هل يمكن اعتبار "حزب الله" حزباً إرهابياً كالتنظيمات الأخرى المعروفة أمنياً وإعلاميا؟
إنه بلا شك، في حدود ما نرى ونلمس، يختلف عن تنظيم "القاعدة" وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من جوانب عدة؛ مثلا من زاوية عدم تهديده الأمن العربي والدولي بالدرجة نفسها، وعدم تبنيه علناً سياسات وحشية متكررة، وتفجيرات كل يوم وكل ساعة، من إندونيسيا إلى المغرب مثلهما، ويختلف عنهما من ناحية الطبيعة المذهبية والارتباط العلني بسورية وإيران حربا وسلماً، والأرجح أن هذين التنظيمين "القاعدة" و"داعش" بلغا بما ارتكباه من تفجير وقتل مستوى من الإرهاب يصعب على أي جماعة أن تنافسهما فيه!الكثير من القانونيين يشيرون إلى عدم وجود مفهوم مانع جامع لماهية الإرهاب، تعريفاً وممارسة، والبعض للأسف يبرر له بحجة المقاومة الوطنية وإرهاب الأعداء، ولكن عدم وجود القانون المفصل للإرهاب والتعريف الدقيق لا يعني عدم وجود الإرهاب، أو براءة أحزاب وتنظيمات وميليشيات الشيعة والسنّة منه في دول عديدة، كما أن أي حزب أو تنظيم يلجأ للسرية وغموض الوضع المالي، فلا نعرف كم يصرف وكيف يأخذ وفيم يصرف، إلى جانب الاعتماد على العسكرة والعنف لتحقيق أهدافه، وعدم الخضوع للأنظمة القانونية المحلية والدولية، كما هو الأمر مع "حزب الله" في لبنان خاصة، هو في الواقع مشروع تنظيم إرهابي مهما قال هذا الحزب في وصف نفسه!ويحاول الكثيرون مقارنة التدخل الإيراني في لبنان، بالدعم السعودي لحكومتها والدعم العربي للبنان عموماً، والواقع أن هذا الدعم لم تكن له صفة طائفية مماثلة للدعم الإيراني الذي يدعو دستوره وحرسه الثوري وإعلامه إلى تدخل طائفي وسياسي واسع النطاق في العالم العربي، وأينما فسح المجال. وفي لبنان، كما تقول إحدى مقالات صحيفة الحياة، تمثَّل هذا الدعم "في تمويل ميليشيات وأفراد يريدون اختطاف مسيرة التنمية بدوافع طائفية، وأجندات توسعية، هي المسؤول الأول عما آلت إليه الأمور، وشبه ضياع الدولة وانهيارها". (23/ 2/ 2016).الأمين العام الأسبق لحزب الله، الشيخ صبحي الطفيلي يناشد إيران "أن تعيد النظر بالكامل بجذور مبادئها وعلاقاتها مع شيعة لبنان وعموم لبنان والمنطقة، كما أن هذا الكلام ينطبق على الآخرين، فالآخرون ودول الخليج أولى بالمطالبة، على الجميع أن يعيد النظر، كي لا تؤخذ المنطقة إلى بلاء عظيم". (الشرق الأوسط، 29/ 2/ 2016).وكيف ينبغي لحزب الله أن يتصرف إزاء الحرب السورية، وما واقع عناصر الحزب اليوم هناك؟ الأمين الأسبق الشيخ صبحي أجاب في المقابلة نفسها: "كان باستطاعتنا أن نبتعد، وأن نعزز مواقعنا لو سلكنا سلوكا عقلانياً، وكنا الطرف الإيجابي الذي يسعى إلى حل المشكلة، والذي يتواصل مع الأطراف كلها، ويحاول أن يطفئ النار. لو جرى ذلك، بتقديري لكنا يمكن أن نكون النموذج الأصلح الذي يثق به الجميع، والذي يلملم جراح الآخرين، للأسف لم يحصل ذلك علما أنه من البدهيات، نحن أصبحنا جزءاً فاعلا وأساسياً من الفتنة بلا مبرر".وعن قرار تدخل "حزب الله" في الحرب السورية أجاب: "كان يقال هناك قرى وأضرحة في سورية نريد أن نحميها، ثم بدأت الأهداف تظهر على الأرض، واليوم وصل الأمر إلى أسوأ بكثير مما ظن الجميع، كأن يقال نحن ذاهبون لحماية النظام، ولحماية الممانعة لمنع التكفيريين. تبين لا هذا ولا ذاك ولا تلك، نحن اليوم ليس أكثر من جنود مرتزقة نقاتل في خدمة السياسة الروسية. باختصار مثل أي مرتزقة في الدنيا تقاتل في سبيل مشاريع الآخرين، وهو فقط مجرد قتيل ليس له دور، هذا دورنا في سورية، سواء أكان إيران أم حزب الله".ورسم الشيخ صبحي قائمة لمسؤولية حزب الله وشيعة لبنان، فقال كلاماً مؤثراً بالغ الخطورة والدلالة لمن يفكر في ما سيقوله التاريخ بعد أعوام: "نحن بعد هذه السنوات من الحرب سندفع الضريبة حتما، هذا أمر وقضاء وقعا، نحن جزء من فتنة دماء الكثير من الأطفال والنساء والرجال في سورية، وهي معلقة في أعناقنا في كل قرية وفي كل حي وفي كل مدينة، يقال هذه الجهة قتلت، وفعلت، وشاركت، وناصرت، وأيدت هذه الجريمة أو تلك، هذا أمر سندفع ثمنه، شئنا أم أبينا.الأثمان ستدفع ولو بعد حين طويل. مصداقيتنا صارت بالحضيض، بل دون الحضيض، وعندما نتحدث عن الوحدة الإسلامية لا أعتقد أن أحداً يصدقنا، الوحدة الإسلامية التي تحدث عنها البعض من حملة هذه الراية، بالتأكيد ينظر إليه العالم الإسلامي باستهزاء وسخرية وقرف، أي وحدة نحن دعاتها إذا تحدثنا عن تحرير فلسطين؟ وهذا الحديث من السفه أن يصدقنا أحد، كل الذي فعلناه كان نقيض القضية الفلسطينية".(الشرق الأوسط، 29/ 2/ 2016).
مقالات
«حزب الله»... ودول مجلس التعاون (1-2)
10-03-2016