فاجأ الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز الأوساط الاقتصادية العالمية، بإعلانه أمس خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الاتفاق على إنشاء جسر يربط بين السعودية ومصر عبر مياه البحر الأحمر، وهو المشروع الذي يعد نقلة على مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين، فضلا عن أنه يربط بلاد العرب في آسيا وإفريقيا بريا لأول مرة منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي، ليعيد المشروع اللحمة بين مشرق العالم العربي ومغربه.

Ad

الجسر الذي أعلن الرئيس السيسي تسميته باسم الملك سلمان، يتوقع ألا يقل طوله عن 10 كيلومترات، ومن المرجح بحسب خبراء أن يمر فوق جزيرتي تيران وصنافير في مدخل مياه خليج العقبة، ليصل بين شمال غرب السعودية وسيناء المصرية، ويستفيد مباشرة من المشروع العملاق نحو 1.8 مليون مصري يعملون في السعودية، إذ سيكون في إمكانهم الانتقال براً عبر الجسر دون الصعود شمالا صوب ميناء العقبة الأردني، ومن ثم الانتقال بحرا إلى الشاطئ المصري، ويتوقع أن تستغرق مدة المرور فوق الجسر نحو 20 دقيقة.

ورغم أن اتفاقية إنشاء الجسر لم تعلن بعد، إلا أن مصادر مطلعة أكدت تحمل الجانب السعودي الجزء الأكبر من كلفة بنائه، على أن تتقاسم البلدان الإشراف على الجسر، الذي يعد أحدث وسيلة لاختصار الزمن اقتصاديا، وسط توقعات بأن يكون الجسر بوابة البضائع الخليجية إلى أوروبا، وأن يكون حجم البضائع العابرة للجسر بنحو 200 مليار دولار سنويا.

مستشار وزارة النقل المصرية السابق، د. أحمد سلطان، ذهب إلى أن الجسر المزمع إنشاؤه سيكون نقطة وصل بين إفريقيا وآسيا، ويزيد من حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين، ويخفف من كلفة نقل البضائع والركاب في الاتجاهين، متوقعا في تصريحات لـ"الجريدة" أن تستمر عملية بناء الجسر 3 سنوات.

وبينما اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، أن إنشاء الجسر سيكون نقلة في مستوى العلاقات بين مصر والسعودية، أكد الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، أن فوائد الجسر ستكون كثيرة للبلدين، أهمها تيسير حركة التجارة والأفراد، خاصة في مواسم الحج والعمرة، وحركة العمالة المصرية بدول الخليج، فضلا عن السياحة، إذ سيكون بإمكان الخليجيين استخدام الجسر للوصول إلى منتجع شرم الشيخ السياحي.

وقال عبده لـ"الجريدة" إن الجسر سيتحول إلى ممر دولي ينقل دول الخليج إلى دول شمال إفريقيا ويفتح تواصلا حقيقيا مع دول القارة السمراء، ويسهم في تحقيق تنمية شاملة لكل المنطقة الشمالية للمملكة، بجانب تعظيم المكانة السياحية لمنتجع شرم الشيخ، وتنمية جنوب سيناء بشكل أسرع.

جدير بالذكر، أن فكرة إنشاء جسر بين السعودية ومصر تعود إلى سنوات خلت، كان أكثرها جدية العام 2003، عندما عرض الجانب السعودي التكفل بثلثي مصاريف إنشاء الجسر، إلا أن موقف القاهرة اتسم بالغموض وقتها، في ظل حديث عن عدم رغبة الرئيس الأسبق حسني مبارك، إنشاء الجسر خوفا من أن يؤثر على منتجع "شرم الشيخ"، الذي كان مقرا لإقامته في السنوات الختامية من حكمه.