فيلم The Witch عمل كلاسيكي معاصر. حصلت عملية إنتاجه في فترة مدهشة وبميزانية صغيرة (3.5 ملايين دولار). ومثلما وعدتنا الحملة التسويقية لفيلم Superman القديم خلال السبعينيات بأن نقتنع بقدرة الإنسان على الطيران، سيجعلنا The Witch نصدّق أن الساحرات موجودات بيننا أو أنهن نتيجة طبيعية وحتمية للإنسان المتزمت في بداية القرن السابع عشر.

Ad

يأتي مخرج الفيلم من بروكلين ويبلغ 32 عاماً. يقول ضاحكاً إنه تزوج من طبيبة نفسية "أفادته كثيراً" في مجاله وقد أراد سرد قصة بسيطة جداً في The Witch. لأسباب غامضة، يُطرَد مزارع (رالف إينيسون) وزوجته (كيت ديكي) وأولادهما الخمسة (تؤدي أنيا تايلور جوي دور الابنة الكبرى) من مجتمعهم. فيبدأون حياة جديدة وقاسية على طرف غابة هادئة ظاهرياً وبعيدة عن الناس مع عنزتهم "بلاك فيليب"، ويصممون على نسيان كل ما تركوه في حيّهم وفي إنكلترا سابقاً.

لكنهم يكتشفون حياة مخيفة جداً على طرف الغابة. مثل أي قصة مرعبة وجاذبة، يدرك فيلم The Witch أن الرعب الحقيقي يشتق من داخل الناس. يركز إيغرز على أفراد العائلة الذين يمرون بأزمة صعبة ويتورطون في عالم الخطايا والشرور. منذ عرض الفيلم في مهرجان "صندانس"، قورن بأفلام مثل The Shining (الساطع) و The Crucible (اختبار قاسٍ)، لكن نجح إيغرز الذي بدأ الإخراج بعد العمل في الإنتاج المسرحي والسينمائي وتصميم الملابس في نقل جزء من الصور والأجواء التي عاشها في طفولته في نيو إنغلاند.

يقول إيغرز: "كنت أرتدي أزياء غريبة حين أذهب إلى المدرسة إلى أن تعرّضتُ للضرب لهذا السبب". لطالما كان يحب المسرح والتحولات. كان يزور مدينة سالم في ماساتشوستس بشكل متكرر منذ مرحلة مبكرة: "لطالما راودتني كوابيس عن الساحرات، حتى بعد بلوغي سن الرشد. حين تنشأ في بلدة صغيرة من نيو إنغلاند، لا مفر من أن يصبح ماضي هذه المنطقة جزءاً من وعيك".

يضيف إيغرز: "نسمع في المدرسة عن محاكمات الساحرات في منطقة سالم بطريقة مبهمة وغامضة. يُقال إن الأشخاص المتطيرين والبسطاء كانوا يتهمون النساء بفعلٍ غامض ومزيف بكل وضوح". لكن كان العالم الخارق للطبيعة والواقع متقاربَين جداً في تلك الفترة. يوضح إيغرز: "كي يقتنع المشاهدون بواقعية ذلك الزمان والمكان، اضطررنا إلى الغوص في هذه العقلية واستيعاب القيم الدينية السائدة والتعرف إلى طريقة كلام الناس وجميع الخصوصيات الجسدية".

عمل شاق

صنع إيغرز فيلم The Witch في شمال أونتاريو (بفضل الإعفاءات الضريبية في كندا، تراجعت التكاليف إلى النصف). كان يجب تقطيع ألواح خشب السنديان يدوياً لبناء منزل المزرعة. لكن لم يجد فريق العمل الأشجار التي كان يبحث عنها، لذا استعان بخبير في ماساتشوستس لشرائها ونقلها إلى موقع التصوير، فكان متخصصاً بالسقوف ويعرف الأنواع التي كانت شائعة في عام 1630 وقد سافر شمالاً من فرجينيا وبرع في عمله في موقع التصوير. لا يمكن أن نلاحظ أي جانب مميز في طريقة تصميم فيلم The Witch وتنفيذه لأن جميع العوامل تتعاون بسلاسة لتقديم صورة متماسكة.

كانت السنوات التي سبقت التصوير طويلة وصعبة، فقد احتاج فريق العمل إلى أربع سنوات من الأبحاث والكتابة والبحث عن التمويل: "في إحدى السنوات، كان الجمود سيد الموقف. وجدنا سريعاً أشخاصاً مهتمين بالمشاركة في العمل، لكن ليس بمستوى طموحاتنا. مع ذلك، كنا نعلم ما نبحث عنه لإنتاج عمل ناجح". شجّعه مخرج يتمتع بخبرة أوسع منه (رفض إيغرز الكشف عن اسمه) على قبول الميزانية الصغيرة وتصوير المشاهد في فناء منزل معين ونصحه بألا يقلق بشأن اختيار ممثلين بريطانيين أو تخصيص وقت طويل لخياطة الأزياء يدوياً. لكن ذهبت هذه النصائح أدراج الرياح.

تصوير أنيق

بالنسبة إلى أول تجربة لمخرج العمل، تبدو طريقة تصوير The Witch أنيقة ومتطورة على نحو استثنائي. ومثل عناصر تصميم الإنتاج، لا يمكن أن نلاحظ هذه المزايا إلى أن تتراكم مختلف العوامل وتنتج صورة جميلة. يعترف إيغرز بأنه يعتبر إنغمار بيرغمان قدوة له. كما أنه يتأثر بشخصيات لامعة أخرى مثل ستانلي كوبريك وفريدريتش مورناو.

يضيف إيغرز: "في أعمال بيرغمان، نغوص في القصة قبل أن ندرك أن أحد المشاهد صُوّر في لقطة وأن الأحداث تتنقل بسلاسة من تجربة ذاتية إلى أخرى. من الواضح أنني لم أصل إلى هذا المستوى من البراعة بعد. أشعر بالإحراج لأنني أستعرض طبعاً مهاراتي التقنية في بعض جوانب الفيلم. لكني أخوض تجربة الإخراج للمرة الأولى. يبدو كلام مورناو في نظريته السينمائية عن طريقة تحريك الكاميرا والطابع العاطفي الذي تحمله تركيبة المشاهد منطقياً جداً".

قال إيغرز قبل إنهاء المحادثة إن "الساحرات نجحن في رسم معالم ثقافتنا وتغييرها منذ بداية الحقبة المعاصرة. كانت الساحرة في تلك الفترة من تاريخنا تجسد مخاوف الرجل وتناقضاته وأوهامه بشأن المرأة والقوة النسائية. وفي هذا المجتمع الذكوري، تعكس الساحرة أيضاً مخاوف المرأة والرغبات والأوهام الخاصة بها". نتيجةً لذلك، يرتفع مستوى الترقب لهذه السنة السينمائية الجديدة.