نُشرت منذ أيام إحصائية رسمية أوضحت أن عدد من راجع قسم الطوارئ في مستشفى مبارك الكبير ناهز نصف مليون، كان من بينهم 160 ألف مواطن فقط، بينما بقية المراجعين من المقيمين والزائرين للبلاد، وبلاشك فإن هذه الاحصائية تبين مدى الضغط الذي تتعرض له المرافق الصحية بامكاناتها المحدودة، بسبب توقف المشاريع الصحية الجديدة لسنوات طويلة.

Ad

في الواقع، تلك المرحلة من تجميد المشاريع الصحية تجاوزناها، وحالياً توجد فورة مشاريع صحية ضخمة شارف بعضها على الانتهاء، والبعض الآخر في مراحل التشييد، منها مستشفى جابر الأحمد والأميري الجديد والجهراء ومركز الكويت للسرطان والرازي والصباح الجديد... إلخ، تلك المستشفيات ستوفر أكثر من 12 ألف سرير جديد وعيادات أسنان وعيادات ومراكز تخصصية مختلفة.

هذه الآلاف من الأسرة الطبية والمباني الضخمة التي ستحتويها ستحتاج إلى جيش جرار من الأطباء والهيئة الطبية من ممرضين وفنيين، وكذلك معدات طبية وتجهيزات المباني وصيانتها، والأدوية... وخلافه، هذه الاحتياجات الضخمة ستحتاج إلى موارد مالية هائلة، وربما إلى تضاعف ميزانية وزارة الصحة عدة مرات البالغة حالياً، لن تستطيع الدولة أن توفرها إلى ما لا نهاية، وربما سيؤدي إلى انهيار النظام الصحي بالكويت خلال سنوات قليلة إذا لم تجد الدولة وسائل أخرى لتمويله.

النظام الحكومي الصحي بالكويت يستغله المواطنون بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة، بينما يستخدم الوافدون والزائرون بقية قدرات النظام، وهي نسبة غير موجودة في أي مكان بالعالم، إذا استثنينا بعض الدول الخليجية، وهو أمر استنزف خدماتنا الصحية في العقود الثلاثة الماضية، وأوصلها إلى الوضع السلبي الذي نعيشه الآن، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن المرافق الجديدة التي تبنيها الدولة ستستهلك في فترة وجيزة، ونعود على نفس الوضع الحالي خلال سنوات قليلة.

لذا فإن نظاماً صحياً لغير المواطنين يجب أن يصاغ قريباً جداً، ليتحمل الوافد كلفة خدماته الصحية كاملة وليس بشكل رمزي بالتضامن مع القطاع الخاص الذي يجلب غالبية الوافدين للعمل في البلد، فلم يعد مقبولاً أن تكلف زيارة المقيم للعيادة الطبية دينارين (7 دولارات، 6 يورو) تشمل الدواء وكل الفحوصات المختبرية، خاصة إذا علمنا أن في أي بلد بمستوى معيشة الكويت الدخول على طبيب أسنان بكلفة ستة دولارات لغير مواطني البلد هي معجزة إن لم يكن يسدد ضريبة دخل للدولة أو يملك تأميناً صحياً، لذا فإن الغالبية العظمى من السفارات الأوروبية لا تمنح تأشيرة دخول لدولها دون حصول طالب التأشيرة مسبقاً على تأمين صحي ساري المفعول.

لذلك فإن مسارعة مجلس الوزراء بتكليف وزارة الصحة بوضع رسوم جديدة على الوافدين في العيادات الطبية الحكومية لا يقل عن خمسة دنانير للطب العام وعشرة دنانير للأسنان، حتى تتم صياغة نظام صحي جديد لغير الكويتيين أصبح ضرورة يجب أن ينخرط فيها بالاقتراح والتشريع مجلس الأمة قبل أن ينهار النظام الصحي الحكومي الكويتي، بسبب الضغوط الهائلة عليه، خاصة في ظل غياب نظام ضريبي على دخل غير الكويتيين أو حتى رسوم على تحويلاتهم للأموال إلى خارج البلاد، يمكنه أن يدعم الخزينة العامة للدولة التي تقدم لهم فرص عمل وخدمات مختلفة.