للنزاع السوري الذي تسبب بمقتل أكثر من 270 الف شخص خلال خمس سنوات، كان ديميستورا يستقبل الوفد الحكومي أولا ويليه في اليوم الثاني الوفد المعارض.

والتقى ديميستورا أمس الأول وفد الهيئة العليا للمفاوضات، وقال للصحافيين انها قدمت "ورقة جوهرية حول الانتقال السياسي سندرسها بعناية، ونحن معجبون بتحضيرهم العميق، وآمل أن أحصل على قدر مماثل من الوضوح من الوفد الحكومي"، مضيفا أنه يجب بدء البحث في "الانتقال السياسي" ومعرفة موقف الحكومة من "انتقال سياسي ممكن". وقدم الوفد الحكومي إلى جنيف الاثنين الماضي ورقة الى ديميستورا قال كبير مفاوضيه بشار الجعفري إنها تتضمن "أفكارا وآراء بعنوان عناصر أساسية للحل السياسي" في سورية.

ورأى الجعفري أن جولة المحادثات، أمس، مع المبعوث الأممي كانت "مفيدة وركزت على المبادئ الأساسية للانتقال السياسي في سورية". وفي مؤتمر صحافي مقتضب أوضح الجعفري أن "إقرار المبادئ سيفتح المجال على حوار جدي بين السوريين وبقيادة سورية ومن دون تدخل خارجي ومن دون طرح أي شروط".

ورقة المعارضة

في غضون ذلك، نشرت وسائل إعلام سعودية وثيقة المعارضة السورية حول تصورها للحل في سورية، والتي سلمت إلى المبعوث الدولي ديميستورا، وأبرز ما تضمنته الورقة هو تحديدها بنية هيئة الحكم الانتقالي ومهامها والأجهزة الملحقة بها، وهي: المجلس العسكري الانتقالي ومجلس القضاء الأعلى الانتقالي، والحكومة الانتقالية وهيئة المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.

وتلحظ الوثيقة أيضا الحفاظ على مؤسسات الدولة، مع إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وتطالب بإعادة العاملين في الدولة إلى وظائفهم، بعد أن فُصلوا أو أجبروا على تركها، وإعادتهم إلى مراكز أعمالهم الأصلية مع التعويض لهم.

وتدعو الوثيقة إلى وضع دستور وطني وإنشاء الجمعية الدستورية التأسيسية، ووضع قانون انتخابي جديد.

وتشدد على أن الناخبين هم فقط "حَمَلة الجنسية السورية"، بصرف النظر عن وجودهم الجغرافي، على أن يصار إلى استبعاد الناخبين الذين تم تجنيسهم بعد فبراير 2011. وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر قرارا بتجنيس الأكراد في أبريل 2011.

وفي بنود أخرى تشدد الوثيقة على وحدة الأراضي السورية ومدنية الدولة وسيادتها على أساس مبدأ اللامركزية الإدارية، وعلى وضع إجراءات لعودة اللاجئين.

تدمر

الى ذلك، قالت وزارة الدفاع الروسية أمس إن الظروف مهيأة لإلحاق هزيمة كاملة بقوات تنظيم "داعش" في مدينة تدمر السورية، مضيفة أن القوات الجوية الروسية تواصل ضرباتها الجوية ضد أهداف التنظيم في سورية بمعدل ما بين 20 و25 طلعة جوية يوميا، بينما تواصل سحب معظم قوتها العسكرية "وفقا للجدول".

وقتل 16 مدنيا، بينهم 8 أطفال، أمس، في قصف جوي استهدف مدينة الرقة السورية معقل "داعش".

«داعش» يعلن قتل 5 جنود روس

تبنى تنظيم داعش، في بيان، مقتل خمسة جنود روس خلال معارك قرب مدينة تدمر الأثرية في محافظة حمص وسط سورية.

وأفاد موقع «أعماق» الإخباري، المرتبط بالتنظيم الإرهابي أمس الأول، بأن من بين القتلى الروس مستشار عسكري. وبدأ الجيش السوري الموالي للنظام معركة استعادة تدمر الاسبوع الماضي، حيث أحرز تقدما ملحوظا بغطاء جوي روسي. وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان بدوره وجود عسكريين روس بالقرب من تدمر، الا انه لم يتمكن من تحديد ما اذا كان قتل احد منهم خلال الأيام الماضية.

وخلال مؤتمر صحافي، وردا على سؤال حول مقتل العسكريين، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن «التقدم في تدمر تحققه قوات من الجيش السوري».

الجولاني «يبارك» بذكرى «الثورة»

أصدر أبومحمد الجولاني أمير "جبهة النصرة"، فرع تنظيم "القاعدة" في سورية، بياناً "يبارك" فيه للسوريين بذكرى مرور 5 أعوام على انطلاق "الثورة"، وذلك بعد أيام فقط من تنكيل "الجبهة" بـ "الفرقة 13" التابعة لـ"الجيش الحر"، واعتداء عناصرها على المتظاهرين ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد وترهيبهم وفض تظاهراتهم بالتلويح بالقوة.

وفي كلمته المكتوبة التي نشرتها شبكة "المنارة البيضاء" التابعة لـ"القاعدة" أمس، أثنى الجولاني على "صمود الشعب السوري"، قائلاً:"علمتم الدنيا كيف تسترد الحقوق وتنصر المبادئ، أعجزتم العالم عن ثنيكم عن مرادكم، قلتم فأفصحتم، وعملتم فأبدعتم".