كأنه يحمل معاناته دائما أينما كان، ويحمل وطنه بين جنباته بحلوه ومره ويرتحل بين المطارات والمرافئ، وهو يردد أجمل ما كتب وتغنى به من خلال عشقه وهوسه بوطنه العراق.

Ad

وكتب مجموعة أغان تنسجم مع حاله، فكان مثل "الطيور الطايرة" تبحث عن مأوى وتفتش عن ملاذ آمن، مصوراً معاناته التي تغنى بها الفنان سعدون جابر وأنشد: "يا طيور الطايرة مري أبهلي... ويا شمسنا الدايرة شوفي هلي".

كما كتب أغنية "البارحة حنيت إلك... حنة غريب يذكر أحبابه بعد غيبة وسفر"، وأغنية "أرد أجيكم بلكت ألقى الشوق ذاك اللي عرفته"، وأغنية "حسبالي عدينه الوفا والعمر وتوافينا، حسبالي من شفت الفرح بعيونك تراضينا"، وأغنية "مغربين" لياس خضر و"مراضيتك" و"سنبل الديرة" للفنانة مائدة نزهت، وكذلك أغنية "محطات" لقحطان العطار، وكتب لفؤاد سالم وحسين نعمة ولآخرين كثر.

متعدد المواهب

إنه زهير الدجيلي الشاعر والصحافي والكاتب المتعدد المواهب والمهارات الأدبية، حيث كتب العديد من البرامج المتخصصة للأطفال كـ"افتح يا سمسم"، والمسلسلات الدرامية والقصص السينمائية، وانخرط في وظائف متنوعة في عدد من الصحف والمجلات الأدبية والفنية والسياسية، وبقي يتنقل بين الدول وهو مهموم بالوطن ويناضل ضد الظلم والطغيان، حتى حط ركابه في دولة الكويت التي احتضنت من قبله الفنان الراحل فؤاد سالم وغيره من المبدعين العراقيين.

وكان متمردا على واقعه، رافضا غزو صدام لدولة الكويت، فتعاون زهير مع الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، وكتب له مسلسل "زمن الإسكافي" ومسلسل "ديوان السبيل"، وبدأ بكتابة مسلسل "أشعب"، لكن المرض الخبيث أصابه منذ نحو عام 2012 فأوقفه عن تكملة الكتابة.

رحلة نضال جديدة

وبدأ رحلة أخرى جديدة من النضال ضد هذا المرض اللعين، ولايزال يرقد الآن في مركز الرعاية التلطيفية في مستشفى الصباح، وقد عاده كثير من أحبابه وأصدقائه من الكويتيين الذي تربوا على كلمات أغنياته وعاشوا عليها. وكذلك كونه كان مثل بقية العراقيين الشرفاء الذين رفضوا دخول صدام الكويت وغزوها.

وناضل زهير ومن معه من العراقيين المقيمين على أرض الكويت ضد الغزو، وأنشأ هو موقع "الجيران" على الإنترنت ليتوج رفضه، مؤكدا أن العلاقة بين الكويت والعراق لا يمكن أن يقوضها الجبروت والطغيان والدكتاتورية، إذ إنها متجذرة منذ القدم، وأن التواصل الفكري والثقافي والفني والاجتماعي بين البلدين والشعبين لا يمكن أن تغتاله يد الغدر والخيانة، وها هو اليوم محاط من محبيه وأصدقائه من الكويتيين يواصلون السؤال عنه ويشدون من أزره كي يتغلب على ذلك المرض، ويعود من جديد لجمعاتهم وأمسياتهم ولقاءاتهم، فهم يبادلونه مثلما يبادلون كل العراقيين همومهم ووجعهم وألمهم، وتبقى الدعوات لكل محبي وعشاق أعمال زهير الدجيلي بأن يمن الله عليه بالشفاء العاجل، ويعينه على وقوفه بوجه ذلك المرض، كي يعود لنردد معه:

"يمتى تسافر يا قمر وأوصيك؟

والوادم البيها الأمل تدليّك؟

قالولي نيتك صافية

وأولايتك متصافية

قبلك ردت لي أمسافر اليندل هلي.

وقبلك ردت لي أمسافر لديرة هلي.

أشكد دورت... ما حصلت.

وصار العمر محطات.