يبدأ القضاء التركي الجمعة محاكمة منتظرة جداً لصحافيين باتا رمزاً للضغوط المتزايدة التي تمارس علىى وسائل الإعلام والخصوم من قبل الرئيس رجب طيب اردوغان في بلد يستهدف بموجة غير مسبوقة من الاعتداءات.
ويمثل رئيس تحرير صحيفة جمهورييت جان دوندار ومدير مكتب الصحيفة في أنقرة أردم غول، المعارضان الشرسان للحكومة التركية منذ وقت طويل، الجمعة أمام المحكمة الجنائية باسطنبول بتهم خطرة كلفتهما حتى الآن الحجز الاحتياطي لثلاثة أشهر.والرجلان اللذان أفرجت عنهما المحكمة الدستورية الأمر الذي أثار جدلاً، متهمان بالتجسس وكشف أسرار الدولة والسعي إلى قلب نظام الحكم، وهو ما يعرضهما لعقوبة السجن المؤبد.والسبب نشرهما مقالاً مدعوماً بصور وشريط فيديو التقط على الحدود السورية في يناير 2014 يظهر اعتراض قوات الأمن التركية لشاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين إسلاميين في سورية.وكانت المعلومات معروفة لكن المقال أثار غضب اردوغان الذي نفى باستمرار دعمه لحركات إسلامية سورية متطرفة.وجعل اردوغان من الأمر قضيته الشخصية وأقام دعوى على دوندار، وتوعد بلهجة غاضبة قائلاً «أن من نشر هذه المعلومة سيدفع ثمناً غالياً، لن أدعه يفلت» من العقاب.وأثار احتجاز الصحافيين في نوفمبر 2015 انتقادات واسعة خصوصاً في الخارج حيث اعتبرت مثالاً جديداً للنزعة التسلطية لنظام متهم بالسعي لاخماد أي صوت ينتقده.وأكد الجدل الذي أعقب الإفراج عن الصحافيين الشهر الماضي، حساسية هذه القضية.وحال إعلانها قرار الإفراج تعرضت المحكمة الدستورية إحدى المؤسسات التركية القليلة التي لا تزال خارج هيمنة حزب الرئيس بعد 14 عاماً من توليه الحكم، لهجوم من اردوغان مهدداً بحلها.وقال أردوغان حينذاك في خطاب نقلته القنوات التلفزيونية «آمل ألا تعيد المحكمة الدستورية الكرة بطريقة من شأنها أن تضع مسألة وجودها وشرعيتها على المحك».دفاعوفي هذا المناخ أعلن جان دوندار (54 عاماً) استراتيجيته وهي جعل محاكمته تتحول إلى محاكمة للسياسة الخارجية للحكومة.وأعلن في بداية مارس «لن ندافع عن أنفسنا بل سنحاكم جرائم الدولة»، وأضاف أن «انغماس تركيا في الحرب الأهلية السورية أثار حرباً أهلية أخرى في تركيا هذه المرة».ويخدم التطور الحالي للأحداث طرحه، فقد قتل «انتحاري» على علاقة بتنظيم داعش، بحسب السلطات، السبت اربعة سياح أجانب حين فجر نفسه في قلب اسطنبول، وبعد أن بقيت لفترة طويلة متهمة بالتساهل مع هذا التنظيم الإسلامي المتطرف، لم تتحرك أنقرة إلا في الآونة الأخيرة معززة عملياتها ضده.كما ترغب المعارضة التركية والمنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان استغلال المحاكمة للتنديد بتعدي الدولة على حرية التعبير.وقال ايرول اونديروغلو ممثل منظمة مراسلون بلا حدود أن «تركيا تمر بإحدى أحلك فتراتها بالنسبة لحرية التعبير».وتأتي تركيا في المرتبة 149 من 180 دولة في التصنيف العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، وشن النظام التركي هجوماً غير مسبوق على وسائل الإعلام تحت غطاء التصدي «للدعاية الإرهابية»، والتحقت مجموعة «زمان» القريبة من عدو اردوغان الأول الداعية فتح الله غولن، الشهر الماضي بلائحة ضحاياه.وأوضح رئيس القسم الخارجي لصحيفة زمان مصطفى اديب يلمظ «هذا ليس قراراً معزولاً وما حصل لصحيفتي ليس إلا الحلقة الأخيرة لهذا التوجه، وأخشى أن تستمر الحكومة في هذا الاتجاه».وعشية المحاكمة كتب مئة من مشاهير الكتاب بينهم حائز نوبل للسلام ماريو فارجاس ايلوزا (البيرو) رسالة إلى اردوغان «لاسقاط التهم» الموجهة إلى الصحافيين ومن أجل «تغيير القوانين التي تضيق بلا موجب على حرية التعبير».ووسط موجة الاعتداءات لا يتوقع أن تجد هذه الدعوة صدى.بل أن رئيس الحكومة احمد داود اوغلو ندد الثلاثاء بـ «تحالف الشر» الذي شكله جامعيون وسياسيون وبعض وسائل الإعلام الذين «يدعمون الهجمات على تركيا».
آخر الأخبار
تركيا.. بدء محاكمة صحافيين بثوا فيديو يظهر قيام شاحنات تابعة للاستخبارات بنقل أسلحة إلى سورية
24-03-2016